معرض استعادي شامل للفنانة الأميركية أليسون نولز في سان اتيان
أوراس زيباوي
يقام في متحف الفنون الحديثة والمعاصرة في مدينة سان إتيان معرض استعادي شامل للفنانة الأميركية الرائدة أليسون نولز، التي توفيت قبل أسبوع من الافتتاح، عن عمر يناهز الثانية والتسعين في مدينتها نيويورك حيث عملت نحوًا من نصف قرن.
المعرض في إطار التعاون بين المتاحف الفرنسية والأميركية، وهو بمثابة تكريم لهذه الفنانة التي تبقى غير معروفة في فرنسا، مما يمنحه قيمة إضافية ويؤكد تميزها كخلاّقة نسائية.

يستعرض المعرض مسيرة الفنانة منذ انضمامها الى حركة Fluxus الفنية التي تأسست في نيويورك في مرحلة الستينات من القرن الماضي ونادت بإلغاء الحواجز بين الفن والحياة اليومية، متأثرة بأفكار الحركة الدادئية الأدبية والفنية التي نشأت في أوروبا عام 1916 وبنتاج الفنان الفرنسي مارسيل دوشان (1887-1968)، الذي أعاد التفكير في معنى العمل الفني مطلع القرن العشرين.
كانت أليسون نولز الفنانة الوحيدة في مجموعة فنية هيمن عليها الرجال، ومنهم جورج ماسيوناس الذي آمن بضرورة كسر الحدود بين تفاصيل الحياة العادية والفنون كالموسيقى والرقص والمسرح والشعر. شملت نشاطات المجموعة تنظيم الحفلات الموسيقية والعروض المسرحية بإيماءات متفاعلة مع الجمهور ونشر كتابات ورسوم مصممة بشكل مبتكر.

من أهداف المعرض إبراز الوجوه المتعددة للفنانة نولز المتعددة الوسائط وكيف لجأت الى تقنيات وجماليات بصرية وسمعية للتعبير عن هواجسها. كانت تؤمن بالفن المعيش وبأن الشعر حاضر في تفاصيل العالم المادي. الفن لها، هو ذريعة لتصل الى الناس والحديث معهم، معتمدة على مواد بسيطة من الحياة اليومية كحبات الفاصوليا المجففة والأصداف والمعلبات.
نشاهد في المعرض سلسلة من الأوراق على شكل رقائق مصنوعة من القشور الخارجية للبصل، تحمل عنوان "ثلاث أغنيات"، أنجزتها الفنانة عام 1971 وتَظهر عليها إشارات تذكّر بالبقع السوداء على جدران مغاور ما قبل التاريخ.

ركزت الفنانة في تجهيزاتها الفنية على عناصر الصوت والموسيقى والصورة، كما في "حديقة الفاصولياء" عام 1975 و"كتاب الفاصولياء" عام 1981، وتم تسجيل هذه الأصوات لاحقا في أسطوانة صدرت عام 2021 ويمكن الاستماع إليها في المعرض. في هذا الصدد تقول الفنانة "في تجهيزاتي وعروضي الإيمائية أنجذب الى الأشياء بسبب الأصوات الصادرة عنها. تتكون فرقتي الموسيقية من الفاصولياء والعدس وألعاب الأطفال والورق... تخرج كل مادة من صمتها وتؤدي دورها في تجهيزاتي، ثم تعود الى الصمت".
إن اختيار متحف الفنون الحديثة والمعاصرة في سان إتيان لإقامة معرض هذه الفنانة الطليعية يكرس من جديد دوره كواحد من أهم المتاحف الفرنسية خارج العاصمة باريس. وهو يملك مجموعة فنية نادرة تقدم بانوراما شاملة للفنون الفرنسية والعالمية من القرن التاسع عشر حتى اليوم، ويتميز بعمارته الحديثة، وأقيم فيه أكثر من أربعمئة معرض منذ افتتاحه عام 1987 شاهدها أكثر من مليوني شخص.
نبض