
تعبيرية.
فاروق غانم خداج
كاتب لبناني وباحث في الأدب والفكر الإنساني
في كلّ عامٍ يحتفل العالم بـ"اليومِ العالميِّ للترجمةِ"، وكأنّ البشريةَ تعيد التأكيد على أنّ الحضاراتِ لا تنمو بالانغلاقِ بل بالانفتاحِ، ولا تتقدّمُ بالعزلةِ بل بالحوارِ. واللبنانيُّ، ابنُ هذا الشرقِ الصغيرِ، يدركُ أكثرَ من غيرِه أنّ الترجمةَ ليست مجرّدَ نقلِ كلماتٍ، بل هي فعلٌ وجوديٌّ يتيحُ له أن يكونَ حاضرًا في العالمِ، وأن يجعلَ صوتَه جزءًا من النسيجِ الإنسانيِّ الواسعِ.
لبنان وُلد على تقاطعِ اللغاتِ والثقافاتِ. فمنذ بداياتِ النهضةِ العربيةِ، كان المترجمون اللبنانيون من أبرزِ روّادِها: نقلوا المعارفَ الحديثةَ، وفتحوا أبوابَ الجامعاتِ والمدارسِ، وأسسوا صحفًا ومجلاتٍ تخاطبُ القارئَ العربيَّ بلغةٍ جديدةٍ. يكفي أن نذكرَ أعلامًا مثل بطرس البستاني الذي أدخلَ المصطلحاتِ العلميةَ الحديثةَ، أو جرجي زيدان الذي بنى سرديّةً تاريخيةً عبر الترجمةِ والتأليفِ، لندركَ أنّ لبنانَ كان في قلبِ حركةِ التبادلِ المعرفيِّ بين الشرقِ والغربِ.
لكنَّ الترجمةَ عند اللبنانيِّ لم تتوقفْ عند حدودِ الحروفِ. فالهجرةُ التي حملت أبناءَه إلى الأميركيتين وأفريقيا وأستراليا وأوروبا، جعلتْهم جسورًا حيّةً بين لغاتِ العالمِ. جبرانُ خليل جبران كتبَ بالإنكليزيةِ كما كتبَ بالعربيةِ، وفتح بذلك نافذةً للروحِ الشرقيةِ في الغربِ. أمينُ الريحاني تنقّل بين العربيةِ والإنكليزيةِ ليبني خطابًا إنسانيًّا يتجاوزُ الانقساماتِ. مي زيادة خاطبت العالمَ من القاهرةِ بلغةٍ فرنسيةٍ وعربيةٍ، لتؤكدَ أنّ الأدبَ لا جنسيةَ له إلّا الحريةَ.
هذا الوجهُ المزدوجُ للترجمةِ – كفنٍّ لغويٍّ من جهةٍ، وكجسرٍ إنسانيٍّ من جهةٍ أخرى – هو ما يمنحُ لبنانَ خصوصيتَه. فالبلدُ الصغيرُ الذي عرفَ الحروبَ والانقساماتِ، لم يتوقفْ عن إنتاجِ كتّابٍ ومترجمين قادرين على جعلِ الألمِ تجربةً كونيةً، وجعلِ الشعرِ اللبنانيِّ صوتًا يتردّدُ في العالمِ. وما زلنا نشهدُ إلى اليومِ دورَ الجامعاتِ اللبنانيةِ ودورَ النشرِ والمترجمين المستقلّين في نقلِ النصوصِ الفلسفيةِ والأدبيةِ والعلميةِ إلى العربيةِ، وفي المقابلِ إيصالِ نصوصٍ لبنانيةٍ إلى لغاتٍ أخرى.
غير أنّ الترجمةَ في لبنانَ ليست مجرّدَ تاريخٍ نفخرُ به. إنّها أيضًا تحدٍّ حاضرٌ. ففي عالمٍ يتسارعُ فيه التواصلُ الرقميُّ، يصبحُ السؤالُ: هل يستطيعُ لبنانُ أن يحافظَ على دورِه جسرًا ثقافيًّا؟ هل نملكُ المؤسساتِ القادرةَ على دعمِ المترجمين الشبابِ، وتوفيرِ المنصّاتِ التي تتيحُ للأدبِ اللبنانيِّ أن يُقرأَ في لغاتِ العالمِ؟ الجوابُ يرتبطُ بإرادةٍ ثقافيةٍ أكثرَ منه بإمكاناتٍ ماديةٍ. فإذا كان لبنانُ الصغيرُ قد أطلق في الماضي أصواتًا عبر العالمِ، فما يمنعهُ اليومَ من أن يطلقَ جيلًا جديدًا من المترجمين والكتّابِ الذين يتحدثون إلى الإنسانيةِ جمعاء؟
إنّ الترجمةَ ليست رفاهيةً ثقافيةً، بل شرطًا من شروطِ البقاءِ. ففي زمنِ العزلةِ السياسيةِ والانهياراتِ الاقتصاديةِ، يبقى للثقافةِ دورٌ أساسيٌّ في حفظِ صورةِ لبنانَ. واللغةُ المترجمةُ هي بمثابةِ بطاقةِ هويةٍ تعرّفُ العالمَ إلينا بعيدًا من التشويهِ والإشاعاتِ. حين يقرأُ القارئُ الإسبانيُّ قصيدةً لبنانيةً مترجمةً، أو يطالعُ الباحثُ اليابانيُّ دراسةً صادرةً عن بيروتَ، فهو يرى لبنانَ الحقيقيَّ: لبنانَ الكلمةِ لا السلاحَ، لبنانَ الفكرةِ لا الانقسامَ.
