الاقتصاد الرمادي: كيف ينجو لبنان خارج نظامه؟

اقتصاد وأعمال 08-11-2025 | 08:36

الاقتصاد الرمادي: كيف ينجو لبنان خارج نظامه؟

اليوم، يدور الاقتصاد المحلي ببطء ثقيل. الأسعار بلا مسار، والرواتب تعجز عن مجاراة التضخم، فيما ينكمش الائتمان المنتج داخل النظام المصرفي. وفي الخلفية، تنشأ شبكة مالية موازية بقدر ما هي صامتة، بقدر ما أصبحت ضرورية لاستمرارية النشاط.
الاقتصاد الرمادي: كيف ينجو لبنان خارج نظامه؟
صورة تعبيرية (وكالات)
Smaller Bigger

كان لبنان يومًا ملاذًا مصرفيًا للودائع الإقليمية. استقبل أموال المغتربين ورؤوس أموال خليجية تبحث عن تنويع، وقدّم مستوى من الحرّية المصرفية افتقدته العواصم المجاورة حينها. ذلك الدور تراجع تدريجيًا مع انهيار الثقة، تقلّص العلاقات المراسلة، وتعذّر أي إصلاح جدّي يُعيد هيكلة القطاع.

اليوم، يدور الاقتصاد المحلي ببطء ثقيل. الأسعار بلا مسار، والرواتب تعجز عن مجاراة التضخم، فيما ينكمش الائتمان المنتج داخل النظام المصرفي. وفي الخلفية، تنشأ شبكة مالية موازية بقدر ما هي صامتة، بقدر ما أصبحت ضرورية لاستمرارية النشاط.

شركات صغيرة ومتوسطة تفتح حسابات في دبي والدوحة لتأمين المدفوعات، تعتمد تمويلًا قصير الأجل من المورّدين بدل الاقتراض المصرفي، وتلجأ إلى منصّات دفع رقمية لتجاوز البطء والإجراءات الثقيلة. إنها هندسة بقاء في زمن فقدت فيه الأدوات التقليدية جدواها.

لكن لهذه الديناميكية ثمن غير ظاهر: انتقال حركة الأموال إلى الخارج يحدّ من قدرة المصارف على خلق ائتمان، ويقضم الدور المالي الذي ميّز لبنان لعقود. وفي المقابل، تتعزّز سيطرة العواصم الخليجية على الدفع الإقليمي، مستفيدة من رقمنة سريعة وامتثال مُحكم.

وهنا تبرز معضلة أعمق: اقتصاد بُنِي على خدمات مالية خفيفة البنية يجد نفسه اليوم مجبرًا على إعادة اختراع دوره. فإذا كان الماضي قائمًا على جذب الودائع، فإن المستقبل يتطلّب شبكات دفع نظيفة، هوية امتثال واضحة، وقدرة على إدارة التدفقات بدل انتظارها.

 

صورة تعبيرية (وكالات)
صورة تعبيرية (وكالات)

 

ما نعيشه هو اقتصادًا يعمل من الأطراف حين يفشل المركز. ومع تشدد الرقابة العالمية على التحويلات وتزايد حساسية الامتثال، تضيق المساحات التي يتحرك داخلها هذا النموذج.

هنا السؤال الأساسي: إلى أي مدى يمكن لاقتصاد أن يستمر خارج نصف أدواته التقليدية؟ وهل يتحوّل لبنان إلى تجربة مبكرة للعيش على أطراف الامتثال الرقمي؟
إلى أن تتضح الإجابات، سيبقى جزء من الاقتصاد يتحرّك كما يتحرّك الآن:

يعتمد حلول التكنولوجيا المالية، تمويلًا بديلاً، وشراكات إقليمية… ليملأ الفجوة بين النص والواقع.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

ايران 11/7/2025 7:06:00 PM
طهران تواجه وضعاً مقلقاً بشكل خاص
اسرائيليات 11/7/2025 8:28:00 AM
"يديعوت أحرونوت": نقل أسلحة وتدريبات ميدانية جديدة لحزب الله
سياسة 11/7/2025 4:02:00 PM
بعد أن كتبت "بعلبك إيمتى؟" على تغريدة لأفيخاي... هذا ما جرى معها