غربة محزنة بين رواية "الشتاء الكبير" لأنطوان الدويهي والنقد الأدبي

ثقافة 07-10-2025 | 09:26

غربة محزنة بين رواية "الشتاء الكبير" لأنطوان الدويهي والنقد الأدبي

أحزنتني الغربة العميقة بين رواية  "الشتاء الكبير" من جهة، وبعض ما وصلني من كتابات نقدية عنها  من جهة أخرى
غربة محزنة بين رواية "الشتاء الكبير" لأنطوان الدويهي والنقد الأدبي
ليليان يمين.
Smaller Bigger

ليليان يمين

 

 

أنا أتابع كتابات أنطوان الدّويهي الأدبية، الشعرية والسردية والروائية، باهتمام منذ ثلث قرن، منذ نشره "كتاب الحالة" في "دار النهار" عام 1993 الذي يقيم منذ ذلك الوقت إلى جانب كتب قليلة جدا على الرفّ الأقرب إلى سرير نومي، وما زلت أذكر حفل توقيعه حينها وقد كان أشبه بمهرجان ثقافي لا يزال حاضرا في ذاكرتي حتى اليوم. كما أتابع عن كثب كل ما كُتِب عن أعماله . عشرات، بل مئات المقالات العميقة، الجميلة، المؤثرة، التي تناول فيها كبار الكتّاب والنقاد عالم الدّويهي الأدبي الفريد في الآداب العربية، في جماليته الآسرة، وفي غوصه في أعماق النفس البشرية، وولوجه روح الأمكنة والمشاهد والحالات، وفي توقفه الساحر عند "اللحظات المتوهّجة"، وفي وحدته وتكامله من ألفه إلى يائه، مستمدّاً بكليته من الحياة الداخلية التي يصفها الدّويهي بأنها " الكون برمته، من أقصاه إلى أقصاه، فإن انطفأت انطفأ الكون".

 

أحزنتني الغربة العميقة بين رواية  "الشتاء الكبير" من جهة، وبعض ما وصلني من كتابات نقدية عنها  من جهة أخرى.

 

تستحيل الكتابة عن "الشتاء الكبير" إذا لم يكن المرء ملمّاً بعالم الدويهي الأدبي والجمالي، وبجغرافيته الفسيحة الممتدة على ضفتي العالمين، نظير حياته، وإذا كان غير ملمّ ب"أدب الأعماق". ومن الواضح تماماً أن بعض من أسرعوا إلى مقاربة هذه الرواية لا يعرفون الكثيرعن أعمال الدويهي، ولم يطّلعوا على شيء يُذكَر من مؤلفاته الأدبية السابقة. وهم على الأرجح لا يلمّون أيضاً بالكتابات النقدية المضيئة عنه التي خصّه بها، على سبيل المثال، أنسي الحاج وعبارته الشهيرة: "يُقرأ أنطوان الدويهي كما تفرد حبات اللؤلؤ" إلى سمير عطا الله وطلال سلمان وهنري فريد صعب وغسان الحلبي والسيد هاني فحص ومحمد فرحات والأب يوحنا صادر وبول شاوول وكميل داغر  وبسام حجار  ومحمد العبد الله، والعديد سواهم... 

 

لذلك أتت مقاربة بعض النقاد لرواية "الشتاء الكبير" على قدر من السطحية ، وقد اضطّر الدويهي أن يرسل إلى إحدى الصحف ردّاً على مقال طويل عن روايته (وهو ما لم يقم به ولا مرّة من قبل)، ليس حول آراء الناقد، بل حول مجموعة من الأحداث والوقائع المختلقة تماماً، غير الموجودة في الرواية، التي عرضها الناقد وبنى عليها استنتاجاته ! وفي مقالة طويلة أخرى، يبتعد ناقد أخر كل البعد عن المقاربة الأدبية والجمالية للرواية، ليقحم الرواية في النقد السياسي والاجتماعي الذي يمارسه. و"الشتاء الكبير" التي هي سيمفونيا عن مسارات الحياة الداخلية وأسرارها، ملؤها الرأفة، هي أبعد ما تكون عن عالم السياسة ومشتقاته. وقد نمى إلى هذا الناقد أن للدويهي مؤلفات في الأنتروبولوجيا الثقافية (علم الحضارات المقارن) الذي يحمل فيه دكتوره من السوربون. ورغم أن هذه المؤلفات نادرة الوجود في لبنان بسبب نفادها، ومن المؤكّد ان الناقد المذكور  لم يطّلع عليها  أقحمها في نقده ل"الشتاء الكبير"، وذكر أن هذه الرواية مأخوذة عن أحد أعمال الدويهي الأنتروبولوجية ! شيء أقرب إلى الهذيان، ما حرّضني على هذه الإضاءة. تُرى، كيف وصل النقد الأدبي إلى هذه الحالة؟ 

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 11/22/2025 12:24:00 PM
حرّر محضر بالواقعة وتولّت النيابة العامة التحقيق.
اقتصاد وأعمال 11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
سياسة 11/20/2025 6:12:00 PM
الجيش اللبناني يوقف نوح زعيتر أحد أخطر تجّار المخدرات في لبنان
سياسة 11/22/2025 12:00:00 AM
نوّه عون بالدور المميّز الذي يقوم به الجيش المنتشر في الجنوب عموماً وفي قطاع جنوب الليطاني خصوصاً، محيّياً ذكرى العسكريين الشهداء الذين سقطوا منذ بدء تنفيذ الخطّة الأمنية والذين بلغ عددهم 12 شهيداً.