عودة البنوك السعودية إلى سوريا: بوابة لتعافي الاقتصاد واستعادة الثقة الاستثمارية

اقتصاد وأعمال 29-10-2025 | 21:00

عودة البنوك السعودية إلى سوريا: بوابة لتعافي الاقتصاد واستعادة الثقة الاستثمارية

يشهد المشهد الاقتصادي في سوريا تحولاً تدريجياً مع استهداف البنوك السعودية الدخول إلى السوق المحلية، في خطوة تعكس تقارباً عربياً متجدداًوفرصاً واعدة لإعادة بناء الثقة بالاقتصاد السوري.
عودة البنوك السعودية إلى سوريا: بوابة لتعافي الاقتصاد واستعادة الثقة الاستثمارية
سوريا-(وكالات)
Smaller Bigger

في تطور لافت يمثّل بدء مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي في المنطقة، يشهد التعاون السعودي - السوري زخماً متزايداً بعد عقد الطاولة المستديرة الاستثمارية بين الجانبين في الرياض، بمشاركة رفيعة المستوى من كبار المسؤولين والمستثمرين.

 

ويهدف هذا اللقاء إلى تعزيز الاستدامة في التعاون الاقتصادي بين البلدين، ووضع أسس شراكات استراتيجية في مجالات حيوية، بما يدعم تعافي الاقتصاد السوري الذي يسعى إلى النهوض بعد أكثر من عقد من الصراع والدمار.

 

وفي هذا الإطار، تمثل الخطوات المتبادلة بين الجانبين تأكيداً لجدية التوجه نحو تعزيز التكامل الاقتصادي، إذ وُصفت الاجتماعات الأخيرة بأنها بداية تحول نوعي في العلاقات الاقتصادية بين الرياض ودمشق. وفي هذا السياق، أكد وزير المالية السوري محمد يسر برنية، على هامش الاجتماع، أن هناك بنوكاً سعودية ستدخل إلى سوريا خلال المرحلة المقبلة، في خطوة تمثل دفعة قوية لمسار التعاون المالي والمصرفي بين البلدين.

 

وأضاف أن هذه الخطوة تأتي في إطار تعميق التعاون المالي وفتح الباب أمام مزيد من الاستثمارات الخليجية، بما ينعكس إيجاباً على استقرار النظام المالي السوري وقدرته على تمويل مشاريع التنمية وإعادة الإعمار.

 

الطاولة المستديرة الاستثمارية بين السعودية وسوريا (وكالات)
الطاولة المستديرة الاستثمارية بين السعودية وسوريا (وكالات)

 

حراك واسع

 

 يواكب هذا التوجه حراك واسع لمصرف سوريا المركزي لتطوير البنية التحتية المالية وتعزيز الشفافية والنزاهة في العمل المصرفي، تمهيداً لفتح فروع جديدة لمؤسسات مصرفية أجنبية، في مقدّمها البنوك السعودية.

 

وتُعدّ هذه الإصلاحات جزءاً من استراتيجية أشمل تهدف إلى خلق بيئة مصرفية آمنة وجاذبة، تسهم في استعادة الثقة بالاقتصاد الوطني، وفي تحفيز التدفقات الاستثمارية من الخارج.

 

صندوق النقد الدولي

 

تأتي هذه التحركات في وقت تتزايد فيه المؤشرات إلى انفتاح سوريا على المؤسسات المالية الدولية، إذ جرى الاتفاق أخيراً على استقبال بعثة من صندوق النقد الدولي لإجراء مشاورات تمهيدية نحو برنامج للإصلاح الاقتصادي والمالي، غير مرتبط بالقروض.

 

ومن المقرر أن يتضمن هذا التعاون تقديم مساعدات فنية في مجالات الإدارة المالية العامة، والإصلاح المصرفي، وإحصاءات الاقتصاد الكلي، وإدارة الدين العام، بما يتماشى مع أولويات الحكومة السورية الرامية إلى تعزيز الانضباط المالي واستعادة التوازن النقدي.

