قانون العمل الجديد يشمل العاملين في الزراعة والمنازل... إجازة أبوّة و10 أسابيع مدفوعة للأمومة وحاضنات في المؤسسات

اقتصاد وأعمال 10-12-2025 | 16:50

قانون العمل الجديد يشمل العاملين في الزراعة والمنازل... إجازة أبوّة و10 أسابيع مدفوعة للأمومة وحاضنات في المؤسسات

الأسمر: استمرار استثناء موظفي الإدارات العامة من حق تنظيم النقابات العمالية يعدّ أمراً غير مقبول...
قانون العمل الجديد يشمل العاملين في الزراعة والمنازل... إجازة أبوّة و10 أسابيع مدفوعة للأمومة وحاضنات في المؤسسات
مزراعون في لبنان (مواقع).
Smaller Bigger

تشهد بيئة العمل تحولات متسارعة تفرض على القوانين أن تتجدد كي لا تبقى بعيدة من واقع لم يعد يمزشبه ما كان منذ عقود. وإدراكا لحجم هذا التغيير، بادرت وزارة العمل إلى إطلاق ورشة تعديل شاملة لقانون العمل القديم، سعيا منها إلى بناء إطار قانوني أكثر عدالة وإنصافا، يواكب التطور الاقتصادي والاجتماعي ويعيد تنظيم العلاقة بين الأجير وصاحب العمل بما يعكس معايير العمل الحديثة. وجاءت التعديلات لتقدم رؤية جديدة تقوم على حماية الحقوق، وتعزيز المساواة، وتكريس العمل اللائق، والارتقاء ببيئة العمل نحو معايير أكثر شمولا وأمانا ومرونة.

 

صحيح أن قانون العمل الصادر سنة 1946 شكّل الإطار الأول المنظم للعلاقة بين الأجير وصاحب العمل في لبنان، إلا أنه ظل محدودا في رؤيته، موجها أساسا إلى تنظيم الاستخدام في المؤسسات الصناعية والتجارية، وافتقر إلى تحديد أهداف واضحة للسياسات العمالية. في المقابل، جاءت التعديلات الجديدة لتقدم فلسفة مختلفة تماما، إذ وضعت أهدافا صريحة تقوم على العمل اللائق، والمساواة، والعدالة الاجتماعية، ومنع التمييز في الاستخدام والمهنة، وتأمين بيئة عمل آمنة وصحية، والتشديد على القضاء على عمل الأطفال والعمل الجبري.

 

من عيوب القانون القديم أنه استثنى فئات واسعة مثل العمال الزراعيين والعاملين في الخدمة المنزلية، فيما توسعت التعديلات الجديدة لتشمل هذه الفئات وتمنحها حماية قانونية واضحة. كذلك أدخلت أشكالا حديثة من العمل لم تكن معروفة عند وضع القانون القديم، مثل العمل عن بعد والعمل الجزئي والعمل الموسمي، وحددت حقوقا وواجبات تتناسب مع هذه الأنماط الجديدة.

 

في ما يخص النساء، شكل التعديل نقلة نوعية. فبينما كان القانون القديم يحدد إجازة الأمومة بسبعة أسابيع فقط، ارتفعت هذه المدة في القانون الجديد إلى 10 أسابيع بأجر كامل، مع خفض ساعات عمل الحامل ومنع تشغيلها في الأعمال الخطرة أو الإضافية. كذلك، ألزمت المؤسسات إنشاء حضانات أو التعاون مع حضانات قريبة، في خطوة تعكس توجها اجتماعيا متطورا يدعم النساء العاملات.

 

وفي مجال حماية القاصرين، اكتفى القانون القديم ببعض المواد العامة، بينما قدّم الجديد نظاما شاملا لحماية الأحداث، فحدد ساعات عمل لا تتجاوز الـ30 أسبوعيا، في موازاة تشديد العقوبات على أسوأ أشكال عمل الأطفال.

 

ومن أبرز الفروق أيضا، إدخال باب خاص بذوي الإعاقة. إذ بعدما كان القانون مستقلا، برزت في القانون الجديد مادة تلزم المؤسسات تشغيل نسبة 3% منهم، وضمان التجهيزات الملائمة لهم.

