احتفل الفنان الأسطوري ديك فان دايك أخيراً بمحطّة استثنائية: عيد ميلاده المئة، وقد فعل ذلك بروح الفكاهة ذاتها التي تميّزه، وبنبرة تأمّل عميقة، ومع تصريح لافت: "مئة سنة ليست كافية".

وتحدّث النجم، الذي امتدّت مسيرته لأكثر من سبعة عقود، صراحة في مقابلاته بمناسبة بلوغه المئة عن عمره الثلاثيّ الأرقام، متأمّلاً حياته وأعماله وحبّه الذي لا يخبو لفنّ الأداء. وقال: "أطرف ما في الأمر أنّها ليست كافية. مئة سنة ليست كافية؛ تريد أن تعيش أكثر"، مضيفاً بابتسامة عريضة أنّه ينوي بالفعل فعل ذلك.

حياة صاغتها البهجة والضحك
وُلد ريتشارد واين فان دايك في مدينة ويست بلاينز بولاية ميزوري عام 1925، وكبر في إيلينوي حيث برز حسّه الكوميدي منذ صغره. صعد إلى المسرح للمرة الأولى في طفولته، وهي الإشارة الأولى إلى الطاقة الفكاهية التي سترافقه طوال حياته ومسيرته.

جاءت انطلاقته الكبرى مع مسلسل "The Dick Van Dyke Show" بين 1961 و1966، الذي أصبح من كلاسيكيات التلفزيون المحبوبة. ثمّ تألّق في أفلام أيقونية مثل "Mary Poppins"، و"Bye Bye Birdie"، و"Chitty Chitty Bang Bang"، مُظهراً موهبة لافتة تجمع بين الكوميديا الجسدية والأداء الغنائي والاستعراضي. وخلال مسيرته، حصد فان دايك باقة واسعة من الجوائز، بينها "توني" و"غرامي" و"إيمي"، وفي 2024 أصبح أكبر الفائزين سناً بجائزة "إيمي" لبرامج النهار.

ديك فان دايك. (وسائل التواصل)

حكمة قرنٍ من الحياة
شكّل عامه المئوي أيضاً مناسبة لإصدار مذكّراته "100 قاعدة للعيش حتى المئة: دليل المتفائل لحياة سعيدة"، الصادر في تشرين الثاني/أكتوبر، والذي يقطّر فيه خلاصة تجربته الطويلة بنصائح عملية، من العناية بالصحة الجسدية والعقلية إلى تعزيز الفرح والمرونة.

ويُرجع فان دايك جزءاً كبيراً من طول عمره إلى التمارين المنتظمة، والعقلية الإيجابية، والبقاء ذهنياً منشطاً، وهي عادات يشجّع الآخرين على اتباعها في أيّ سن. وقال في مقابلة حديثة: "تحدّيات الحياة لا تختفي، لكن الحفاظ على نظرة إيجابية يجعلنا نتخطّاها كأننا نرقص".

تحدّيات على الطريق
لم يكن بلوغ المئة سنة خالياً من المتاعب. فقد كان فان دايك صريحاً بشأن حقائق التقدّم في العمر، بما في ذلك محدودية الحركة وبعض الآلام التي ترافق طول العمر. لكن حسّه الفكاهي بقي كما هو، إذ يمزح عن محاولاته الحفاظ على نشاطه رغم "ساق متعبة".

كما تحدّث صراحة عن صراعاته السابقة مع الإدمان على الكحول والتدخين، وهي دروس يرويها كجزء من رحلة قوّة ونموّ ذاتي. وحتى في مئة عام، لا يبدو أنّ فان دايك يفكّر في التوقّف. سواء في تأمّله مسيرته الطويلة، أو تقديمه كلمات حكيمة للأجيال الشابة، أو في استمتاعه بتفاصيل الحياة اليومية، يظلّ شغفه بالحياة واضحاً. وقال: "مئة عام تبدو طويلة… لكنني لم أنتهِ بعد".