وثائقي ميلانيا ترامب: 40 مليون دولار مقابل الخصوصية

ثقافة 29-12-2025 | 13:49

وثائقي ميلانيا ترامب: 40 مليون دولار مقابل الخصوصية

حين تتحوّل السيدة الأميركية الأولى إلى الحدث!
وثائقي ميلانيا ترامب: 40 مليون دولار مقابل الخصوصية
السيدة الأميركية الأولى ميلانيا ترامب. (أ ف ب)
Smaller Bigger

في أواخر كانون الأول/ديسمبر، طُرح إعلانٌ تشويقي بهدوءٍ، حقّق ما نادراً ما حقّقته سنواتٌ من الصمت العام حول ميلانيا ترامب... لقد جعلها هي القصة! فيلم "ميلانيا" وثائقي طويل، يُفترض أن يبدأ عرضه في صالات السينما في 30 كانون الثاني/يناير 2026، يصل محمولاً بإطارٍ فخم ذي طابع "حدثي" يُخصَّص عادةً للمنعطفات السياسية الكبرى، داعياً الجمهور إلى "مشاهدة التاريخ وهو يُصنع"، فيما يتتبع سيدة البيت الأبيض عبر "20 يوماً لتصبح السيدة الأولى للولايات المتحدة الأميركية".

تُقدّم "استوديوهات أمازون" الفيلم بوصفه بطاقة عبور إلى أكثر مسارح السياسة الحديثة انضباطاً وتحكّماً: مرحلة الانتقال الرئاسي. ويَعِد الوصف الرسمي بـ"وصول غير مسبوق" إلى الأيام العشرين التي سبقت التنصيب الرئاسي عام 2025، متضمِّناً "لقطات حصرية" من "اجتماعات مفصلية" و"محادثات خاصة"، بينما تتنقّل ميلانيا بين ترتيبات حفل التنصيب، وتسليم البيت الأبيض، والعودة إلى الحياة العامة مع عائلتها. نبرة الإعلان المصقولة، والواعية بذاتها في آنٍ، تستثمر فكرة "الكواليس". ففي مقطع فيديو تشويقي، تُجري ميلانيا اتصالاً من مكتب مُذهَّب لتهنئة دونالد ترامب، وتعلّق ببرود ساخر على متابعة الأخبار؛ ثم تتوجّه لاحقاً إلى الكاميرا قائلة: "الجميع يريد أن يعرف، وها هو الجواب".

 

ملصق مبدئي لوثائقي ميلانيا ترامب. (IMDb)
ملصق مبدئي لوثائقي ميلانيا ترامب. (IMDb)

 

40 مليون دولار
رقم المشروع العريض يعلو بقدر ما تعلو وعود الجماهيرية: صفقة حقوق تُقدَّر بـ40 مليون دولار لصالح "أمازون". وفي سوقٍ وثائقي باتت تشكّله شهية منصّات البثّ، يشير هذا الرقم إلى رهانٍ أقرب إلى "فرنشايز" منه إلى عملٍ نخبوّي رفيع، ولا سيما مع الإعلان عن سلسلة وثائقية متعددة الأجزاء ترافق ميلانيا بين برج ترامب في نيويورك، ومارالاغو في بالم بيتش، وواشنطن العاصمة. وتؤكّد استراتيجية الإطلاق المنطق نفسه: عرضٌ سينمائي أولاً، يتبعه البثّ على منصة "برايم فيديو".

الفيلم لا ينفصل عن أكثر اختياراته إثارةً للجدل: المخرج بريت راتنر. فبعد أن كان اسماً تجارياً موثوقاً، لم يعمل راتنر على إنتاجٍ هوليوودي كبير منذ عام 2017، حين اتهمته ستّ نساء بالتحرش وسوء السلوك الجنسي في تقارير أحدثت شرخاً في الصناعة. قطعت "وارنر براذرز" علاقتها به، بالرغم من أنه نفيه الاتهامات. وتشير صحيفة "الغارديان" إلى أنّ الوثائقي يعمل بوصفه "مركبة عودة"، ما يعيد فتح نقاشٍ تحاول صناعة الترفيه حسمه دورياً بالمسافة والزمن: ماذا يعني أن تُعيد شركات توزيع كبرى تأهيل رجالٍ نافذين وُجِّهت إليهم اتهامات في حقبة #MeToo؟

 

ميلانيا ترامب في مشهد من الوثائقي. (أمازون)
ميلانيا ترامب في مشهد من الوثائقي. (أمازون)

 

ذاكرة مؤلَّفة
من جهتها، وصفت ميلانيا ترامب نافذة العشرين يوماً بأنها استثنائية الأهمية، وتستحقّ التوثيق بعناية. وقالت لقناة "فوكس نيوز" إنّ "العشرين يوماً من حياتي، التي سبقت تنصيب الرئيس الأميركي، تُشكّل لحظة نادرة وحاسمة؛ لحظة تستدعي عناية دقيقة ونزاهة وحِرَفية لا تقبل المساومة". وأضافت أنها "فخورة بمشاركة هذه اللحظة المحددة جداً من حياتي… مع روّاد السينما والمعجبين حول العالم". تبدو العبارة مزيجاً من تبريرٍ فنّي ودرعٍ اعتبارية؛ فالفيلم يُقدَّم أقلّ بوصفه رسالة سياسية، وأكثر كذاكرةٍ مؤلَّفة، قيّمَتْها صاحبتها.

