شهدت أسواق الذهب خلال تعاملات الجمعة الفائت موجة صعود قوية  وصلت الى مستوى 4325 دولاراً للأونصة. هذا الارتفاع اللافت اتخذ شكل حركة شبه عمودية تعكس قوة شرائية واضحة دفعت المعدن الاصفر إلى مستويات جديدة، لكنه في المقابل أثار مخاوف من دخول السوق في حالة تشبّع شرائي حاد قد يمهّد لمرحلة تصحيح قوية في الفترة المقبلة.

من الناحية الفنية، يظهر الذهب في مسار صاعد قوي مدعوم بارتفاع مؤشر ADX إلى 44 واستقرار السعر فوق مؤشرات الاتجاه الفنية، ما يشير إلى سيطرة واضحة للمشترين،  مدعوماً بمؤشرات أخرى، إذ صعد مؤشر القوة النسبية إلى مستوى 91.27 في نطاق يعكس تشبّعاً مفرطاً، وهي كلها إشارات تؤكد أن الزخم الحالي يتجاوز حدوده الطبيعية.

 وتأتي هذه التحركات في ظل تحولات جوهرية في توقعات السياسة النقدية الأميركية، بعد أن خفّض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الفائدة للمرة الثالثة هذا العام، في خطوة دعمت الأصول غير المدرة للعائد. وعمّقت تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الأقل ميلًا إلى التشديد توقعات استمرار دورة التيسير النقدي في 2026، مدفوعة ببيانات سوق العمل التي أظهرت ارتفاعاً كبيراً في طلبات إعانة البطالة، وذلك تزامناً مع اقتراب موعد انتهاء مدة ولايتة وتعيين رئيس  جديد. 

أونصات ذهب (وكالات)

ويستفيد المعدن الاصفر في الوقت الراهن من عوامل أخرى عدة متداخلة، أبرزها تراجع الدولار للأسبوع الثالث الى مستويات 98.43 نقطة، كما تستمر صناديق التحوط والمستثمرون الكبار والبنوك المركزية في تعزيز مراكزهم الشرائية، مدفوعين بتوقعات تباطؤ الاقتصاد الأميركي خلال العامين المقبلين، إلى جانب تراجع عوائد السندات وتصاعد الأخطار الجيوسياسية عالمياً.

وبينما تواصل المعادن الأخرى تسجيل تحركات لافتة ومنها الفضة،  فمع ارتفاع المعدن الأبيض إلى مستويات 63.59 دولاراً للأونصة، يبقى الذهب في بؤرة الاهتمام العالمي. 

 الذهب يقف حالياً على مفترق طرق حاسم؛ فاختراق مستوى 4300 دولار بثبات سيعزّز فرص استمرار الاتجاه الصاعد نحو قمم جديدة، بينما قد يؤدي الفشل في تجاوزه إلى تصحيح طال انتظاره. وبين قوة الأساسيات وضغوط المؤشرات الفنية، يظل المعدن الأصفر لاعباً رئيسياً في مشهد الأسواق العالمية خلال هذه المرحلة الشديدة الحساسية.

**كبيرة  المحللين في "أكيواندكس"