الترند والطابع الفني: رحلة في عالم المقاهي المعاصرة

ثقافة 17-10-2025 | 06:17

الترند والطابع الفني: رحلة في عالم المقاهي المعاصرة

المقهى.. أكثر من مجرد قهوة: تجربة حياة كاملة
الترند والطابع الفني: رحلة في عالم المقاهي المعاصرة
مقاهي ترند (ذكاء اصطناعي)
Smaller Bigger

تخيّل أن تتذوّق قهوتك على طاولة تحمل لمسات فان غوغ، أو تجلس على كراسٍ من العصر الفيكتوري، أو حتى في مقهى مستوحى من مسلسلك المفضّل لتشعر بأنك أحد أبطاله. تخيّل أن تتذوّق قهوتك على طاولة تحمل لمسات فان غوغ!

أو تجلس على كراسٍ من العصر الفيكتوري، أو حتى في مقهى مستوحى من مسلسلك المفضّل لتشعر بأنك أحد أبطاله. وربما تصادف أن تتسلّل ألحان أم كلثوم العذبة لترافق جلستك، فتزيد التجربة عمقاً وحنيناً للماضي.

اليوم، يبحث الناس عن تجربة متكاملة تتجاوز المذاق، لتشمل الديكور، والأجواء، والموسيقى، وحتى القيم التي يعبّر عنها المقهى.

هناك عشرات المقاهي التي أرغب في تجربتها، فهي لم تعد مجرّد أماكن لتناول القهوة، بل باتت وجهات لا تقلّ أهمية عن المعالم السياحية نفسها. أصبح كثيرون يقصدون المقاهي أثناء السفر، لا لمجرد تذوّق كوب قهوة، بل لاختبار تجربة تعكس شخصيات الناس وأذواقهم.

ولأن الاهتمام لم يعد مقتصراً على المكان والأجواء، باتت القهوة نفسها محور التجربة. فالأمر لم يعد مجرد غليها على نارٍ ساخنة، بل أصبح فناً بحد ذاته. في السنوات الأخيرة، انتشرت القهوة المتخصصة، وازداد التركيز على طرق التحضير اليدوية مثل الـ Pour-over والـ Cold Brew، حيث يسعى عشّاق القهوة لاكتشاف النكهة المثالية بكل تفاصيلها، كما أن استخدام مواد صديقة للبيئة وتشجيع الأكواب القابلة لإعادة الاستخدام جعل الزبون يشعر أنه في مكان يفهم معنى الصحة وجودة الحياة.

ولم يعد الأمر يقتصر على القهوة وحدها، فالمشروبات "التريند" كالماتشا، واللوتس، واللافندر لاتيه، والآيس شيكن، لعبت دوراً كبيراً في جعل المقاهي اليوم ترينداً بحدّ ذاتها. أصبح كثيرون يزورونها لتجربة مشروب جديد، أو لالتقاط صورة تحمل طابع المكان، كأنما هي تذكرة دخول إلى عالم من الجمال البصريّ والمذاق المختلف.

المقاهي اليوم لم تعد مجرد مكان لاحتساء القهوة، بل أصبحت مساحة للقاء والتواصل الإنساني، ومتنفّساً يجمع lh بين الراحة والإلهام. فهي المكان الذي يلتقي فيه الغرباء ليصبحوا أصدقاء، والطلاب ليجدوا في ركن هادئ ما يساعدهم على التركيز، والعاملون ليستبدلوا ضجيج المكاتب بنغمة موسيقى ناعمة ورائحة البنّ الطازج.

حتى أن بعض المقاهي لم تعد تكتفي بتقديم المشروبات، بل تحوّلت إلى مساحات تجمع ما بين التجارة والثقافة والترفيه.

فبعضها دمج فكرة التسوّق مع القهوة، لتجد نفسك تحتسي مشروبك المفضل بين رفوف صغيرة تبيع منتجات فنية أو محلية الصنع كالعطور اليدوية، والشموع، والمجلات المستقلة. كأن المقهى أصبح متجراً مصغّراً يحمل روح المكان وهويته.

وفي مقاهٍ أخرى، تُضاف لمسة من المتعة الذهنية عبر الألعاب التي تحتاج إلى تفكير ومواجهة، مثل الشطرنج، أو ألعاب الورق، أو تحديات جماعية تكسر رتابة الجلسة وتخلق روحاً من التفاعل بين الزبائن.

ولا ننسى تلك المقاهي التي أعادت إحياء العلاقة مع الكتاب، حيث يمكنك استعارة رواية تقرأها على مهل، أو الانضمام إلى جلسة نقاش أدبية تُقام في الزاوية نفسها التي شهدت قبل قليل لقاء عمل أو دردشة بين صديقين.


تصور مقهى عصري يجمع بين الطابع الحديث والفني (ذكاء اصطناعاي)
تصور مقهى عصري يجمع بين الطابع الحديث والفني (ذكاء اصطناعاي)

في المقاهي، تختلط الإنتاجية بالترفيه، ويصبح فنجان القهوة وقفة تأمل وسط سرعة الحياة وضغط الأيام. إنها بيئة تعبّر عن أسلوب الحياة المعاصر الذي يجمع ما بين السرعة في الإنجاز والرغبة في لحظة صفاء أو تواصل حقيقي. وفي أغلب الأحيان، تكون المقاهي مسرحاً لبداية الصداقات أو الأفكار أو القرارات الكبيرة؛ فكم من مشروع وُلد على طاولة صغيرة.

وفي سياق "عصرنة" المقاهي، يلفت مقهى Stories الانتباه جامعاً بين الحداثة وروح المدينة، متميزاً  بمواكبة روح "جيل زد" في تقديم تجربة شبابية عصرية ومبتكرة، مع تمسكه بأصل القهوة، من نكهتها الغنية ورائحتها التي تعبق في المكان، إلى طريقة تحضيرها التي تجعل في كل فنجان تجربة لا تُنسى.

ويسعى Stories لاسترجاع روح المقاهي الثقافية القديمة في بيروت، من خلال زوايا ثقافية، فيمكن رواده الجلوس للقراءة أو النقاش في الثقافة والفن، مع التركيز على الطلبة والجامعيين والمثقفين. وبهذا المزج، يصبح Stories أكثر من مجرد مقهى... بل مساحة تعكس روح بيروت وتواكب الأجيال.

 

يمكن القول إن المقاهي تحوّلت إلى أسلوب حياة ومتنفّس للروح، وكم من "نعم" قيلت بمجرد أن نسمع العبارة الشهيرة: "يللا نشرب قهوة؟".

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

ثقافة 10/17/2025 6:10:00 AM
تُعدّ المقاهي الشعبية البيروتية مرآة دقيقة لتحوّلات المشهد الاجتماعي والثقافي للمدينة (1950–1970).
ثقافة 10/17/2025 6:15:00 AM
هذا المشروب الساحر لا يمكن تخيّله منفصلًا عن الشعور بالمشاركة وتحسين المزاج والحب.
ثقافة 10/17/2025 6:17:00 AM
المقهى.. أكثر من مجرد قهوة: تجربة حياة كاملة
ثقافة 10/17/2025 6:12:00 AM
كان الـ "هورس شو" في بناية المرّ قاطرة القافلة التي ضمت مقاهي الـ "إكسبرس" في بناية صباغ، و"مانهاتن" في بناية فرح، ثم مقاهي "نيغرسكو" و"ستراند" و"الدورادو" و"كافيه دو باري" و"مودكا" و"ويمبي" وغيرها.