من هنا، فإنّ اليومَ العالميَّ للترجمةِ ليس مناسبةً عابرةً، بل دعوةً مفتوحةً للبنانيين ليجدّدوا إيمانَهم بقوةِ الكلمةِ. فليست الترجمةُ حكرًا على الأكاديميين وحدَهم، بل هي فعلٌ يوميٌّ يقوم به كلُّ من يسعى إلى مدّ الجسورِ: من الصحافيِّ الذي ينقلُ الخبرَ إلى لغةٍ أجنبيةٍ، إلى الشاعرِ الذي يحلمُ أن يصلَ صوتُه إلى قارئٍ في قارةٍ أخرى، إلى الطالبِ الذي يقرأُ كتابًا مترجمًا فيفتحُ أمامه آفاقًا لم يكن ليصلَ إليها بغيرِ ذلك.
في يومٍ كهذا، قد يكون أجملَ هديةٍ نقدّمها للبنانَ هي أن نتعهدَ بأن نحمله إلى العالمِ عبر ترجماتٍ جديدةٍ، وأن نستقبلَ العالمَ بلغاتِه الكثيرةِ بعقلٍ منفتحٍ. فلبنانُ الذي يتحدثُ بالعربيةِ والفرنسيةِ والإنكليزيةِ والأرمنيةِ، يستطيعُ أن يكون مختبرًا دائمًا للترجمةِ، وأن يحوّلَ تنوّعَه اللغويَّ من عبءٍ إلى مصدرِ غنى.
لبنانُ إذن، حين يتحدثُ بلغةِ الترجمةِ، لا يخاطبُ العالمَ بكلماتِ الآخرين فقط، بل يكشفُ عن ذاتِه. يروي تاريخَه وأحلامَه، آلامَه وآمالَه، ليقولَ للعالمِ إنّه ليس مجرّدَ مساحةٍ صغيرةٍ على الخريطةِ، بل فكرةً أوسعَ من جغرافيتِه. الترجمةُ هنا ليست مجرّدَ جسرٍ يعبرُه الآخرون إلينا، بل هي أيضًا الجسرُ الذي نخرجُ نحن عبره إلى فضاءاتِ الإنسانيةِ الواسعةِ.
ولعلّ الرسالةَ الأهمَّ التي يمكن أن يبعثَها لبنانُ في اليومِ العالميِّ للترجمةِ هي أنّ الكلمةَ حين تعبرُ الحدودَ، تصبحُ سلاحًا للسلامِ لا للحربِ، ومجالًا للّقاءِ لا للانقسامِ. وإذا كان العالمُ يحتاجُ اليومَ إلى لغةٍ مشتركةٍ تُعيدُ الثقةَ بين الشعوبِ، فإنّ لبنانَ يستطيعُ أن يقدّمَ نفسَه شاهدًا حيًّا على أنّ الترجمةَ قادرةٌ على صنعِ المعجزاتِ: أن تجعلَ المختلفين يتفاهمون، وأن تمنحَ الصغارَ مساحةً بين الكبارِ.
هكذا، في يومِ الترجمةِ، لا نحتفلُ بمهارةٍ لغويةٍ فحسب، بل نحتفلُ بقدرةِ لبنانَ على أن يكونَ جزءًا من العالمِ، وأن يظلَّ حاضرًا في ضميرِ الإنسانيةِ. فحين يتحدثُ لبنانُ إلى العالمِ بلغةِ الترجمةِ، إنما يعلنُ أنّ صوتَه، مهما كان صغيرًا، قادرٌ على أن يصلَ بعيدًا، وأن يحفرَ مكانًا له في ذاكرةِ البشرِ.
