بماذا ينفرد المتحف المصري الكبير عن المتحف القومي للحضارة؟

ثقافة 31-10-2025 | 06:00

بماذا ينفرد المتحف المصري الكبير عن المتحف القومي للحضارة؟

يجسّد المتحف المصري الكبير سمات التفوّق في الحضارة المصرية القديمة بما يليق بمكانتها التاريخية.
بماذا ينفرد المتحف المصري الكبير عن المتحف القومي للحضارة؟
مشهد من المتحف المصري الكبير. (أ ف ب)
Smaller Bigger

يأتي افتتاح المتحف المصري الكبير قرب هضبة الأهرام في الجيزة، في احتفالية كبرى تستقطب أنظار العالم، بمثابة تكريس لفلسفة التنوّع المتحفي العريقة في مصر، التي تعود إلى القدم منذ عهد المتاحف المفتوحة في معابد مصر الفرعونية قبل آلاف السنين؛ وهي فلسفة تحظى بتقدير دولي واسع النطاق في العصر الحالي، لإسهامها في حفظ التراث الحضاري، وإتاحته للإنسانية من كل حدب وصوب.

يستكمل المتحف منظومة المتاحف الاستثنائية في مصر، وهي منظومة متشعّبة تضمّ قائمة بارزة من المتاحف تناهز المئة، على رأسها "المتحف القومي للحضارة المصرية" في الفسطاط، الأول من نوعه في مصر والعالم العربي كمجمع متكامل للإبحار عبر التاريخ في الحضارات المصرية المتعاقبة.

 

مشهد من المتحف المصري الكبير. (أ ف ب)
مشهد من المتحف المصري الكبير. (أ ف ب)

 

ويجسّد المتحف المصري الكبير سمات التفوّق في الحضارة المصرية القديمة بما يليق بمكانتها التاريخية، وقد حظي تصميمه اللافت بجوائز دولية عدّة، منها "جائزة فرساي" كأحد أجمل المتاحف في العالم عام 2024، و"جائزة المشروع الأفضل عالميّاً" من الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين، إضافة إلى "شهادة المباني الخضراء" كأول متحف أخضر في أفريقيا والشرق الأوسط.

ويختلف عن المتحف القومي للحضارة المصرية في الفسطاط، المقام على مساحة 130 ألف متر مربع، في أمور أساسية تتعلّق بالمراحل الأثرية الخاصة بكل متحف، وطبيعة المقتنيات، إلى جانب الهدف المتحفي، ونسق البناء، وغير ذلك.

جناحان للتاريخ المصري
في تصريح لـ"النهار"، يوضح مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير، وهو واحد من المشرفين على الإنشاءات في مراحل تشييد المتحف المصري الكبير، أنّ المتحف المصري الكبير والمتحف القومي للحضارة المصرية يمثلان جناحين رئيسيين في رؤية مصر الحديثة لتقديم تاريخها الإنساني العظيم، عبر مناهج عرض مختلفة، وفلسفات متباينة، في العرض المتحفي.

المتحف المصري الكبير، وفق عبد البصير، "هو متحف الحضارة المصرية القديمة في أبهى صورها، إذ يُعدّ أكبر متحف في العالم يخصّص لحضارة واحدة، ويقع عند سفح الأهرام ليكمل المشهد الحضاري المتصل بين الماضي والحاضر. وتقوم فلسفته على عرض تطوّر الفكر والمجتمع والفن والدين في مصر القديمة منذ عصور ما قبل التاريخ حتى نهاية العصر اليوناني الروماني. وتصميمه المعماري فريد، إذ تبدو هندسته مستوحاة من خطوط الأهرام والضوء الطبيعي، ليكون المتحف نفسه امتداداً بصريّاً وروحيّاً للموقع الأثري".

 

مشهد من المتحف المصري الكبير. (أ ف ب)
مشهد من المتحف المصري الكبير. (أ ف ب)

 

ويضمّ المتحف، وفق الخبير الأثري، نحو مئة ألف قطعة أثرية، أبرزها مجموعة الملك توت عنخ آمون الكاملة التي تُعرض للمرة الأولى مجتمعة، إلى جانب تماثيل، ونقوش، وكنوز معمارية توثق مراحل المجد المصري منذ الدولة القديمة حتى نهاية الحكم البطلمي.

