ثقافة 30-09-2025 | 10:06

تغييرات وآمال... ماذا ينتظر المثقفون من معرض القاهرة للكتاب؟

بين الانتقادات والتطلعات: هل ينجح معرض القاهرة للكتاب في استعادة بريقه؟
تغييرات وآمال... ماذا ينتظر المثقفون من معرض القاهرة للكتاب؟
شاب يحمل كتباً من معرض القاهرة الدولي للكتاب. (أ ف ب)
Smaller Bigger

يأتي التوجيه المؤسسي المعلن في مصر بتطوير معرض القاهرة الدولي للكتاب 2026، متسقاً مع آمال الناشرين في نجاح المعرض على المستوى التسويقي، ومتوافقاً مع طموحات المثقفين والمبدعين المتطلعين إلى برنامج فكري وأدبي وفني ثري، يعيد فعاليات المعرض وندواته وأمسياته إلى دورها التنويري والإشعاعي في مراحل سابقة.

إجراءات وشواهد كثيرة، خلال الأيام القليلة الماضية، تعكس هذا الاهتمام المصري الرسمي بتجديد المعرض العربي الأعرق في دورته السابعة والخمسين المقبلة (21 كانون الثاني/ يناير - 3 شباط /فبراير 2026)، ومواجهة الانتقادات التي طالت الدورات الأخيرة، تنظيميّاً وإداريّاً وجماهيريّاً.
ويؤكد وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو وجود مخططات لتحديث المعرض ودعمه فنيّاً وماديّاً وتكنولوجيّاً، من أجل تقديم نسخة جديدة مطورة، أكثر قرباً من المجتمع وقضاياه. ويشدد في بيانات رسمية للوزارة على إعداد برنامج ثقافي متكامل يعكس هوية مصر، ويلبي تطلعات الجمهور، ويبرز مكانة المعرض كأحد أبرز المعارض العربية والعالمية.

تحت هذه المظلة، أصدر هنو قراراً بتكليف أحمد مجاهد، الأستاذ في قسم الدراما والنقد المسرحي في كلية الآداب في جامعة عين شمس، مديراً تنفيذيّاً للمعرض، وهو تولى من قبل رئاسة الهيئة المصرية العامة للكتاب، الجهة المنظمة للمعرض.

 

طفلة في معرض القاهرة الدولي للكتاب. (أ ف ب)
طفلة في معرض القاهرة الدولي للكتاب. (أ ف ب)

 

وسبق هذا القرار تكليف وزير الثقافة أيضاً خالد أبو الليل أستاذ اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب في جامعة القاهرة بتسيير أعمال رئيس الهيئة العامة للكتاب، خلفاً لأحمد بهي الدين العساسي المستقيل إثر انتقادات واسعة. كما أعاد تشكيل اللجنة العليا المنظمة للدورة الجديدة من المعرض، لتضاف إليها أسماء جديدة من الأكاديميين والمبدعين والمثقفين والإعلاميين والشخصيات العامة.

ولأن النهوض الحقيقي بالمعرض القاهري المتراجع يستلزم استراتيجيات وسياسات وأشغالاً جادة ومتنوعة، وليس مجرد تغيير الوجوه والأسماء، من الضروري أن يدلي المثقفون والمبدعون والنقاد والناشرون بدلوهم في آليات التطوير وأبجدياته. في هذا التحقيق يقدم عدد من المختصين وجهات نظرهم ومقترحاتهم وطموحاتهم بشأن الدورة المقبلة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب.

رؤية عميقة
 يتحمس الناقد سيد ضيف الله، ‎أستاذ النقد الأدبي المساعد في المعهد العالي للنقد الفني في أكاديمية الفنون‎، لقرارات تعيين مدير تنفيذي مؤهل للمعرض، وإضافة أسماء فاعلة إلى اللجنة العليا، معتبراً أن هذه الإجراءات تدفع نحو بلورة رؤية عميقة، وتحويل التصورات الفكرية إلى نشاطات ثقافية تنال التقدير تخطيطاً وتنفيذاً.

ويرى ضيف الله أن تصحيح الأخطاء السابقة لا سبيل له من دون احترام الكفاءات والاستعانة بها، ويقول: "بمقدور هذه الخبرات تحسين البرنامج الثقافي للمعرض على مستوى الموضوعات والمشاركين، وعلى مستوى التنظيم واحترام المواعيد والإعلان عن الندوات واللقاءات الفكرية وما إلى ذلك، ليستعيد المعرض ثققة زواره".

الابتكار والديناميكية
وبحسب الشاعرة والمترجمة حنان شافعي، يحتاج المعرض، الذي يدار بسياسات بيروقراطية مزمنة وأفق وظيفي ضيق، إلى برامج أكثر إبداعاً وديناميكية، بفتح المجال للمواهب الجديدة في الكتابة والنشر والبرمجة الثقافية عموماً. وهناك مشاريع شبابية تستحق أن يسلط عليها الضوء، وبالتالي استغلال المعرض كمنصة لتشجيع الابتكار وتطوير المشهد الثقافي بصفة عامة، بل وتأسيس فلسفة إدارة مرنة تعتمد على تجديد الآليات والوجوه عبر إتاحة الفرص.

