محمد سلماوي "شخصية العام الثقافية" في معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025

أعلنت "هيئة الشارقة للكتاب" اختيار الكاتب والمسرحي المصري محمد سلماوي "شخصية العام الثقافية" للدورة الرابعة والأربعين من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، تقديراً لمسيرة أدبية امتدت لأكثر من نصف قرن، قدّم خلالها إسهامات رفيعة في المسرح والرواية والعمل الثقافي العربي.
يُعدّ سلماوي أحد أبرز الأصوات الأدبية في مصر والعالم العربي، إذ شكّل بإبداعه المتنوّع وكتاباته المتفرّدة علامة مضيئة في الأدب العربي المعاصر، وكرّس قلمه للدفاع عن قضايا المثقفين، مساهماً في إغناء المشهد الثقافي العربي وتطويره. وقد تُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات، منها الإنكليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والرومانية والهندية والأوردية، كما عُرضت مسرحياته على خشبات مسارح عالمية في فرنسا وإيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة وكندا. أما رواياته، فتميّزت بعمقها الإنساني ونظرتها الفكرية التي تعكس تحوّلات الإنسان العربي وواقعه الاجتماعي.
ويحمل سلماوي سجلّاً حافلاً بالمسؤوليات الثقافية والإعلامية؛ فقد شغل منصب رئيس اتحاد كتاب مصر لأكثر من عشر سنوات، ورأس تحرير صحيفتَي "الأهرام إبدو" و"الأهرام ويكلي" اللتين ساهمتا في نقل الثقافة العربية إلى القارئ الغربي. واختاره نجيب محفوظ ممثلاً شخصياً عنه في حفل تسلّمه جائزة نوبل للآداب في ستوكهولم عام 1988، تقديراً لمكانته الأدبية الرفيعة.
وخلال مسيرته نال العديد من الأوسمة والتكريمات الدولية، من أبرزها وسام الفنون والآداب الفرنسي بدرجة فارس، ووسام الاستحقاق الإيطالي، ووسام التاج البلجيكي، وجائزة السلام الكبرى من السنغال، إلى جانب جائزة الدولة التقديرية وجائزة النيل في الآداب من جمهورية مصر العربية.
امتداد لنهج الشارقة في تكريم الرموز الثقافية العربية
في الإطار، أكّد الرئيس التنفيذي لـ"هيئة الشارقة للكتاب" أحمد بن ركاض العامري أنّ "تكريم الكاتب الكبير محمد سلماوي يأتي امتداداً لنهج الشارقة في الاحتفاء بالرموز الثقافية العربية التي أسهمت في صياغة الوعي الإنساني وتطوير المشهد الأدبي في المنطقة".
وأشار العامري إلى أنّ "سلماوي ترك من خلال أعماله المسرحية والروائية، بصمة عميقة في الثقافة العربية المعاصرة، تجسّد القيم التي يؤمن بها معرض الشارقة الدولي للكتاب، وهي أنّ الثقافة فعل تنويري ومسؤولية إنسانية مشتركة بين المبدع والمجتمع". وأضاف: "نحتفي هذا العام برمزٍ جمع بين الإبداع الأدبي والريادة الثقافية، وعبّر في أعماله عن قضايا الإنسان العربي بصدق وجمال وعمق، ليؤكد أن الثقافة العربية قادرة على مخاطبة العالم بلغة الفن والفكر والإنساني".
من جانبه، اعتبر سلماوي أنّ "التكريم، حين يأتي من الشارقة، فهو يختلف عن أي تكريم آخر"، مؤكّداً أنّ الإمارة "أصبحت عبر تاريخها المعاصر أحد أهم مراكز إشعاع الثقافة العربية الأصيلة، الثقافة النابعة من الانتماء القومي العربي، في وقت تواجه الأمة العربية تحديات غير مسبوقة، تستهدف هويتها الثقافية والقومية".
ورأى أنّ "احتضان الشارقة سنة بعد سنة لرموز الثقافة القومية العربية يؤكّد لنا صحة خياراتنا، ويبعث فينا الأمل بأن هذه الأمة ناهضة بإذن الله بثقافتها العروبية الأصيلة، التي هي عنوان هويتنا القومية".
مسيرة زاخرة بالعطاء
وُلد محمد سلماوي في القاهرة عام 1945، وتخرّج من كلية فيكتوريا العريقة، قبل أن ينال ليسانس الأدب الإنكليزي من جامعة القاهرة، وماجستير الاتصال الجماهيري من الجامعة الأميركية، وديبلوم مسرح شكسبير من جامعة أوكسفورد. بعد عودته إلى مصر، التحق بهيئة التدريس في جامعة القاهرة، ثم انتقل إلى العمل في جريدة الأهرام بدعوة من محمد حسنين هيكل، ولا يزال يكتب فيها حتى اليوم، إلى جانب رئاسته مجلس إدارة جريدة "المصري اليوم" المستقلة.
وفي رصيده الإبداعي عدد من المسرحيات التي أرست ملامح المسرح العربي الحديث مثل "فوت علينا بكرة" و"سالومي" و"الجنزير" و"القاتل خارج السجن". كما أصدر أربع روايات بارزة من بينها "الخرز الملوّن" التي تُرجمت إلى الفرنسية، و"أجنحة الفراشة" التي استشرفت ثورة يناير، و"زهرة النار" التي تناولت صراع الجيل الجديد مع القيود.
إنّه تكريم يليق برجلٍ حمل الثقافة العربية إلى المنابر العالمية، وجعل من المسرح والرواية مساحةً للحلم والحرية والإنسان.