مافيا المولّدات: تجاهل القرارات الرسمية وضغط لتغييرها
بين ضجيج المولدات في الأزقة ورائحة الديزل التي تخنق الأحياء، يعيش اللبنانيون يومياً تحت رحمة شبكة باتت تُعرف بـ"مافيا المولدات"، تتحكم بفواتيرهم وتلوّث هواءهم، فيما تبقى الإجراءات الحكومية دون مستوى الآمال.
أصحاب المولدات من جهتهم لا يزالون يتجاهلون القرارات الرسمية، فيرفض غالبيتهم تركيب العدادات الإلكترونية، ويتلاعبون بالتسعيرات الصادرة عن وزارة الطاقة، مع إهمال واضح لشروط السلامة البيئية وغياب الفلاتر التي تحدّ من التلوّث.
وفيما يبدو أن المعركة طويلة بين الدولة وهؤلاء، لا يخفي المعنيون أن ملف المولدات معقد بطبيعته. فأصحاب المولدات يحتكرون مصدر الكهرباء البديل في بلد تعجز فيه الدولة عن تأمين التيار العام، ما يجعل الالتزام بتركيب العدادات أو تطبيق التسعيرة الرسمية أمراً بعيد المنال.

وزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط، بعد تفاقم الشكاوى، أصدر مذكرة موجهة إلى جميع أصحاب المولدات الخاصة، في إطار متابعة جدية لتعميم صدر بتاريخ 12 آب 2025، نص على وجوب الالتزام الصارم بالقوانين والأنظمة المرعيّة الإجراء.
وفي سياق المتابعة، عُقد اجتماع أمس في وزارة الاقتصاد حضره إلى جانب الوزير البساط وزير الطاقة جو صدي، وممثلون عن تجمع أصحاب المولدات الذين اعترضوا على التعرفة الرسمية وطالبوا بتعديلها، معتبرين أنها لا تعكس كلفة التشغيل الفعلية.
في المقابل، رأى رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان مارون الخولي أن ما يجري هو "تواطؤ موصوف" بين الحكومة وأصحاب المولدات. وقال "لم تسجّل أيّ مصادرة فعلية أو محاضر ضبط بحق المخالفين، ما يعني عملياً أن الحكومة منحت المافيا غطاءً رسمياً للاستمرار في نهب اللبنانيين".
وأكد استمرار المخالفات في مختلف المناطق اللبنانية دون أي رقيب أو محاسبة، مؤكداً أن صمت الحكومة يرقى إلى تواطؤ واضح مع هذه المافيا.
ولم يقتصر انتقاده على الجانب الاقتصادي، إذ حذر من كارثة بيئية وصحية، كاشفاً أن المولدات الخاصة ترفع نسبة التلوّث في الهواء إلى 390% فوق المعدل المسموح به، وأن زيوت المحركات تُرمى عشوائياً في التربة والآبار الارتوازية".
الاقتصاد: 634 محضر ضبط منذ بداية العام
وزارة الاقتصاد والتجارة ردّت عبر مصادر في مديرية حماية المستهلك، مؤكدة لـ"النهار" أنها منذ مطلع العام حتى اليوم نظمت 634 محضر ضبط بحق أصحاب المولدات من أصل نحو ألفي كشف ميداني على مختلف الأراضي اللبنانية.
وأوضحت المديرية أن المخالفات تتوزع بين ثلاث فئات رئيسية: عدم تركيب العدادات، عدم الالتزام بالتعرفة الرسمية، عدم تركيب الفلاتر المطلوبة.
وأكدت المصادر أن الدوريات تتابع عملها يومياً بالتعاون مع جهاز أمن الدولة والنيابات العامة المالية والاستئنافية، مشيرة إلى أن بعض البلديات أبدت تعاوناً فعالاً، حيث تمت مصادرة عدد من المولدات وتسليمها للسلطات المحلية.
وأوضحت أن الوزارة تمنح المخالفين مهلاً قصيرة لا تتجاوز عشرة أيام لتصحيح أوضاعهم تحت إشراف القضاء المختص، مؤكدة استمرار الحملة حتى تحقيق الالتزام الكامل على جميع الأراضي اللبنانية.
واضافة الى عمل وزارة الاقتصاد، تنشط المديرية العامة لأمن الدولة في تلقي الشكاوى ومتابعتها وملاحقة المخالفين وقد حررت محاضر ضبط كثيرة في المرحلة الاخيرة للحد من التفلت، وهي تتابع اي شكوى تصدر عبر وسائل الاعلام للاطلاع على تفاصيلها.
نبض