الصين تُنهي الإعفاء الضريبي على الذهب: خطوة مفصلية تعيد تشكيل أكبر سوق للذهب في العالم

اقتصاد وأعمال 04-11-2025 | 11:41

الصين تُنهي الإعفاء الضريبي على الذهب: خطوة مفصلية تعيد تشكيل أكبر سوق للذهب في العالم

بموجب التعديل الجديد، لن يُسمح لتجار التجزئة أو بائعي الذهب المعتمدين بخصم ضريبة القيمة المضافة أو استردادها عند بيع الذهب الذي تم شراؤه من بورصة شنغهاي للذهب
الصين تُنهي الإعفاء الضريبي على الذهب: خطوة مفصلية تعيد تشكيل أكبر سوق للذهب في العالم
صورة تعبيرية (وكالات)
Smaller Bigger

بدأت الصين تنفيذ تعديل ضريبي جوهري على سوق الذهب اعتباراً من الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري،  فأنهت الإعفاء الضريبي المعروف على مبيعات الذهب التي تتم عبر بورصة شنغهاي للذهب أو ما يعادلها.

 

وبموجب التعديل الجديد، لن يُسمح لتجار التجزئة أو بائعي الذهب المعتمدين بخصم ضريبة القيمة المضافة أو استردادها عند بيع الذهب الذي تم شراؤه من بورصة شنغهاي للذهب، سواء كان ذهباً استثمارياً على شكل سبائك أو عملات، أو مستخدماً في صناعة المجوهرات أو المواد الصناعية.

 

يشمل القرار مجموعة واسعة من المنتجات، من السبائك العالية النقاء والعملات المعتمدة من بنك الشعب الصيني إلى المجوهرات والمواد الذهبية الصناعية. ويهدف الإجراء الجديد رسمياً إلى تعزيز الإيرادات الحكومية في ظلّ تباطؤ النموّ الاقتصادي في البلاد، وضغوط سوق العقارات، والحاجة إلى موازنة مالية أكثر استقراراً.

 

كيف كانت الحال قبل التغيير؟
قبل هذا التاريخ، كانت لدى تجار الذهب في الصين ميزة ضريبية مهمة؛ فعند شراء الذهب من بورصة شنغهاي للذهب أو الحصول عليه من مخازنها ونظامها المعتمد، كان يُسمح لتاجر التجزئة بخصم ضريبة القيمة المضافة أو تعويضها عند إعادة البيع للمستهلك. بمعنى آخر، كانت تكلفة شراء الذهب للمستهلك أقل نسبياً، لأن جزءاً من العبء الضريبي يُحمَّل على التاجر أو يُعوّض تلقائياً. وقد ساعد ذلك في إبقاء أسعار الذهب الاستثماري والمجوهرات ضمن نطاق تنافسي في الأسواق المحلية، كما شجع الطلب على الذهب كأداة استثمارية وادخارية لدى المستهلك الصيني.

 

يُذكر أن الطلب على الذهب في الصين كان قوياً، سواء من الأفراد أو من قطاع المجوهرات، إذ تُعد البلاد من أكبر أسواق الذهب في العالم في الاستهلاك، مع تزايد أهمية مكوّنات الادخار والاستثمار المادي في المعدن النفيس.

 

 

صورة تعبيرية (وكالات)
صورة تعبيرية (وكالات)

 

التأثيرات المباشرة داخل الصين
وارتفعت تكلفة الذهب على المستهلك النهائي في الصين، إذ لم يعد التجار يستفيدون من الإعفاء الضريبي، ما دفع بعضهم إلى خفض هامش ربحهم أو نقل الزيادة مباشرة إلى المستهلك. هذا التطوّر رفع الأسعار الفعلية للذهب في السوق المحلية وقلّص القدرة الشرائية للمستهلكين.

 

ويُتوقع أن يتباطأ الطلب لدى شرائح المستهلكين الحساسة على السعر، خصوصاً المشترين الصغار أو أولئك الذين يعتمدون على أسعار السبائك كمرجعية في شراء المجوهرات. وقد ينعكس ذلك على حجم المبيعات في قطاع التجزئة، ولا سيما في المدن الثانوية والمناطق ذات الدخل المحدود.

 

من جانب آخر، يتعرض تجار الذهب والمجوهرات في الصين لضغوط متزايدة على هوامش أرباحهم، ما يدفع بعضهم إلى إعادة تسعير منتجاتهم أو التركيز على تصاميم ومنتجات ذات قيمة مضافة أعلى وأقل تأثراً بالهامش الضريبي.