 

أما في ما يتعلق بساعات العمل والإجازات، فقد حافظ القانون الجديد على الحد الأقصى البالغ 48 ساعة أسبوعيا، لكنه قدم تنظيما أكثر دقة، فجرى احتسابها على مدى سنوات العمل في المؤسسة، وأدخل إجازة الأبوة التي لم يكن لها وجود سابقا. 
وفي موضوع الأجر، جاء التعديل ليقدم تعريفا أكثر شمولية للعناصر التي تتكون منه، ويمنع أي شكل من أشكال اقتطاع الأجر غير القانوني، ويلزم الدفع بالعملة الرسمية أو بما يتفق عليه الطرفان.

 

وترافق ذلك مع تعزيز غير مسبوق للسلامة والصحة المهنية. فبينما اكتفى قانون 1946 بقواعد عامة، قدمت التعديلات الجديدة نظاما متكاملا يفرض إنشاء هيئات وطنية للسلامة، ويمكّن وزارة العمل من إقفال المؤسسات عند وجود خطر وشيك على حياة الأجراء، ويحدد معايير الإنارة والتهوئة ومساحات العمل والوقاية من المخاطر.

 

أما في ما يتعلق بعقد العمل، فبينما اعتمد القانون القديم بساطة في الشكل الشفوي أو الخطي من دون شروط واضحة، فرض القانون الجديد إعداد عقد خطي باللغة العربية، وحدد شروط التجربة ومدد العقود وآليات التصريح بما يمنع الاستغلال ويعزز الشفافية. 

 

مشروع التعديلات، رأى فيه الاتحاد العمالي العام خطوة متقدمة تحمل إيجابيات واضحة، لكنه في حاجة إلى إعادة صياغة بعض المواد لإزالة التناقضات وضمان التطبيق الفعلي، بما يحقق حماية أفضل للعامل ويعزز التوازن المطلوب بين مصالح العمال وأصحاب العمل في سوق تحتاج إلى تحديث مستمر.

 

وأشار رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر لـ"النهار" إلى أن مشروع القانون يتضمن أحكاما مهمة ترفع مستوى حقوق العمال في بعض المجالات، ما يعدّ إشارة إيجابية نحو تعزيز حماية العمال، لكنه لفت إلى أن دمج قانون الوساطة والتحكيم وعقود العمل الجماعية مع قانون العمل وقانون طوارئ العمل قد لا يكون الطريقة المثلى، معتبرا أن تعديل كل قانون على حدة أفضل، خصوصا للانطلاق من قانون العمل الجديد كأساس قبل الانتقال إلى المراحل التالية.

 

ورأى الأسمر أنه "لا يجوز اقتراح تعديل قانون العمل المرن قبل بدء تطبيقه وإصدار مراسيمه التطبيقية، وأن استمرار استثناء موظفي الإدارات العامة من حق تنظيم النقابات العمالية يعدّ أمراً غير مقبول"، مؤكدا أن "هذا الحق يجب أن يشمل جميع العمال من دون استثناء".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/10/2025 6:25:00 AM
تحاول الولايات المتحدة تذويب الجليد في العلاقات بين إسرائيل والدول العربية من خلال "الديبلوماسية الاقتصادية"
تحقيقات 12/10/2025 8:10:00 AM
يعتقد من يمارسون ذلك الطقس أن النار تحرق لسان الكاذب...
شمال إفريقيا 12/10/2025 6:38:00 AM
على خلاف أغلب الدول العربية، لم يحدث أي اتصال بين تونس ودمشق، ولم يُبادر أيٌّ من البلدين بالتواصل مع الآخر بشكل مباشر أو غير مباشر.
شمال إفريقيا 12/10/2025 6:44:00 AM
الرغبة الجامحة لدى البابا في زيارة الجزائر قابلتها العديد من التساؤلات حيال الخلفيات التي جعلته يولي هذا الاهتمام ببلد عربي أفريقي لم يذكر غيره بهذا الزخم المعرفي من قبل.