بانخفاض طفيف...أرامكو تحقق 97.3 مليار ريال رغم تحديات السوق
سجّلت شركة أرامكو السعودية انخفاضاً طفيفاً في أرباحها الفصلية بنسبة 0.4% خلال الربع الثالث من عام 2025، لتبلغ 97.3 مليار ريال سعودي، مقارنة بـ 97.7 مليار ريال خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً للبيانات المالية الصادرة عن الشركة الثلاثاء. ورغم أن التراجع يُعدّ محدوداً، فإنه يعكس مزيجاً من العوامل الاقتصادية والفنية التي تؤثر في أكبر شركة نفط في العالم في القيمة السوقية والإنتاج.
ما الأسباب العلمية للتراجع ؟
يأتي هذا التراجع الطفيف نتيجة مجموعة من العوامل المترابطة التي يمكن وضعها في ثلاثة محاور رئيسية:
- انخفاض أسعار النفط العالمية:
شهدت أسعار خام برنت خلال الربع الثالث تذبذبات حادة، فتراوحت ما بين 74 و 84 دولاراً للبرميل، متأثرةً بمزيج من ضعف الطلب في آسيا وتباطؤ النشاط الصناعي في الصين وأوروبا. هذا التراجع النسبي في الأسعار ضغط على الإيرادات النفطية لأرامكو، خصوصاً مع اعتمادها الكبير على صادرات الخام كرافد رئيسيّ للأرباح.
- خفض الإنتاج ضمن اتفاق أوبك+:
ساهم التزام المملكة باتفاق أوبك+ لخفض الإنتاج، بواقع مليون برميل يومياً، في دعم الأسعار العالمية، لكنه في المقابل قلّص حجم المبيعات الإجمالي للشركة. هذا الأثر الكميّ انعكس مباشرة على الإيرادات التشغيلية، رغم بقاء هوامش الربحيّة عند مستويات قوية بفضل كفاءة التشغيل.
- ارتفاع تكاليف التشغيل ومشاريع التحول:
تواصل أرامكو ضخّ استثمارات ضخمة في مشاريع التحول نحو الطاقة النظيفة والغاز الطبيعي والبتروكيماويات، في إطار استراتيجيتها طويلة الأمد لتنويع مصادر الدخل وتقليل الانبعاثات الكربونية. هذه التوسعات، رغم أهميتها الاستراتيجية، ترفع التكاليف الرأسمالية والتشغيلية على المدى القصير، ما يضغط على صافي الأرباح في الفترات المرحلية.
رغم التراجع… الأداء التشغيلي لا يزال قوياً
رغم هذا الانخفاض البسيط، لا تزال أرامكو تحقق مستويات ربحية عالية جداً مقارنة بالشركات العالمية في القطاع، إذ تتفوق بهوامش أرباحها التشغيلية، التي تتجاوز الـ 45%، ما يعكس كفاءتها في الإنتاج والتكرير والإدارة المالية. كذلك، واصلت الشركة تعزيز مركزها المالي عبر خفض الديون وتحسين التدفقات النقدية، لتظلّ في موقع متقدّم يُتيح لها الاستثمار بثقة في مشاريعها المستقبلية.
ما هي توقعات توزيعات الأرباح؟
بحسب المؤشرات الحالية، من المرجّح أن تبقي أرامكو على سياسة توزيعات أرباح مستقرّة خلال الربعين المقبلين، إذ تستهدف الشركة تحقيق التوازن بين تقديم عوائد مجزية للمساهمين ودعم خططها الاستثمارية.
ومن المتوقع أن تبلغ توزيعات الأرباح النقدية الإجمالية لعام 2025 نحو 330 مليار ريال سعودي، أي بزيادة طفيفة عن العام الماضي، مدعومة بتحسّن التدفقات النقدية من نشاطات الغاز والبتروكيماويات، بالإضافة إلى الأداء القوي في قطاع التكرير.
وإذا استقرت أسعار النفط فوق مستوى الـ 80 دولاراً للبرميل، خلال الربع الأخير من العام، فقد تلجأ الشركة إلى زيادة طفيفة في التوزيعات الخاصة أو الحفاظ على الحدّ الأعلى من نطاق التوزيع المعلن مسبقاً، وذلك لمواكبة توقعات المستثمرين وتعزيز الثقة بالسهم، خصوصاً مع اقتراب نهاية العام المالي!

كيف يمكن للنمو الاقتصادي المتسارع في السعودية أن ينعكس على أداء أرامكو؟
يشير تسارع النشاط الاقتصادي، وارتفاع مؤشر مديري المشتريات، إلى مرحلة انتعاش قوية في القطاعات الإنتاجية والخدمية في المملكة، ما يخلق بيئة داعمة لزيادة الطلب على الطاقة واستقرار الإيرادات النفطية. بالنسبة إلى أرامكو، هذا الزخم لا يعني فقط تحسناً تدريجياً في مبيعاتها المحلية، بل يفتح أيضاً آفاقاً أوسع للتوسّع في استثماراتها غير النفطيّة، مستفيدة من تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وثقة الأسواق بالاقتصاد السعودي. وبذلك، يمكن القول إن الأداء القوي للاقتصاد السعودي يشكل أرضية صلبة أمام أرامكو لتعزيز نموها المستقبلي وتنويع مصادر دخلها، في وقتٍ تتجه فيه الشركة بثبات نحو التحول من عملاق نفطي تقليدي إلى لاعب عالمي متكامل في مجالات الطاقة والاستدامة.
*نور البيطار محللة أسواق مالية تعمل في شركة ACY Securities Mena
نبض