ويشير إلى أنّ المتحف المصري الكبير "لا يتضمّن آثاراً من العصور الإسلامية أو القبطية أو الحديثة، إذ يختصّ بالحضارة المصرية القديمة فقط، بما فيها عصور الفراعنة والبطالمة، الذين يُعدّون امتداداً ثقافيّاً للحضارة المصرية ضمن حقبتها الكلاسيكية". ويؤكّد عبد البصير أنّ المتحف "لا يضمّ آثاراً من عهود الغزاة كالفرس والهكسوس وغيرهم في صراعاتهم مع جيوش مصر القديمة، لأنه ليس متحفاً عسكريّاً".

تطوّر الحياة والمجتمع
"أما المتحف القومي للحضارة المصرية في الفسطاط"، يستطرد عبد البصير، "ففلسفته أوسع وأشمل، إذ يروي تاريخ الإنسان المصري عبر العصور كافة؛ القديمة، واليونانية الرومانية، والقبطية، والإسلامية، والحديثة".

يركّز المتحف القومي للحضارة المصرية على تطور الحياة والمجتمع المصري من خلال معروضات توثق التحولات الاجتماعية والعلمية والفنية عبر الزمن، لا على فخامة القطع أو ندرتها فحسب. وأهم قاعاته قاعة المومياوات الملكية، التي تضم مومياوات أعظم ملوك مصر وملكاتها، وقد نُقلَت إليها في الموكب الذهبي الشهير عام 2021.

 

مشهد من المتحف المصري الكبير. (أ ف ب)
مشهد من المتحف المصري الكبير. (أ ف ب)

 

ويلخّص عبد البصير الفرق النوعي بين المتحفين بقوله إنّ "المتحف المصري الكبير هو متحف ينفرد بالهوية الفرعونية والحضارة القديمة، بينما المتحف القومي للحضارة المصرية هو متحف الهوية الوطنية الممتدة عبر العصور". ويشرح: "الأول يطلّ على الأهرام - رمز الخلود - والثاني يقع في الفسطاط - أول عاصمة إسلامية لمصر - في تلاقٍ بديع بين البداية والنهاية، بين الجذور العميقة والتجدد الدائم".

يشار إلى أنّ الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير يأتي بعد رحلة طويلة استغرقت عشرين عاماً منذ تهيئة موقع المشروع، فيما انطلقت أعمال البناء عام 2016، وبدأ التشغيل التجريبي للمتحف في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي 2024.

ويضمّ المتحف مدخلاً ضخماً تبلغ مساحته نحو 7 آلاف متر مربع، يتوسّطه تمثال الملك رمسيس الثاني، وفيه أيضاً الدرج العظيم الممتدّ على مساحة تبلغ 6 آلاف متر مربع. وتتضمّن مقتنيات المتحف ما يزيد على 57 ألف قطعة أثرية تمثّل العصور المصرية القديمة، منها أكثر من 5 آلاف قطعة من كنوز الملك توت عنخ آمون تُعرض مجتمعة للمرة الأولى منذ اكتشافها.

أما المتحف القومي للحضارة المصرية، فقد بدأت فكرة تأسيسه بمساعٍ من اليونسكو والحكومة المصرية عام 1982، وجرى وضع حجر الأساس له عام 2002 في قلب مدينة الفسطاط، أقدم العواصم الإسلامية في أفريقيا. ويضمّ المتحف الكثير من القطع الأثرية المتنوعة التي تبرز التراث المادي واللامادي لمصر عبر العصور المختلفة للحضارة المصرية، إضافة إلى قاعة للمومياوات، وأخرى للنسيج المصري.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/31/2025 2:00:00 PM
أشقاء الشرع.. مسؤولان بارزان في الحكومة وثالث "معاقَب"
شمال إفريقيا 10/31/2025 9:38:00 PM
 مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار ينص على أن تتمتع الصحراء الغربية بحكم ذاتي تحت سيادة المغرب
ثقافة 10/30/2025 10:50:00 PM
بعد صراع طويل مع المرض...
اقتصاد وأعمال 10/31/2025 4:25:00 AM
استقرّ مؤشر الدولار بالقرب من أعلى مستوياته في ثلاثة أشهر مقابل العملات الأخرى ما يجعل الذهب أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.