تخوض الدول العربية وعلى رأسها السعودية والإمارات وقطر ومصر منافسة قوية لتطوير صناعة الطيران لدى كل منها، سواء من خلال إبرام صفقات طائرات جديدة أم تشييد مطارات جديدة وتطوير مطارات حالية. يأتي ذلك مع تنامي مساهمة قطاع الطيران في الناتج المحلي الإجمالي للشرق الأوسط، وتوقعات بارتفاع الطلب العالمي على السفر بما يراوح بين 3% و3.5%، وبأن يقود الشرق الأوسط معدلات الارتفاع عالمياً بنسبة تراوح بين 4.5% و6.5%، وينمو عدد المسافرين ليصل إلى 5.2 مليارات مسافر بنهاية 2025، بحسب الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا".

مستقبل واعد للطيران العربي

وتشير التوقعات إلى ارتفاع مساهمة قطاع الطيران في الناتج المحلي الإجمالي للشرق الأوسط بأكثر من 150% لتصل إلى 730 مليار دولار خلال عقدين وتحديداً بحلول عام 2043، وتضاعف عدد المسافرين جواً إلى نحو 530 مليون شخص، وذلك وفق تقرير صادر في 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2025 عن مؤسسة أفييشن بيزنس ميدل إيست (Aviation Business) المتخصصة بقطاع الطيران في الشرق الأوسط.

وعلى صعيد الوظائف، توقع التقرير أن يوفر قطاع الطيران في الشرق الأوسط زيادة في الوظائف المباشرة بنسبة 60% بحلول عام 2043، وأن يتضاعف إجمال الوظائف المباشرة وغير المباشرة بنسبة 134% وهي الأعلى عالمياً.

صفقات بمليارات الدولارات
السعودية – 3 صفقات
افتتحت السعودية أول صفقات العام، بإعلان مجموعة السعودية في نيسان (أبريل) إبرام صفقة مع شركة إيرباص الأوروبية لدعم أسطولها بعشرين طائرة جديدة عريضة البدن من طراز (A330neo)، بينها 10 طائرات لمصلحة شركة طيران أديل (flyadeal) التي تمثل ذراع الطيران الاقتصادية للمجموعة، بقيمة 1.2 مليار دولار وفقاً لتقديرات شركة سيريوم أسيند البريطانية للاستشارات، ومن المقرر تسلم الطائرات ما بين 2027 إلى 2029.

وتخطط طيران"أديل" لامتلاك 100 طائرة بحلول عام 2030، فيما يبلغ أسطول مجموعة السعودية حالياً 194 طائرة تساهم في خدمة قطاع الطيران التجاري والاقتصادي والشحن والخدمات اللوجستية، ومن المخطط تسلم 191 طائرات جديدة أخرى خلال الأعوام القليلة المقبلة، وذلك وفق رؤية السعودية 2030 بهدف الوصول إلى 250 وجهة ونقل 330 مليون مسافر و150مليون سائح.

يذكر أن المجموعة السعودية أعلنت في أيار (مايو) من العام الماضي، عن أكبر صفقة طائرات في تاريخ الطيران السعودي مع شركة إيرباص تضمنت شراء 105 طائرات بقيمة 19 مليار دولار، وسيتم توزيع الطائرات على النحو الآتي: 54 طائرة من طراز ايه 321 نيو تتسلمها الخطوط السعودية، فيما ستتلقى "فلاي أديل" للرحلات المخفوضة التكلفة 12 طائرة من طراز ايه 320 نيو و39 طائرة من طراز ايه 321 نيو.

وثاني الصفقات جاءت خلال حزيران (يونيو) الماضي، عندما وقعت شركة طيران الرياض (Riyadh Air) اتفاقاً لشراء 50 طائرة إيرباص من طراز (A350-1000)، عبارة عن 25 طائرة ضمن الطلبية المؤكدة مع خيارات لشراء 25 طائرة إضافية، ويأتي الاتفاق مكملاً لطلبيات شراء أسطول الطائرات الحالية التي تضم 132طائرة، ليصل إجمال الأسطول الجوي لطيران الرياض إلى 182طائرة تحت الطلب.

وثالث الصفقات السعودية كانت خلال حزيران (يونيو)، عندما أعلنت شركة أفيليس (AviLease) السعودية لتأجير الطائرات المملوكة من صندوق الاستثمارات العامة عن توقيع طلبية لشراء 77 طائرة من شركة إيرباص، تنقسم إلى 55 طائرة من طراز (A320neo) و22 طائرة شحن من طراز (A350F)، وتسلم الطائرات تباعاً حتى عام 2033.

