حين تصير العاصمة احتفالية ثقافية!

ثقافة 13-10-2025 | 17:10

حين تصير العاصمة احتفالية ثقافية!

الرياض مدينةٌ تكتب وتُكتب، تُقرأ وتُقرئ، تنسج من رمالها مكتبة، ومن حضارتها أغنيةً للحرف.
حين تصير العاصمة احتفالية ثقافية!
جانب من معرض الرياض الدولي للكتاب. (هيئة الأدب والنشر والترجمة)
Smaller Bigger

على مساحةٍ تمتدّ في قلب جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، انفتح معرض الرياض الدولي للكتاب 2025 كمدينةٍ من الورق والنور.
قاعاتٌ تتجاور فيها اللغات، وممرّاتٌ تعجّ بالعناوين والأصوات، وأجنحةٌ من كلّ لونٍ وثقافةٍ وفكرةٍ تتبادل النظرات كأنّها تتحدّث بلغةٍ واحدة: لغة المعرفة.

في نسخته لهذا العام، استقبل المعرض أكثر من 2000 دار نشر من نحو 25 دولة، بينها دورٌ من آسيا وأوروبا وأفريقيا، في تظاهرةٍ ثقافيةٍ تُكرّس موقع الرياض كمركزٍ ثقافي عربي متنامٍ.
وقد حلّت أوزبكستان ضيفَ الشرف، حاملةً إلى العاصمة السعودية تراثها العريق في الشعر الصوفي والزخرفة والموسيقى والخطّ واللغة، في تلاقٍ جميلٍ بين السمرقنديّ والعربيّ، بين الشرقين اللذين يتقاطعان في محبة الكتاب.

 

شابة تقرأ في معرض الرياض الدولي للكتاب. (هيئة الأدب والنشر والترجمة)
شابة تقرأ في معرض الرياض الدولي للكتاب. (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

 

تولّت تنظيم المعرض هيئة الأدب والنشر والترجمة، برئاسة الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز الواصل، وهي الجهة التي تشرف على تحويل المشهد الثقافي في المملكة إلى منظومةٍ متكاملةٍ من الإبداع والإنتاج المعرفي. وفي قطاع النشر تحديدًا برز بسام البسام، مدير عام النشر في الهيئة، برؤيةٍ حداثيةٍ تسعى إلى تطوير سوق الكتاب السعودي وربطه بالتحوّلات الرقمية والاقتصادية الجديدة.

ولعلّ أبرز ما يميّز المعرض هذا العام هو اتساع مساحة الحرية الفكرية؛ فالعناوين التي كانت تُصنَّف يومًا “حسّاسة” أو “ممنوعة” باتت اليوم معروضةً على الرفوف، تُناقش بلا رقابةٍ ولا خشية.
إنها تحوّلاتٌ ثقافية حقيقية تشهدها المملكة: وعيٌ جديد يتشكّل، وانفتاحٌ على الحوار، وإيمانٌ بأنّ الكلمة ليست خطرًا بل طريقًا إلى الفهم والنضج.

 

جانب من المعرض. (هيئة الأدب والنشر والترجمة)
جانب من المعرض. (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

 

على مدى عشرة أيامٍ، تدفّق عشرات الآلاف من الزوّار عبر البوابات الإلكترونية الذكية التي نظّمت الدخول بانسيابيةٍ ودقّة، في مشهدٍ يجمع بين التقنية والمعرفة.
لم يكن الزائر مجرّد متفرّج، بل شريكًا في صناعة المشهد الثقافي؛ يحضر الندوات وورش العمل، يشارك في النقاشات حول مستقبل النشر، يستمع لترجماتٍ حيّةٍ من اللغات العالمية، ويلتقط صورًا لعناوين ستصبح جزءًا من مكتبته الشخصية.
وفي أروقة المعرض، تكرّس الحكاية الأكبر: أنّ الكتاب ما زال حيًّا، وأنّ الإقبال عليه لم ينخفض بل ازداد عمقًا وتنوّعًا. فمعارض الكتب لم تعد مجرد مكانٍ للبيع، بل مساحات لقاءٍ وتفكيرٍ وتبادلٍ حضاري.

جامعة الأميرة نورة… الحاضنة للثقافة:

اختيار جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن لاستضافة المعرض لم يكن محض مصادفةٍ تنظيمية، بل اختيارًا رمزيًا يعبّر عن روح التحوّل في المملكة.
فالجامعة، التي تُعدّ أكبر جامعة نسائية في العالم وتضم أكثر من ستين ألف طالبة، تمثّل وجهًا مضيئًا للمعرفة النسائية السعودية، ولإصرار الجيل الجديد من النساء على الحضور في الفضاء الثقافي والفكري.

 

جانب من معرض الرياض الدولي للكتاب. (هيئة الأدب والنشر والترجمة)
جانب من معرض الرياض الدولي للكتاب. (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

 

تحمل الجامعة اسم الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، شقيقة الملك المؤسّس عبد العزيز آل سعود، التي كانت امرأةً مثقفةً ذات بصيرةٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ متقدمة، رأت في التعليم سلاحًا وفي الثقافة نورًا. ومن هنا، فإن إقامة معرضٍ بهذا الحجم في رحابها هو تحيةٌ رمزيةٌ لذاكرةٍ نسائيةٍ سبقت زمنها.

المدينة التي تُقرأ:

ولو حملنا الكاميرات من المعرض
إلى الرياض سنراها عاصمة تغيّرت ملامحها فصارت الكثير من المقاهي مكتباتٍ صغيرة، شوارع تتجاور فيها دور النشر والمراكز الثقافية، ومساءاتٌ تفيض بالندوات والعروض والموسيقى.
في كلّ زاويةٍ من العاصمة صدى كلمة، وفي كلّ واجهةٍ كتاب.
المدينة التي كانت تُعرَف بصلابتها المعمارية باتت تُعرَف الآن بليونة فكرها.
مدينةٌ تكتب وتُكتب، تُقرأ وتُقرئ،
تنسج من رمالها مكتبة،
ومن حضارتها أغنيةً للحرف.

 

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/12/2025 1:32:00 AM
نقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين أمنيين، أن 3 دبلوماسيين قطريين توفوا بحادث في مدينة شرم الشيخ في مصر
المشرق-العربي 10/11/2025 1:12:00 PM
على الرغم من السرّية الشديدة التي تُحيط بمخبأ الأسد الخفي، تمكّن فريق الصحيفة الألمانية من دخول المبنى نفسه والتقوا هناك بوكيلة عقارات محلية عرّفت عن نفسها باسم مستعار هو ناتاشا.
دوليات 10/12/2025 6:57:00 PM
في مقطع فيديو نشره على منصة "إكس"، خاطب غيلر ترامب بالقول: "أرجوك يا دونالد، لا تذهب إلى شرم الشيخ. لديّ شعور قوي بأن حياتك في خطر".