من المرجّح أن يعود الفيلم الوثائقي إلى محطّات أساسية من فترة التنصيب. فقد كانت ميلانيا ترامب إلى جانب زوجها في جميع المراسم الرسمية ليوم تنصيبه عام 2025، من البروتوكول الصباحي، إلى مراسم أداء اليمين في مبنى الكابيتول، وصولًا إلى حفل التنصيب الفخم في المساء. وعلى خلاف عام 2017، حين دخلت المشهد السياسي بوصفها وافدة جديدة، خاضت ميلانيا التنصيب عام 2025 وهي تمتلك خبرة أربع سنوات في دور السيدة الأولى.

 

ميلانيا ترامب في مشهد من الوثائقي. (أمازون)
ميلانيا ترامب في مشهد من الوثائقي. (أمازون)

 

لدى عودتها إلى البيت الأبيض، تابعت ميلانيا مبادراتها الخاصة، فاستضافت مائدة مستديرة حول تعليم الأطفال الذكاء الاصطناعي، ودعمت تشريعات تهدف إلى حظر المواد الإباحية المزوّرة بتقنيات "التزييف العميق" (deepfake). وتشير هذه الأنشطة إلى أنّ الفيلم قد لا يكتفي باستعراض المظاهر الاحتفالية والطقوس البروتوكولية، بل سيتطرّق أيضاً إلى الدور العملي والفعلي الذي تسعى السيدة الأولى إلى أدائه خلال ولايتها الثانية.

من المذكرات إلى الشاشة
انبثقت فكرة الوثائقي من السيدة الأولى نفسها. ففي عام 2024، أصدرت ميلانيا مذكّراتها التي حملت اسمها، وحقّقت مبيعات مرتفعة، مقدّمةً للجمهور لمحة من مسيرتها الشخصية. وقد ألهمها التفاعل الواسع من مؤيّديها الذين عبّروا عن رغبتهم في "سماع المزيد" لنقل سرديّتها إلى الشاشة. وقالت ميلانيا، مستذكرة تلك اللحظة: "كانت لديّ فكرة أن أصنع فيلماً، فيلماً عن حياتي"، موضحةً بأنّ حياتها "استثنائية" و"مزدحمة بشكل لا يُصدّق".

 

ملصق مبدئي لوثائقي ميلانيا ترامب. (IMDb)
ملصق مبدئي لوثائقي ميلانيا ترامب. (IMDb)

 

أدّت ميلانيا دوراً فاعلاً في تشكيل المشروع بوصفها منتجةً تنفيذية للفيلم الوثائقي، ما منحها نفوذاً واسعاً على مضمونه ورسائله. وبحسب جميع الروايات، صيغ الفيلم بوصفه رؤية ميلانيا الخاصة لسرد قصتها. بدأ التصوير في أواخر عام 2024، وامتدّ خلال الفترة الحرجة الفاصلة ما بين انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر ويوم التنصيب. وتابع فريق الإنتاج السيدة الأولى في تنقّلاتها بين نيويورك، حيث تحتفظ عائلة ترامب بمقرّ سكني ومصالح تجارية، ومدينة بالم بيتش في ولاية فلوريدا (مقرّ مارالاغو العائلي) وواشنطن العاصمة. ويعكس هذا المسار مقاربة ميلانيا الخاصة لدور السيدة الأولى، إذ كانت قد أشارت إلى نيّتها توزيع وقتها بين واشنطن وقواعد العائلة الأخرى.

على أيّ حال، سيُحاكَم "ميلانيا" ليس فقط بما يكشفه، بل أيضاً بما يتكتّم عليه. فوثائقي "من خلال عيني السيدة الأولى المنتخبة نفسها"، وفق ما يؤكّد وصف "أمازون"، قادرٌ على تقديم نسيجٍ غني بالدراما، ومشحون باللحظات الخاصة، ويظل في الوقت نفسه أداةً للتحكّم بالصورة. في هذا الإطار، تكمن الرهانات الحقيقية للشعار الطموح "معاينة التاريخ". والسؤال هو، حين تُطفأ الأنوار في 30 كانون الثاني/يناير ليبدأ العرض، هل سيُعاين الجمهور التاريخ فعلاً، أم أكثر نسخه إخراجاً وإتقاناً؟!

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/29/2025 6:20:00 PM
القادة هم: أبو عبيدة ومحمد السنوار ومحمد شبانة ورائد سعد وأبو عمر السوري.
اقتصاد وأعمال 12/29/2025 5:34:00 AM
"بات من مصلحة المكلفين التصريح عن مداخيلهم وتسديد الضرائب ضمن المهل القانونية، تفاديا لرفع السرية المصرفية عن حساباتهم"
لبنان 12/29/2025 12:37:00 PM
سمير جعجع دعا إلى عدم التصويت لمحور الممانعة أو "التيار الوطني الحر"
سياسة 12/29/2025 7:00:00 AM
صباح الخير من "النهار"...إليكم أبرز الأخبار والتحاليل لليوم الاثنين 28 كانون الأول / ديسمبر 2025