كاتب لبناني وباحث في الأدب والفكر الإنساني
في كلّ عامٍ يحتفل العالم بـ"اليومِ العالميِّ للترجمةِ"، وكأنّ البشريةَ تعيد التأكيد على أنّ الحضاراتِ لا تنمو بالانغلاقِ بل بالانفتاحِ، ولا تتقدّمُ بالعزلةِ بل بالحوارِ. واللبنانيُّ، ابنُ هذا الشرقِ الصغيرِ، يدركُ أكثرَ من غيرِه أنّ الترجمةَ ليست مجرّدَ نقلِ كلماتٍ، بل هي فعلٌ وجوديٌّ يتيحُ له أن يكونَ حاضرًا في العالمِ، وأن يجعلَ صوتَه جزءًا من النسيجِ الإنسانيِّ الواسعِ.
لبنان وُلد على تقاطعِ اللغاتِ والثقافاتِ. فمنذ بداياتِ النهضةِ العربيةِ، كان المترجمون اللبنانيون من أبرزِ روّادِها: نقلوا المعارفَ الحديثةَ، وفتحوا أبوابَ الجامعاتِ والمدارسِ، وأسسوا صحفًا ومجلاتٍ تخاطبُ القارئَ العربيَّ بلغةٍ جديدةٍ. يكفي أن نذكرَ أعلامًا مثل بطرس البستاني الذي أدخلَ المصطلحاتِ العلميةَ الحديثةَ، أو جرجي زيدان الذي بنى سرديّةً تاريخيةً عبر الترجمةِ والتأليفِ، لندركَ أنّ لبنانَ كان في قلبِ حركةِ التبادلِ المعرفيِّ بين الشرقِ والغربِ.
لكنَّ الترجمةَ عند اللبنانيِّ لم تتوقفْ عند حدودِ الحروفِ. فالهجرةُ التي حملت أبناءَه إلى الأميركيتين وأفريقيا وأستراليا وأوروبا، جعلتْهم جسورًا حيّةً بين لغاتِ العالمِ. جبرانُ خليل جبران كتبَ بالإنكليزيةِ كما كتبَ بالعربيةِ، وفتح بذلك نافذةً للروحِ الشرقيةِ في الغربِ. أمينُ الريحاني تنقّل بين العربيةِ والإنكليزيةِ ليبني خطابًا إنسانيًّا يتجاوزُ الانقساماتِ. مي زيادة خاطبت العالمَ من القاهرةِ بلغةٍ فرنسيةٍ وعربيةٍ، لتؤكدَ أنّ الأدبَ لا جنسيةَ له إلّا الحريةَ.
هذا الوجهُ المزدوجُ للترجمةِ – كفنٍّ لغويٍّ من جهةٍ، وكجسرٍ إنسانيٍّ من جهةٍ أخرى – هو ما يمنحُ لبنانَ خصوصيتَه. فالبلدُ الصغيرُ الذي عرفَ الحروبَ والانقساماتِ، لم يتوقفْ عن إنتاجِ كتّابٍ ومترجمين قادرين على جعلِ الألمِ تجربةً كونيةً، وجعلِ الشعرِ اللبنانيِّ صوتًا يتردّدُ في العالمِ. وما زلنا نشهدُ إلى اليومِ دورَ الجامعاتِ اللبنانيةِ ودورَ النشرِ والمترجمين المستقلّين في نقلِ النصوصِ الفلسفيةِ والأدبيةِ والعلميةِ إلى العربيةِ، وفي المقابلِ إيصالِ نصوصٍ لبنانيةٍ إلى لغاتٍ أخرى.
غير أنّ الترجمةَ في لبنانَ ليست مجرّدَ تاريخٍ نفخرُ به. إنّها أيضًا تحدٍّ حاضرٌ. ففي عالمٍ يتسارعُ فيه التواصلُ الرقميُّ، يصبحُ السؤالُ: هل يستطيعُ لبنانُ أن يحافظَ على دورِه جسرًا ثقافيًّا؟ هل نملكُ المؤسساتِ القادرةَ على دعمِ المترجمين الشبابِ، وتوفيرِ المنصّاتِ التي تتيحُ للأدبِ اللبنانيِّ أن يُقرأَ في لغاتِ العالمِ؟ الجوابُ يرتبطُ بإرادةٍ ثقافيةٍ أكثرَ منه بإمكاناتٍ ماديةٍ. فإذا كان لبنانُ الصغيرُ قد أطلق في الماضي أصواتًا عبر العالمِ، فما يمنعهُ اليومَ من أن يطلقَ جيلًا جديدًا من المترجمين والكتّابِ الذين يتحدثون إلى الإنسانيةِ جمعاء؟
إنّ الترجمةَ ليست رفاهيةً ثقافيةً، بل شرطًا من شروطِ البقاءِ. ففي زمنِ العزلةِ السياسيةِ والانهياراتِ الاقتصاديةِ، يبقى للثقافةِ دورٌ أساسيٌّ في حفظِ صورةِ لبنانَ. واللغةُ المترجمةُ هي بمثابةِ بطاقةِ هويةٍ تعرّفُ العالمَ إلينا بعيدًا من التشويهِ والإشاعاتِ. حين يقرأُ القارئُ الإسبانيُّ قصيدةً لبنانيةً مترجمةً، أو يطالعُ الباحثُ اليابانيُّ دراسةً صادرةً عن بيروتَ، فهو يرى لبنانَ الحقيقيَّ: لبنانَ الكلمةِ لا السلاحَ، لبنانَ الفكرةِ لا الانقسامَ.
