ثقافة 23-08-2025 | 10:33

فيرمير فاضح العاشقات

معرض يكشف موضوع رسائل الحب كما عالجَها الرسام الهولندي يوهان فيرمير.
فيرمير فاضح العاشقات
اللوحات الثلاث في المعرض
Smaller Bigger

منذ 18 حزيران/يونيو الماضي وحتى نهاية هذا الشهر (31 آب/أُغسطس) يَشهد "متحف فْريك" في مانهاتن (نيويورك) معرضًا فريدًا من نوعه لرسَّامٍ اشتُهرَت لوحاته عالَميًّا، ولم تشتهر مثلها حياتُه الخاصة. فرادةُ المعرض أنه يكشف موضوع رسائل الحب كما عالجَها الرسام الهولندي الشهير يوهان فيرمير (1632-1675) الذي توفِّي باكرًا (43 سنة)  وكان أَصلًا منطويًا على ذاته فلم تنكشف حياته الخاصة طيلة حياته القصيرة.

حاليًّا يتهافَت المهتمون بالعشرات يوميًّا إِلى المعرض (البطاقات إِليه تكاد تَنْفَد مسْبَقًا حتى إِقفال المعرض آخر الشهر). فماذا في المعرض؟ وما أَهمية المعروض فيه؟

معًا... للمرة الأُولى
متحف فْريك (تأَسس سنة 1935 لحفْظ مجموعات لوحات نادرة كانت لدى الصناعي الأَميركي هنري كلاي فْريك:1849-1919) استعار لوحتَي "رسالة حب" (1670) و"السيدة وخادمتها" (1664) من المتحف الوطني الهولندي، ولوحة "سيدة تكتب رسالة بحضور خادمتها" (1671) من المتحف الوطني الإيرلنديّ. أَهميتُها: عرضُها معًا للمرة الأُولى في معرض واحد، لتبيان تعامُل فيرمير مع موضوع الرسائل ونوع نساء من طبقات اجتماعية مختلفة تعاطَين كتابةَ رسائل الحب.
يتشكَّل هذا المعرض من ثلاث لوحات فقط، هي نصف اللوحات الست التي رسم فيرمير في كل منها سيدة تكتب رسالة عاطفية، ومعها خادمتُها.

 

“رسالة حب“
“رسالة حب“

 

النساء وخادماتُهُنّ
من الثابت تاريخيًّا أَنْ كان للنساء في القرن الثامن عشر دورٌ رئيسٌ في لوحات الفنانين الهولنديين، بناءً على طلبٍ خاص منهنَّ أَن يرسموهنَّ. وهذا ما يفسر حضورَهُنَّ  في معظم لوحات فيرمير. وكانت لوحتان من رسمه تعجبان زوجته كاثرين بُولْنِسْ. حاولت الاحتفاظ بهما بعد وفاته لإعالة أَولادها العشرة، لكنها اضطُرت إِلى إِعطائهما للخبّاز لقاء أَرغفة الخبز، على أَمل استردادهما حين يتوفَّر لها المبلغ المالي. وليس في كتُب المؤَرخين عن زوجها ما يشير إِلى أَنها اسْتَرَدَّتْهُما من الخبَّاز الذي حتمًا باعهما لتأْمين ماله، وهو حتمًا لم يكُن يعرف (أَو يهتمّ) بقيمتهما الفنية.     
من النظر إِلى تلك اللوحات الثلاث معًا، يتبيَّن لماذا حرص المنظِّمون أَن يعرضوها في معرض واحد، لِما فيها من تَقارُب في الموضوع. في لوحة "رسالة الحب" (1670) يبدو أَن الخادمة قاطعَت سيدتها وهي تعزف على القيثارة. وفي لوحة "السيدة وخادمتها" (1664) يبدو المناخ ذاته. وفي لوحة "امرأَة تكتب رسالة بحضور خادمتها" (1671) تبدو المرأَة منهمكةً في الكتابة.

