فيلم الإيراني جعفر بناهي "مجرد حادث" يمثّل فرنسا في الأوسكار
في كل مرّة يجد المخرج الإيراني جعفر بناهي منفذاً جديداً لإيصال صوته، يبدو وكأن السينما تُعيد تأكيد رسالتها كفعل مقاومة قبل أن تكون فناً. فالرجل الذي طالما واجه السجن والمنع في وطنه، يعود اليوم إلى واجهة النقاش العالمي عبر باريس، إذ أعلنت اللجنة الوطنية الفرنسية للسينما أنّ فيلمه الأخير "مجرد حادث"، الفائز بـ"السعفة الذهب" في مهرجان كانّ السينمائي، سيمثّل فرنسا في سباق جوائز الـ"أوسكار".
هذا الاختيار لا يقتصر على بعده الفني، بل يتجاوز إلى كونه موقفاً ثقافياً وسياسياً. رئيس اللجنة غايتان برويل شدّد على أنّ فرنسا تظلّ "القلب النابض للإنتاجات المشتركة الدولية، وبلداً يفتح أبوابه للمبدعين من كل أنحاء العالم، خصوصاً لأولئك الذين حُرموا من العمل في بلدانهم". وبذلك، تتحوّل مشاركة بناهي تحت راية فرنسا إلى إعلان ضمني بأن السينما قادرة على كسر الحدود وإعادة تعريف الانتماء.

بناهي الذي صوّر فيلمه سرّاً، حاز تقديراً عالمياً رغم القيود، وفاز بجوائز مرموقة في برلين والبندقية، لكنه لم يُمنح يوماً فرصة المنافسة على الـ"أوسكار" باسم إيران. في هذا السياق، يقول فيليب مارتان، مؤسس شركة "فيلم دو بيلياس" الفرنسية المشاركة في الإنتاج: "الطريقة الوحيدة لدخول سباق الأوسكار هي عبر ترشيح رسمي من دولة. إيران لم ترغب يوماً أن يمثلها جعفر بناهي". ويضيف: "أنا سعيد أن هذا الفيلم يحمل أيضاً رسالة سياسية قوية؛ كلما تعاظم صداه وتداول الناس رسالته، كلما حقق هدفه".
ولا تأتي هذه التجربة في فراغ، إذ تواصل شركات الإنتاج الفرنسية دورها المحوري في صناعة سينما كونية عابرة للغات والحدود. فهي نفسها التي أسهمت في فيلم "أناتومي دون شوت" للمخرجة جوستين ترييه، الحائز "أوسكار" أفضل سيناريو عام 2024 و"السعفة الذهب" قبله. كما أنّ فرنسا سبق أن اختارت فيلماً بلغة أجنبية لتمثيلها في الـ"أوسكار" عام 2015، هو "موستانغ" للمخرجة الفرنسية - التركية دنيز غامزي إرغوفن.
اقرأ أيضاً: كانّ 78 - "حادث بسيط": جردة حساب سياسية وأخلاقية
بهذا، تبدو فرنسا وكأنها تكرّس نفسها منصّة للمنفيين والمهمّشين في السينما العالمية، مؤكّدة أنّ الفن لا يتقيّد بجواز سفر أو حدود سياسية، بل يعيش ويُخلّد حيث يجد من يؤمن به ويمنحه فرصة الحياة.
نبض