تسعى "منظمة ترامب" جاهدة لتوسيع كبير لممتلكاتها ذات العلامة التجارية في المشاريع العقارية الطموحة المملوكة للحكومة السعودية، وأبرزها - وأكبرها ربما - مشروع الدرعية. يسلط هذا المشروع الضوء على طبيعة التداخل بين نهج الرئيس الأميركي دونالد ترامب السياسي ومساعيه العائلية - التجارية العالمية، بحسب تقرير موسع نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

يقول جيري إنزيريلو، الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير بوابة الدرعية وصديق ترامب القديم، إن عقد صفقة متصلة بعقار يحمل علامة ترامب التجارية في الدرعية "وشيك"، فيما يستعد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لزيارته الأولى للولايات المتحدة منذ سبعة أعوام، حيث يتوقع أن يشارك في مناقشات رفيعة المستوى مع الإدارة الأميركية في ملفات متعلقة بالأمن القومي، بما فيها اتفاق دفاع مشترك محتمل، واستفادة المملكة العربية السعودية من التقنيات النووية المدنية الأميركية. 

مشهد جوي للدرعية. (واس)

وترى مؤلفتا التقرير فيفيان نيريم وريبيكا رويز أن التداخل بين الديبلوماسية رفيعة المستوى والمصالح التجارية "سيكون حاضراً حين يناقش الرئيس الأميركي قضايا سياسية وأمنية مع ولي العهد السعودي في البيت الأبيض".

يهدف مشروع الدرعية، الذي تبلغ تكلفته 63 مليار دولار، إلى تحويل مدينة الدرعية التاريخية إلى وجهة سياحية واستثمارية فاخرة، تضم فنادق ومحلات للبيع بالتجزئة ومساحات مكتبية، "النموذج المتوافق تماماً مع نموذج أعمال ترامب المتمثل في علامات تجارية أيقونية لمشاريع متعددة الاستخدامات. وقد شجع مسؤولون سعوديون ترامب على الخوض في غمار هذا النشاط الاقتصادي خلال زيارته الرياض في ايار/مايو الماضي حين أطلعوه على تفاصيل مشروع الدرعية"، ويعترف إنزيريلو بأن الرئيس الأميركي "أبدى حماسةً لهذا المشروع".

لا تُعد صفقة الدرعية المحتملة حدثاً وحيداً، إنما هي جزء من سلسلة من الصفقات الخليجية التي حققها ترامب وعائلته منذ العام الماضي. تعمل "دار غلوبال" (Dar Global)، وهي شركة تابعة لشركة التطوير السعودية البارزة "دار الأركان" والشريك التجاري الأجنبي الأهم لـ"منظمة ترامب"، بصفتها قناة في هذا الإطار. وسبق أن لمّح زياد الشعار، الرئيس التنفيذي لـ "دار غلوبال"، إلى مشاريع ترامب الجديدة في السعودية، بما فيها "برج ترامب" في جدة ومشروعان آخران في الرياض. 

خارج السعودية، تتقدم الفنادق وملاعب الغولف التي تحمل علامة ترامب التجارية في دبي وسلطنة عُمان، كما أبرِمت صفقة لتشييد ملعبٍ لرياضة الغولف في قطر... وذلك كله بتسهيل من "دار غلوبال" نفسها. 

الأمير محمد بن سلمان والرئيس ترامب أمام مخطط الدرعية في مايو 2025. (واس)

تولّد هذه المشاريع في العادة رسوماً ترخيصية كبيرة من خلال استخدام اسم ترامب التجاري، فقد دفعت "دار غلوبال" لـ"منظمة ترامب" 21,9 مليون دولار رسوم ترخيص في العام الماضي، ويذهب جزء من هذا المبلغ مباشرة إلى جيب الرئيس.

تقول نيريم ورويز إن تعهد "منظمة ترامب" الذي قطعته بعد انتخابات 2016 بتجنب عقد الصفقات الأجنبية، انتهى بانتهاء ولاية ترامب الأولى، وقد شهدت ولايته الثانية عودة سريعة إلى التوسع التجاري العالمي يبدو تحسباً لأي نتائج سياسية مستقبلية غير مؤاتية. 

ويتضمن هذا النشاط المستجد تأسيس شركتين في ولاية ديلاوير - DT Marks Dubai DG و DT Marks KSA. وقد ظهرت هاتان الشركتان في إفصاح ترامب المالي لعام 2024، إلى جانب رسوم ترخيص طائلة دفعتها "دار الأركان"، وتشمل 15,9 مليون دولار للشركة التي تستخدم اختصار المملكة العربية السعودية (KSA). وأعلنت "دار غلوبال" أيضاً عن خطط لنوادٍ خاصة تحمل علامة ترامب التجارية في دبي وجدة، يتم الترويج لها على أنها "الوجهة النهائية للنخبة في المدينتين".

يتقدم مشروع الدرعية بسرعة، حيث بيعت فيه وحدات سكنية بقيمة 4 مليارات دولار، اشترى معظمها مستثمرون سعوديون. وتشهد مشاريع "دار غلوبال" التي تحمل علامة ترامب التجارية في الخليج أيضاً مبيعات أولية، مدفوعة بما يصفه الشعّار بالطلب القوي على هذه العلامة. وعلى الرغم من محاولات الشعار للنأي بهذه المشاريع العقارية عن المشهد السياسي، تبقى الخطوط الفاصلة غير واضحة.