فاليري غصيني ترسم الفرح وتمكين المرأة بمعرض في بيروت

في مساءٍ دافئ من آب/أغسطس البيروتي، فتحت أبواب غاليري "وادي 99 آرت" على معرض فنّي برسالة إنسانية متجسّدة في اللون والشكل. كان الهواء مشبعاً بأصوات الأحاديث الجانبية، فيما يتوافد الضيوف بشغف لمشاهدة أحدث معارض الفنانة التشكيلية فاليري غصيني "Girls Just Want to Have Fun" (فتيات يرِدن الاستمتاع بالحياة).
المعرض الذي يستمرّ حتى 21 أيلول/سبتمبر، يحوّل "وادي 99 آرت" إلى فضاء تتقاطع فيه الجماليات مع العمل الإنساني، إذ تملأ غصيني، التي تخطّى صداها الحدود منذ سنوات، أرجاء القاعة بأعمال من سلسلتين من أبرز ما قدّمت: "الصديقات" (2009–حتى اليوم) و"نساء القوة والاهتمام" التي عُرضت أول مرة في بينالي البندقية عام 2017.
لوحاتها غنية، جريئة، ومفعمة بالحياة؛ وبخطوط حادة وألوان نابضة، تحكي عن الصداقة والصلابة والفرح. نساء في طبقات متداخلة من السرد البصري، بعضهنّ يضحكن، وبعضهنّ يواجهن الناظر بصمتٍ مشحون بالقوة، ليقلن إنّ الأنوثة لا تُحصر بقالب موحّد، إنّما هي سيمفونية من تناقضات وصراعات وانتصارات.
جدران القاعة البيضاء أشرقت تلك الليلة بلوحات تذهب عائداتها إلى مؤسسة "تشانس" التي تقدّم العلاج والدعم النفسي للأطفال الذين يواجهون السرطان واضطرابات الدم. وهكذا، تحوّل الفن إلى أكثر من تعبير... إلى فعل.
بين الجمال والعطاء
ما يجعل "Girls Just Want to Have Fun" لافتاً هو هذا التلاقي النادر بين الإبداع والتعاطف. أعمال غصيني طالما احتُفي بها لسردياتها المتعددة عن الأنوثة، لكنها هنا تتحوّل إلى جسر بين الخاص والجماعي، وبين الجمال والرحمة. والمشروع قائم على مثلث من العطاء: الفنانة التي وهبت أعمالها، المؤسسة التي تواصل العطاء للأطفال، والمجتمع الذي قدّم نفسه للقضية.
المعرض دعوة لا إلى التفاعل مع فن غصيني فحسب، بل إلى معاينة قوة الفن التحويلية. هنا، الغاليري فضاء للمشاركة الفاعلة، وكلّ قصة تلهم تغييراً، والزائر يصبح جزءاً من سرد جماعي عن الصمود.
في جوهره، "Girls Just Want to Have Fun" معرض عن الفرح. لكن بريشة غصيني، الفرح ليس ترفاً، إنّما فعل تحدٍّ وطريقة للإصرار على الحياة والضحك والحب حتى في قلب المعاناة. وعلى جدران "وادي 99 آرت"، وجد الفرح أسمى تجلّياته: أن يصبح علاجاً، عزاءً، ووعداً بغدٍ أفضل.