 

“السيدة وخادمتها“
“السيدة وخادمتها“

 

الرسالة الأُخرى
حضور الخادمات في اللوحات كان دُرْجَةً في تلك الحقبة من القرن السابع عشر. ففي لوحة "رسالة الحب" تبدو الخادمة باسمة تنظر إِلى سيدتها القلقة. والخادمة في "السيدة وخادمتها" تقاطع سيدتها وهي منهمكة في كتابة رسالة، لتسلِّمها رسالة أُخرى. وفي "امرأَة تكتب رسالة بحضور سيدتها" تَنظُر الخادمة من النافذة غير مهتمة برسالة سيدتها.
من منظار آخر، في "رسالة حب" عتَّم فيرمير مقدمة اللوحة. وفي لوحة "السيدة وخادمتها" عتَّم خلفية المكان. وفي لوحة "سيدة تكتب رسالة" لم يهتم الرسام للمقدمة ولا للخلفية بل ركَّز على مضمون اللوحة من حيث نظرة عيون السيدة وخادمتها. وفي شكل عام، تختلف الأَنوار والظلال في اللوحات وَفْق وضعية الأَشخاص فيها، ووَفْق الحركات مع التركيز على الستائر والملابس. 

 

“سيدة تكتب رسالة بحضور خادمتها“
“سيدة تكتب رسالة بحضور خادمتها“

 

شُؤُون الحياة اليومية
تلك اللوحات تُشير بوضوح إِلى اهتمام فيرمير بالشؤُون الصغيرة في الحياة اليومية، وفي أَماكن من البيوت غالبًا منزوية غير مأْلوفة. فبين نحو 36 لوحة باقية من الرسام، ستٌّ منها ترسم مواضيع عادية، كالقراءَة والكتابة وتَبادُل الرسائل، وهي مواضيع بسيطة من محيط الرسام في وسطه الهولندي. وثلاث من تلك اللوحات تعالج مواضيع السيَّدة وخادمتها في وضعيات مختلفة، من هنا أَهمية جمْع هذه الثلاث معًا من مصدرَين في معرض واحد: "السيّدة وخادمتها" و"رسالة حب" من المتحف الوطني (أَمستردام)، و"سيدة تكتب رسالة بحضور خادمتها" من المتحف الوطني في دَبْلن (إِيرلندا).  

 

فيرمير: رسام الشؤُون اليومية الصغيرة
فيرمير: رسام الشؤُون اليومية الصغيرة

 

الموضوع المحوريّ
اللوحاتُ تختلف في قياساتها والحركة فيها، لكنها تشكِّل هويةً خاصةً لفيرمير، خصوصًا في موضوع الرسائل مع أَنه كان دقيقًا وحسَّاسًا في زمانه، إِذ كان للخادمات دور سرّيّ فاعل فترتئذٍ في حياة نساء كُنَّ يأْتَمِنَّ خادماتهنَّ على بعض الأَسرار، وخصوصًا في إِيصال رسائل السيدات إِلى عُشَّاقهنّ. صحيح أَن لوحات فيرمير لا تُظهر بوضوحٍ مضمون الرسائل، لكنَّ فيها إِيحاءً أَنها رسائل عاطفية. وهو موضوع كان عهدئذ محوريًّا في محيط الرسام وعصره.

 

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/15/2025 8:43:00 PM
 خلف الحبتور: في موقف يعكس غطرسة لا حدود لها، يخرج رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليأمر سكان غزة بإخلاء مدينتهم، وكأنها ملك له يوزع أهلها كما يشاء
المشرق-العربي 9/12/2025 12:25:00 PM
إقفال منتجع "إكس بيتش" في منطقة وادي قنديل في محافظة اللاذقية.
شمال إفريقيا 9/15/2025 11:56:00 AM
محاكمة سيدة متهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس بمحافظة المنيا
لبنان 9/14/2025 2:53:00 PM
 تغيير مسار طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط المتجهة من بيروت إلى مطار هيثرو في لندن بسبب عارض صحي أصاب أحد الأطفال