الرهن العقاري في الكويت: خطوة جريئة تغير مشهد التمويل والإسكان وتفتح سوقاً بـ65 مليار دولار
في خطوة مرتقبة من شأنها إحداث تغيير جذري في المشهد المالي للكويت، تتجه الحكومة للموافقة على تشريع يسمح للمصارف بتقديم خدمات الرهن العقاري لأول مرة. هذه الخطوة، التي تعد نقطة تحول رئيسية، قد تفتح سوقاً تقدر قيمتها بنحو 65 مليار دولار، مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في محافظ القروض لدى البنوك بنسبة تصل إلى 40%.
تحول في سياسة الإسكان
لطالما كانت الكويت تعتمد على نظام إسكان مدعوم حكومياً، بحيث يحصل المواطنون المتزوجون على منازل بأسعار مدعومة أو أراض مصحوبة بقروض مخفوضة الفائدة. ومع ذلك، واجه هذا النظام تحديات كبيرة، أبرزها تراكم أكثر من 103 آلاف طلب إسكان، ما جعل فترات الانتظار تمتد عقداً من الزمن. في ظل هذه الضغوط، تسعى الحكومة إلى توفير حلول جديدة تساهم في تسريع حصول المواطنين على تمويل سكني مناسب.
من جهته، يلفت الخبير الاقتصادي حسان خضر، المقيم في دولة الكويت، في حديث الى "النهار" إلى أنّ "هذا التشريع كان منتظراً منذ مدة طويلة في الكويت، حيث يفوق الطلب على المساكن حجم المعروض منها. فهو يحمل العديد من الإيجابيات لكل من خزينة الدولة، والقطاع المصرفي، والمواطن الكويتي".
فائدة للدولة والمصارف والمواطن
ويشرح خضر، أن القانون على "مستوى الدولة، سيساهم في تخفيف الأعباء المالية المرتبطة بتأمين السكن للمواطنين، وهي عملية مكلفة، خصوصاَ في ظل تجاوز عدد طلبات الإسكان 95 ألف طلب. ومن المتوقع أن يساهم قانون الرهن العقاري في تقليص الضغط المالي على الموازنة العامة، التي تبلغ حالياً نحو 70 مليار دولار أميركي، وتواصل ارتفاعها مع مرور الوقت، إلى جانب الأكلاف المرتبطة بالبنية التحتية المصاحبة للمجمعات السكنية الحكومية. كما أن هذا التشريع سيعزز الاستثمارات في القطاع العقاري، عبر جذب المطورين المحليين والدوليين".
أما على مستوى المصارف، فيقول: "من شأن القانون أن يتيح فرصاً كبيرة للتمويل المصرفي، وتوظيف الفائض من السيولة المتاحة، كما سيساهم في إنشاء سوق للرهن العقاري، وهو ما تفتقر إليه الكويت حالياً. ورغم وجود بعض المخاطر المحتملة، مثل تعثر المقترضين في السداد أو تراجع قيمة العقارات، فإن وجود سوق عقارية منظمة وقائمة على تشريعات واضحة سيساهم في تقليل هذه المخاطر على المصارف التجارية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تحويل التمويل السكني إلى المصارف سيزيد من ربحيتها، ويجذب الاستثمارات الأجنبية لشراء أسهمها والمشاركة في أنشطتها".
أما بالنسبة الى المواطن، يتابع الخبير الاقتصادي، فإن "القانون سيمنحه فرصة لامتلاك المسكن الذي يتناسب مع حاجاته من حيث المساحة والتكلفة، مع إمكان بيعه والتصرف فيه بحرية، إذ ستصبح التزاماته حيال المصارف بدلاً من الدولة. وهنا يكمن دور البنوك في تقييم الملاءة المالية للعملاء وضمان قدرتهم على السداد".
إصلاحات تشريعية مطلوبة
عموماً، يُعد هذا القانون خطوة بالغة الأهمية للكويت، ومن المتوقع أن يشكل دفعة قوية للاقتصاد الوطني، في إطار الجهود الحكومية المستمرة لتنويع مصادر الدخل وتخفيف الأعباء المالية عن الموازنة العامة.
ويشير خضر إلى "ضرورة استكمال الإصلاحات التشريعية المرتبطة بالمشكلة الإسكانية، وإزالة العقبات التي تحول دون تمكين المواطنين من امتلاك مساكنهم الخاصة، خصوصاً في ما يتعلق بالتمويل والدعم السكني. كما ينبغي العمل على استكمال منظومة التمويل العقاري من خلال إنشاء كيانات جديدة تدعم القطاع، مثل المؤسسات الاستشارية المتخصصة في التصنيف الائتماني، والتي تقيّم القدرة المالية للمستثمرين على السداد خلال فترة الائتمان، إضافة إلى تطوير دور الخبراء والوسطاء العقاريين لتعزيز كفاءة السوق".

تفاؤل الأسواق وتوسع الاستثمارات
لم يكن إدخال قانون الرهن العقاري التغيير الوحيد في السياسة الاقتصادية للكويت مؤخراً، إذ وافق مجلس الوزراء أيضاً على إصدار سندات دولية للمرة الأولى منذ ثماني سنوات، مما عزز ثقة الأسواق. كما شهدت البورصة الكويتية أداءً متفوقاً على نظيراتها الخليجية، مدفوعة بقوة قطاع البنوك، حيث سجلت مؤسسات مالية مثل بنك بوبيان وبنك برقان وبنك وربة ارتفاعات تجاوزت 17%.
نبض