 

التأثيرات على السوق العالمية
وتُعد الصين من أكبر مستهلكي الذهب في العالم، ولذلك فإن أي تراجع محتمل في الطلب الصيني سينعكس مباشرة على الأسعار العالمية للمعدن النفيس، سواء على المدى القصير أو المتوسط. كما يُتوقّع أن يؤدي القرار إلى تغيّر في الفوارق السعرية بين الصين وأسواق الذهب الأخرى مثل هونغ كونغ وسنغافورة والهند، نتيجة اختلاف تكاليف الشراء المحلي بعد فرض الضريبة، وهو ما قد يؤثر على حركة التجارة العابرة للحدود.

 

ويرى بعض المحللين أن هذا التعديل قد يُخفف من وتيرة الارتفاع السريع في أسعار الذهب الذي شهدته الأسواق خلال الفترة الماضية بفعل الطلب الصيني القوي، إلا أنه لن يُلغي العوامل الداعمة الأخرى مثل ضعف الدولار الأميركي، وتوجّه مجلس الاحتياطي الفيدرالي نحو خفض أسعار الفائدة، واستمرار البنوك المركزية في زيادة مشترياتها من الذهب.

 

الرؤية المستقبلية
على المدى القصير، قد تشهد السوق تباطؤاً في نموّ الطلب الصيني على الذهب سواء للاستثمار أو للاقتناء كمجوهرات، ما قد يخفف من وتيرة الارتفاع المفرط في الأسعار. أمّا على المدى المتوسط إلى الطويل، فإذا استمرت العوامل الهيكلية مثل التضخم المحتمل وضعف العملة والأخطار الجيوسياسية وزيادة احتياطيات الذهب لدى البنوك المركزية، فمن المرجح أن يواصل الذهب أداءه الجيد، وإن كان بنموّ أكثر اعتدالاً وأقلّ مفاجأة.

 

وبالنسبة إلى المستثمرين، فإن هذا التطوّر يستدعي الانتباه إلى تكاليف الشراء داخل الصين والفوارق بين الأسعار المحلية والعالمية، إلى جانب مراقبة كيفية تكيّف التجار الصينيين مع النظام الضريبي الجديد، سواء عبر خفض هوامش أرباحهم أو إعادة تسعير منتجاتهم. ومن الناحية السياسية، يحمل القرار رسالة واضحة بأن الحكومة الصينية تسعى إلى تقليص بعض المزايا الضريبية التي كانت تشجع الطلب الاستثماري أو المضاربي على الذهب، في إشارة إلى توجّه جديد نحو ضبط أكبر وتنظيم أعمق لسوق المعادن الثمينة في البلاد.

 

إلغاء الإعفاء الضريبي على الذهب في الصين خطوة محورية تعبّر عن توازن بين حاجة الدولة لتعزيز الإيرادات في ظل تباطؤ اقتصادي وضغوط على القطاع العقاري، وبين التأثير الأكبر على سوق الذهب المحلي من حيث السعر والطلب وسلسلة التوريد الداخلية.

 

يعني ذلك، للمستهلك الصيني، زيادة في تكلفة الشراء وربما تغيّراً في نمط الاستهلاك نحو الذهب كأداة ادخار أقل تكلفة، أو التوجّه إلى أنواع من المجوهرات أقل تأثراً بالهامش الضريبي. وعلى المستوى العالمي، يُضاف هذا التطوّر إلى المتغيّرات التي ينبغي أخذها في الاعتبار عند تحليل سوق الذهب، إذ إن الصين ليست مجرد مستهلك رئيسي، بل لاعب مؤثر في تحديد الأسعار.

 

قد لا يشكل هذا القرار نهاية موجة الصعود في أسعار الذهب، لكنه ربما يمثل بداية مرحلة جديدة من النموّ المعتدل في الطلب الصيني، مع تداعيات واضحة على هيكل الأسعار والتجارة العالمية للمعدن الأصفر.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

كتاب النهار 11/3/2025 5:40:00 AM
يكفي الفلسطينيين إساءة الى لبنان الذي حضنهم، وإساءة الى اللبنانيين على مختالف فئاتهم ومكوناتهم
ثقافة 11/2/2025 10:46:00 AM
"والدي هو السبب في اكتشاف المقبرة، وكان عمره وقتها 12 عاماً فقط سنة 1922."
النهار تتحقق 11/3/2025 10:29:00 AM
تظهر المشاهد الرئيس عون في قاعة كبيرة، وسط أشخاص. وفي المزاعم، "كان يزور "معرض أرضي" في الضاحية". هل هذا صحيح؟ 
وُلدت دواجي في هيوستن بولاية تكساس لأسرة سورية، وقضت طفولتها بين الخليج والولايات المتحدة بعد انتقال عائلتها إلى دبي وهي في التاسعة من عمرها.