طائرة الاتحاد للطيران (وكالات)

الإمارات – 3 صفقات

تمتلك الإمارات شركات "الاتحاد للطيران"، وطيران الإمارات، و"فلاي دبي"، و"العربية للطيران"، وتحلق رحلاتها حالياً إلى أكثر من 590 وجهة حول العالم، على أسطول يصل إلى 550 طائرة.

وجاءت أولى صفقات الإمارات عندما أعلنت دبي لصناعات الطيران (Dubai Aerospace Enterprise)، خلال آذار (مارس) الماضي، عن توقيع اتفاقات مع أطراف عدة للاستحواذ على 17 طائرة بقيمة نحو مليار دولار (نحو 3.67 مليارات درهم).

وثاني صفقات الإمارات لعام 2025، عندما أعلنت شركة "الاتحاد للطيران"، في أيار (مايو) الماضي، تأكيد طلبية شراء 28 طائرة بوينغ عريضة البدن من طرازات "بوينغ 787" و"بوينغ 777X"، ويتوقع انضمام الطائرات الجديدة الى الأسطول اعتباراً من عام 2028.

وثالث الصفقات الإماراتية كانت خلال تموز (يوليو) 2025، عندما أعلنت دبي لصناعات الطيران عن توقيع اتفاق مع شركة يونايتد إيرلاينز لشراء 10 طائرات جديدة من طراز (بوينغ 9-737)، ويتوقع تسلم الطائرات ما بين آب (أغسطس) 2025 وشباط (فبراير) 2026.

وتمتلك دبي لصناعات الطيران أسطولاً يضم 750 طائرة، بينها 225 طائرة من طراز بوينغ.

قطر – صفقة واحدة

وأعلنت الخطوط الجوية القطرية، في  أيار (مايو) الماضي، توقيع اتفاق مع شركة بوينغ الأميركية لشراء 210 طائرات بوينغ عريضة البدن (160 طلب شراء مؤكّداً و50 من خيارات الطائرات)، بقيمة 96 مليار دولار، وتتنوع الصفقة بين 130 طائرة من طراز "787 دريملاينر"، و30 طائرة من طراز "9-777"، أكبر طائرة ذات محركين في العالم، وخيارات لـ50 طائرة إضافية من طراز "787" و"إكس 777".

البحرين – صفقة واحدة

وقعت شركة "طيران الخليج" الوطنية البحرينية، خلال تموز (يوليو) 2025، اتفاقاً مع شركة بوينغ الخميس لشراء 12 طائرة من طراز "787 دريملاينر" مع خيار شراء 6 طائرات إضافية، في مقابل 7 مليارات دولار.

مصر – صفقة واحدة

وأعلنت شركة "مصر للطيران،" في حزيران (يونيو) الماضي، تقدمها بطلب إلى شركة إيرباص لشراء 6 طائرات إضافية من طراز "إيرباص إيه 350-900"، ما يرفع إجماي طلب الشركة على هذا الطراز إلى 16 طائرة.

سوريا – صفقة واحدة

ووقّعت الحكومة السورية اتفاقاً أولياً مع شركة إيرباص في آب (أغسطس) الماضي، يشمل تمويلاً بقيمة 250 مليون دولار لشراء ما يصل إلى 10 طائرات من طراز "A320" ذات الممر الواحد لمصلحة شركة الخطوط الجوية السورية.

ويقول الخبير في شؤون الطيران، الطيار المدني عصام أحمد، لـ"النهار" إن قطاع الطيران في منطقة الشرق الأوسط بدأ يسترد عافيته منذ مرحلة الإغلاق العام خلال جائحة كوفيد-19، ورغم التوترات الجيوسياسية العالمية لا تزال حركة الطيران والسفر الجوي في نمو، ولكن هناك تحديات تواجه هذه الصفقات المليارية لشراء الطائرات، أبرزها ضعف سلاسل الإمداد حتى الآن، خصوصاً أن شركتي بوينغ وإيرباص لا يزال لديهما تأخيرات في تسليم الطلبيات، وهو ما يعرض شركات النقل الجوي لأزمات ويضطرها للجوء إلى استخدام طائرات قديمة لسد الطلب المتنامي على السفر.

ونوه الخبير في شؤون الطيران بأن غالب الناقلات الجوية العربية والعالمية أصبحت تتعاقد على المحركات وقطع غيار الطائرات أثناء تعاقدها على صفقات شراء الطائرات، وذلك لضمان عدم توقف سير العمل حال حدوث أي عطل فني، مشيداً بتجربة الإمارات التي لديها شركة ستراتا، التابعة لـشركة مبادلة للاستثمار المتخصِّصة في صناعة أجزاء هياكل الطائرات والتصنيع المتقدِّم، ونجاحها في تسليم 100 ألف قطعة من أجزاء هياكل الطائرات لعملائها من كبريات شركات صناعة الطيران العالمية.