كما يمكن للهيئة المنظمة توسيع دائرة التسويق محليّاً ودوليّاً، خصوصاً مع استضافة شخصيات ثقافية مؤثرة من أجيال مختلفة ودعوة مبدعين مميزين، وقد سبق للمعرض أن فعل ذلك قديماً مع كتاب عرب وأجانب، وبالتالي الاستفادة منهم على مستوى أعمق من خلال إقامة ورش وزيارات ميدانية، كما يحدث في معارض دولية مختلفة، وليس مجرد ندوات تقليدية مملة.   
وتختتم الشاعرة المصرية: "لا يمكننا إغفال الأسس الاقتصادية للمعرض، فالموازنة المخصصة للحدث تعاني تقليصاً متكرراً، ما ينعكس على إمكان تقديم فعالية قوية وقادرة على المنافسة، بداية من جودة التفاصيل اللوجستية، وصولاً إلى استقبال المشاركين واستضافتهم على نحو يليق بمكانة مصر، وهو بعد سياحي مؤثر".

مشاركة الناشرين
ويلتقط خيط الحديث الناشر والأديب إسلام عبد المعطي، مدير "دار روافد" للنشر، موضحاً أن الأهم من قرارات التغيير وضع رؤية أشمل تعنى بمشاركة أكبر للناشرين في صناعة القرار. ويقول: "نتمنى أن يتدارك المدير التنفيذي للمعرض هذه العقبات، فهو متمرس ويمتلك الخبرات القادرة على استيعاب وجهات النظر والخروج بدورة ناجحة. وأدعوه إلى أن يبذل جهداً يحول دون زيادات جديدة في قيمة الاشتراك".

ويرى الروائي والشاعر محمد أبو زيد أنه مع التحولات العالمية المتسارعة في النشر وصناعاته، لم يعد معرض القاهرة للكتاب مجرد ساحة لبيع الكتب، بل بات فضاء حيّاً للصناعات الثقافية المرتبطة بعالم النشر، والفعاليات التي تخاطب شرائح المجتمع المصري والعربي، حيث يحرص الكتاب والمبدعون العرب على المشاركة فيه كل عام، لاقتناء الإصدارات الجديدة، ولمتابعة برامجه المتنوعة.

 

تاجر كتب في سور الأزبكية التاريخي وسط القاهرة. (رويترز)
تاجر كتب في سور الأزبكية التاريخي وسط القاهرة. (رويترز)

 

ومن هنا، وفق أبو زيد "يجب الالتفات إلى الصناعات الإبداعية المتصلة بالنشر، كالكتب المسموعة والإلكترونية، بخاصة في ظل ارتفاع أسعار الكتب والاتجاه للمنصات الرقمية. ومن الضروري صوغ هوية بصرية جديدة ومعاصرة للمعرض تستلهم التاريخ المصري والثقافة المصرية، وتواكب التطورات الراهنة في مختلف المجالات. كما ينبغي تجديد مضمون الندوات الفكرية، لتتجاوز الطابع التقليدي والموضوعات المعادة والعناوين العامة، وتطرح قضايا أكثر عمقاً وحداثة، مرتبطة باللحظة الراهنة، كالثقافة الرقمية، ومستقبل الترجمة، ودور الذكاء الاصطناعي في النشر".

نقلة نوعية
 وتشير الشاعرة والكاتبة فاطمة وهيدي إلى أن المعرض بحاجة إلى نقلة نوعية تجعله حدثاً متجدّداً كل عام. وتقترح تخصيص منصات رقمية للبث المباشر للندوات والحوارات لجمهور أوسع، وإطلاق برنامج "كاتب اليوم" ليسلّط الضوء يوميّاً على أحد المبدعين، من خلال حوار قصير ولقاء مع القراء.

وترى أن من الممكن أيضاً "اعتماد آلية شفافة للتسجيل المسبق في الندوات والأمسيات، تضمن عدالة التوزيع وتنوع المشاركات، بدلاً من تكرار الأسماء في ندوات عدة ". كما يمكن "استحداث مسابقة سنوية للقراء حول أفضل مراجعة لكتاب أو مشروع قراءة، بما يربط الجمهور بالكتب بشكل عملي".

وأخيراً، تقترح الأديبة المصرية تخصيص مساحات للكتب الرقمية والوسائط المتعددة لإبراز التحولات الحديثة في صناعة النشر.

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
اقتصاد وأعمال 9/29/2025 10:48:00 AM
في عام 1980، وصل الذهب إلى ذروته عند 850 دولارًا للأونصة، وسط تضخم جامح وأزمات جيوسياسية. وعند تعديل هذا السعر لمستويات اليوم، يعادل حوالي 3,670 دولارًا.
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟ 
النهار تتحقق 9/30/2025 9:34:00 AM
العماد رودولف هيكل ووفيق صفا جالسين معاً. صورة قيد التداول، وتبيّن "النّهار" حقيقتها.