الـUNDO المستحيل
منعطف تاريخي، نقطة تحول، تغيير المسار، تحولات جذرية، عواقب مدمّرة... ومصطلحات أخرى كثيرة استخدمها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في نداء بدا يائساً، وجّهه إلى من اجتمعوا في بيليم البرازيلية إحياءً لمؤتمر المناخ "كوب 30"، معلناً لهم فيه فشل البشرية في الحد من الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية.
المبكي أن أول 10 أعوام بعد اتفاق 190 دولة على إبقاء الاحترار العالمي عند عتبة 1.5 درجة مئوية بنهاية القرن الحادي والعشرين كانت الأحرّ في تاريخ الكوكب. وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن 2024 كان العام الذي دفعنا فيه الاحترار إلى 1.55 درجة مئوية. نداء غوتيريش الذي لا يزال يتردد في أرجاء بيليم دليل على بلوغنا "أول نقطة تحول" في مسار من نقاط متتابعة، ستقودنا إلى عواقب وخيمة.
ربما نغالي في ردة فعلنا حيال "مسار محفوف بالمخاطر" يريد غوتيريش أن نغيّره قبل أن تقع الفأس في الرأس، فتجاوز الحدّ المنصوص عليه في اتفاقية باريس للمناخ قد لا يشمل كل المعمورة... ولكن!
الخوف كل الخوف من أن نستمر في أسلوب حياة لا يُقيم لمستقبل الكوكب وزناً، ولا يقتنع بما يحذر منه غوتيريش وغيره من منعطفات تاريخية، تماماً كما فعلنا في العقد المنصرم، فنجرّ كوكبنا في سلسلة من "نقاط تحول" تمسّ كل مناحي نظامنا البيئي، الأممي، فنساهم في احترارٍ يزيد على 2.5 درجة مئوية. حينها لا ينفع ندمٌ، ولا إجراءات حرجة، ولا تمويل أخضر... ولا زر UNDO يُعيد الحياة ورديةً والهواء نقياً.
عادت الحشرات إلى أيسلندا بعدما كانت خالية منها دائماً، واندثر الكثير من الشعاب المرجانية المدارية، والباقي منها مهدد. ذوبان الصفائح الجليدية على قدم وساق، وقد سجلت الكتل الجليدية في مناطق العالم الجليدية خسارة هائلة للعام الثالث على التوالي. فعلى ذمة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فقد العالم 450 مليار طن من الجليد، وهذه كمية تكفي لملء 180 مليون مسبح أولمبي. الغابات المطيرة تتهافت، ومظاهر الجفاف تتفاقم، ما يجعل هذه الغابات المطيرة أشد عرضة للحرائق التي تضاعفت 25 إلى 35 ضعفاً عما كانت عليه في الماضي. هذه العوامل كلها تضع توازننا الإيكولوجي على حافة الهاوية.
في "كوب 30"، الكلام كثيرٌ، وتبقى تعهدات دول شمال الكرة الأرضية حبرٌ على ورقٍ لايزال يُصنع من أشجار الأمازون المقطوعة!
نبض