 

ويُنظر إلى هذه الخطوات مجتمعة باعتبارها مقدمة أساسية لتهيئة المناخ الاستثماري استعداداً للمرحلة الأهم، وهي إعادة الإعمار، التي تُقدّر كلفتها، وفق البنك الدولي، بنحو 216 مليار دولار بعد نزاع كبير استنزف البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية في البلاد.

 

وتُعد هذه العملية إحدى أكبر التحديات التي تواجه السلطات السورية، لكنها في الوقت نفسه تمثل فرصة اقتصادية هائلة أمام الشركات والمستثمرين الراغبين في دخول السوق السورية.

 

 

 

انفتاح كامل

ترى الخبيرة الاقتصادية، حنان رمسيس، في حديث إلى "النهار"، أن الاقتصاد السوري يسير حالياً نحو الانفتاح الكامل على العالم بعد سنوات من العزلة، وأن دخول البنوك السعودية يشكل رسالة ثقة قوية.

 

وتوضح بأن "السعودية بطبيعتها تبحث عن تحويل الأخطار إلى فرص، وهو ما يجعل دخولها السوق السورية خطوة استراتيجية من شأنها جذب مستثمرين آخرين من دول مختلفة، وتعزيز قبول النظام المالي السوري على الساحة الدولية".

 

وتضيف أن نجاح التجربة مرهون بتوفير بيئة استثمارية آمنة وتشريعات مالية واضحة، وهو ما تدعمه تصريحات وزير المالية السوري، التي تؤكد وجود نية جادة لفتح المجال أمام المصارف الأجنبية، وتطبيق سياسات نقدية مستقرّة تقوم على مبدأ تكافؤ الفرص، مشيرة إلى أن الميزة النسبية للاقتصاد السوري حالياً تتمثل بغياب القروض الخارجية، ما يمنح البلاد مرونة أكبر في جذب رؤوس الأموال من دون أعباء ديون دولية.

 

وتؤكد الخبيرة رمسيس أن دخول البنوك السعودية يمثل نقطة تحول في مسار الاقتصاد السوري، ليس فقط لقدرته على تنشيط القطاع المصرفي وتمويل المشروعات الحيوية، بل أيضاً لما يحمله من رمزية سياسية واقتصادية تشير إلى عودة سوريا التدريجية إلى محيطها العربي، واستعادة الثقة الدولية في قدرتها على النهوض من جديد.

 

تطور قوي

 

 تشهد العلاقات السعودية – السورية خلال المرحلة الأخيرة تطوراً قوياً؛ ففي منتدى الاستثمار السعودي – السوري، الذي انعقد في تموز (يوليو) الماضي في العاصمة دمشق، تم توقيع 47 اتفاقية بقيمة تجاوزت الـ 24 مليار ريال سعودي، شملت مذكرات تفاهم وتعاون بين جهات حكومية وخاصة من الجانبين.

 

وجرى خلال المنتدى الإعلان عن استثمارات ضخمة تمثل نواة لشراكة اقتصادية جديدة بين الرياض ودمشق، بما يعكس ثقة المستثمرين السعوديين بمستقبل الاقتصاد السوري وإمكاناته الواعدة.

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/25/2025 1:09:00 PM
تأتي هذه الخطوة في وقت تعاني فيه العديد من المدارس السورية نقصاً حاداً في المقاعد الدراسية
اقتصاد وأعمال 10/28/2025 10:49:00 AM
يعطي المدعي العام المالي القاضي ماهر شعيتو عناية خاصة لملف المبالغ المستعادة ومتابعة كل تفاصيله.
النهار تتحقق 10/28/2025 1:58:00 PM
أثارت الصورة تساؤلات عن صحتها، خصوصاً انه ليس من المألوف ظهور رئيس البرلمان اللبناني بالدشداشة والشبشب. 
لبنان 10/27/2025 8:02:00 PM
أثار خبر مقتل الشاب إيليو أبو حنا برصاص فلسطيني في مخيم شاتيلا عضباً لبنانياً كبيراً.