من هنا، فإنّ اليومَ العالميَّ للترجمةِ ليس مناسبةً عابرةً، بل دعوةً مفتوحةً للبنانيين ليجدّدوا إيمانَهم بقوةِ الكلمةِ. فليست الترجمةُ حكرًا على الأكاديميين وحدَهم، بل هي فعلٌ يوميٌّ يقوم به كلُّ من يسعى إلى مدّ الجسورِ: من الصحافيِّ الذي ينقلُ الخبرَ إلى لغةٍ أجنبيةٍ، إلى الشاعرِ الذي يحلمُ أن يصلَ صوتُه إلى قارئٍ في قارةٍ أخرى، إلى الطالبِ الذي يقرأُ كتابًا مترجمًا فيفتحُ أمامه آفاقًا لم يكن ليصلَ إليها بغيرِ ذلك.
في يومٍ كهذا، قد يكون أجملَ هديةٍ نقدّمها للبنانَ هي أن نتعهدَ بأن نحمله إلى العالمِ عبر ترجماتٍ جديدةٍ، وأن نستقبلَ العالمَ بلغاتِه الكثيرةِ بعقلٍ منفتحٍ. فلبنانُ الذي يتحدثُ بالعربيةِ والفرنسيةِ والإنكليزيةِ والأرمنيةِ، يستطيعُ أن يكون مختبرًا دائمًا للترجمةِ، وأن يحوّلَ تنوّعَه اللغويَّ من عبءٍ إلى مصدرِ غنى.
لبنانُ إذن، حين يتحدثُ بلغةِ الترجمةِ، لا يخاطبُ العالمَ بكلماتِ الآخرين فقط، بل يكشفُ عن ذاتِه. يروي تاريخَه وأحلامَه، آلامَه وآمالَه، ليقولَ للعالمِ إنّه ليس مجرّدَ مساحةٍ صغيرةٍ على الخريطةِ، بل فكرةً أوسعَ من جغرافيتِه. الترجمةُ هنا ليست مجرّدَ جسرٍ يعبرُه الآخرون إلينا، بل هي أيضًا الجسرُ الذي نخرجُ نحن عبره إلى فضاءاتِ الإنسانيةِ الواسعةِ.
ولعلّ الرسالةَ الأهمَّ التي يمكن أن يبعثَها لبنانُ في اليومِ العالميِّ للترجمةِ هي أنّ الكلمةَ حين تعبرُ الحدودَ، تصبحُ سلاحًا للسلامِ لا للحربِ، ومجالًا للّقاءِ لا للانقسامِ. وإذا كان العالمُ يحتاجُ اليومَ إلى لغةٍ مشتركةٍ تُعيدُ الثقةَ بين الشعوبِ، فإنّ لبنانَ يستطيعُ أن يقدّمَ نفسَه شاهدًا حيًّا على أنّ الترجمةَ قادرةٌ على صنعِ المعجزاتِ: أن تجعلَ المختلفين يتفاهمون، وأن تمنحَ الصغارَ مساحةً بين الكبارِ.
هكذا، في يومِ الترجمةِ، لا نحتفلُ بمهارةٍ لغويةٍ فحسب، بل نحتفلُ بقدرةِ لبنانَ على أن يكونَ جزءًا من العالمِ، وأن يظلَّ حاضرًا في ضميرِ الإنسانيةِ. فحين يتحدثُ لبنانُ إلى العالمِ بلغةِ الترجمةِ، إنما يعلنُ أنّ صوتَه، مهما كان صغيرًا، قادرٌ على أن يصلَ بعيدًا، وأن يحفرَ مكانًا له في ذاكرةِ البشرِ.
الأكثر قراءة
العالم العربي
9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
المشرق-العربي
10/1/2025 6:00:00 PM
"خرج صباح الإثنين من مستشفى بضواحي العاصمة الروسية".
صحة وعلوم
10/1/2025 4:04:00 PM
وأعلنت الحكومة في وقت سابق أن ستة آلاف طفل أصيبوا بالتسمم الغذائي.
ايران
10/1/2025 12:29:00 AM
ذكرت تقارير أن أضخم حاملة طائرات أميركية "يو إس إس جيرالد آر" عبرت مضيق جبل طارق متجهة نحو البحر الأبيض المتوسط خلال الساعات الماضية