الرياض وواشنطن تعيدان تشكيل التحالف الاقتصادي بمشاريع عملاقة

مقالات 20-11-2025 | 08:00

الرياض وواشنطن تعيدان تشكيل التحالف الاقتصادي بمشاريع عملاقة

تتقدم مشاريع الذكاء الاصطناعي والبنية الرقمية لتصبح مركز الثقل في التحالف الاقتصادي الجديد.
الرياض وواشنطن تعيدان تشكيل التحالف الاقتصادي بمشاريع عملاقة
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يمازح الأمير محمد بن سلمان في المكتب البيضاوي، 18 نوفمبر 2025. (أ ف ب)
Smaller Bigger

تشهد العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة تحوّلاً واسعاً يذهب أبعد من الأنماط التقليدية، إذ تتقاطع مصالح الدولة ورجال الأعمال والتكنولوجيا المتقدمة في شبكة من المشاريع، التي بدأت تتبلور بقوة خلال زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، هذا الأسبوع. فقد أعلن الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترامب رفع حجم الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة، خلال السنوات المقبلة، من 600 مليار دولار، اتُّفِق عليها خلال جولة ترامب الخليجية في أيار/مايو، إلى تريليون دولار، في خطوة تؤكّد ثقة الرياض وواشنطن في الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بينهما. 

تزامنت الزيارة مع استضافة واشنطن قمة الاستثمار السعودية - الأميركية، التي جمعت كبار الرؤساء التنفيذيين لشركات أميركية كبرى مثل "شيفرون" و"كوالكوم" و"فايزر". وشهدت القمة إطلاق جملة مشاريع مشتركة ترتكز على التكنولوجيا والطاقة والصناعة، ما يعزز مكانة السعودية كأحد أبرز مصادر الاستثمار الخارجي في الاقتصاد والسوق الأميركيين.

في محور التكنولوجيا، تتقدّم مشاريع الذكاء الاصطناعي والبنية الرقمية لتصبح مركز الثقل في التحالف الاقتصادي الجديد. فقد أعلنت شركات سعودية نيتها ضخّ مليارات الدولارات في مراكز بيانات أميركية متقدّمة، في حين توسّع "غوغل" و"أمازون ويب سيرفيسز" و"أوراكل" الأميركية حضورها في المملكة عبر إنشاء مراكز بيانات ومسرّعات ابتكار وبرامج تدريب رقمي متقدّمة. ويعزّز هذا التوجّه شراكة نوعية بين "إنفيديا" الأميركية و"هيوماين" السعودية لنشر منظومة حوسبة عالية الأداء داخل المملكة، ما يمنح الأخيرة قدرة تنافسية في عصر الذكاء الاصطناعي ويهيئها لتكون مركزاً رقمياً إقليمياً.

وفي قطاع الطاقة، يبرز مشروع الهيدروجين الأخضر في مدينة "نيوم" بوصفه أحد أكبر المشاريع في العالم، وهو ثمرة شراكة بين "إر برودكتس" الأميركية و"أكوا باور" السعودية. ويمثّل المشروع تحوّلاً نوعياً نحو الطاقة النظيفة، فيما تستمر "جي إي فيرنوفا" الأميركية في تقديم حلول طاقة متقدمة تشمل توربينات عالية الكفاءة تساهم في تحديث منظومة الكهرباء السعودية.

أما في التصنيع المتقدم، فتواصل السعودية أداء دور محوري من خلال استثماراتها الكبرى في "لوسيد موتورز" الأميركية، التي افتتحت مصنعاً لها في جدة ليكون أول منشأة لإنتاج سيارات كهربائية تابعة لها خارج الولايات المتحدة. كذلك تنخرط شركات تكنولوجية أميركية عملاقة في مبادرات تدريب وصناعة رقمية تساعد المملكة على دخول سلاسل القيمة العالمية.

لكن أحد أبرز التطورات كان في قطاع الدفاع والطيران، إذ أعلن ترامب خلال زيارة الأمير محمد دعمه بيع المملكة مقاتلات من طراز "إف-35"، وهو ملف لطالما ارتبط بحسابات أمنية وسياسية. وتترافق هذه الخطوة مع توسّع تعاون الرياض مع "بوينغ" في صفقات تأجير طائرات وشرائها، في تأكيد جديد على عمق الشراكة الدفاعية بين البلدين.

إلى جانب هذه الجوانب الرسمية، برزت أيضاً المشاريع المرتبطة مباشرة بـ"منظمة ترامب"، والتي تضيف بعداً خاصاً إلى العلاقة الاقتصادية. فقد أعلنت "دار غلوبال" السعودية البريطانية عن مشروع فندقيّ فاخر يحمل اسم "ترامب إنترناشونال" في جزر المالديف، يضمّ عشرات الفيلات، ويعتمد في جزء من تمويله على نظام التوكنيزيشن (tokenization)، وهو أسلوب حديث يقوم على التمويل الرقمي للأصول العقارية. كذلك يجري تطوير مشروع عقاري ضخم في جدة يحمل علامة ترامب التجارية. وتجمع ارتباطات مالية كبيرة بين السعودية وعائلة ترامب، تشمل عوائد ترخيص واستشارات ومشاريع تطوير عقاري.

في المحصلة، تستند هذه المشاريع إلى ثلاث ركائز أساسية: أولاً، التوجه السعودي نحو اقتصاد المستقبل القائم على التكنولوجيا والطاقة النظيفة والصناعة؛ ثانياً، سعي الولايات المتحدة بقيادة ترامب إلى جذب رؤوس الأموال العالمية وترسيخ حضورها في القطاعات الاستراتيجية؛ ثالثاً، امتداد شبكة المصالح الخاصة التي تربط الرياض بالقطاع الخاص الأميركي وعلى رأسه "منظمة ترامب". ووفق هذه الركائز تتحول الشراكة السعودية - الأميركية إلى نموذج اقتصادي جديد أكثر ديناميكية، قادر على تأسيس مشاريع عملاقة تعيد تشكيل التحالفات وتفتح آفاقاً أوسع للتنمية والاستثمار في السنوات المقبلة.

الأكثر قراءة

اقتصاد وأعمال 11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
لبنان 11/20/2025 4:27:00 PM
نوح زعيتر ينحدر من قرية (الكنيسة) في أقصى البقاع الشمالي اللبناني المحاذي لسوريا، ويحيط نفسه بحماية مشددة، وهو مطلوب للإنتربول الدولي.  
لبنان 11/20/2025 5:35:00 PM
الحادثة وقعت خلال وجود أولاد الزوجين في المدرسة، الذين صُدموا لدى عودتهم بالمشهد المؤلم في داخل المنزل