دعوات إلى حظر "تيك توك" في مصر وحملات ملاحقة لمشاهيره

ثقافة 11-08-2025 | 22:14

دعوات إلى حظر "تيك توك" في مصر وحملات ملاحقة لمشاهيره

"اللايف" لتحقيق الأرباح ومهلة 3 أشهر لضبط محتوى "تيك توك" في مصر!
دعوات إلى حظر "تيك توك" في مصر وحملات ملاحقة لمشاهيره
"أم سجدة" و"أم مكة" من الموقوفين بقضيّة "تيك توك" في مصر.
Smaller Bigger

تثير منصة "تيك توك" جدلاً كبيراً في مصر وتوجه اتهامات إلى ناشطين على المنصة تتعلق بالمحتوى الهابط الذي يقدمونه. محمد فاروق، مهندس مصري شاب، قرر خوض تجربة صناعة المحتوى عبر منصة "تيك توك"، تحدث إلى "النهار" عما يدور في هذه المنصة.

"اللايف" لتحقيق الأرباح
يقول فاروق: "لدي بضعة آلاف من المتابعين، لكن بعض فيديواتي تحقق ملايين المشاهدات، فليس شرطاً أن من يشاهد الفيديو يتابع الحساب نفسه، ورغم هذا الانتشار لا أجني أي أرباح، لأنها ترتبط بالظهور في البث المباشر (لايف)؛ لذا يقوم البعض بتقديم محتوى قد يكون مبتذلًا خلال اللايف لتحقيق الأرباح".

ورغم أن فاروق لا يحقق دخلًا من نشاطه جذبته المنصة: "يستهويني تقديم معلومات هادفة في شكل حكايات سواء تتعلق بمجال عملي في الهندسة، أم بمعارف عامة أحبذ مشاركتها مع الناس".

 

سوزي إحدى التيكتوكر الموقوفين. (وزارة الداخلية)
سوزي إحدى التيكتوكر الموقوفين. (وزارة الداخلية)

 

3 أشهر لضبط المحتوى
تصاعد الجدل في مصر أخيراً بشأن التطبيق وانطلقت حملات المطالبة بإغلاقه، وأعلنت لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب منح مسؤولي "تيك توك" مهلة 3 أشهر لضبط المحتوى قبل اتخاذ قرار بحجبه، بالتوازي مع اعتقال السلطات الأمنية بعض مشاهير هذا التطبيق؛ بناء على بلاغات، أبرزهم: "سوزي الأردنية"، "أم سجدة" و"أم مكة" و"مداهم" و"شاكر"، بتهم تتراوح بين الخروج عن الآداب العامة والتعدي على قيم المجتمع ونشر الفسق والفجور وغسل الأموال.

في السياق ذاته، ذكر تقرير صادر عن "تيك توك" أن المنصة حذفت نحو 2.9 مليوني فيديو من مصر خلال الربع الأول من 2025، لمخالفتها إرشادات المجتمع.
وأبدت عضو مجلس النواب المصري مها عبد الناصر، رفضها القاطع مقترحات حجب "تيك توك" أو أي منصة رقمية أخرى، وقالت لـ"النهار" إن "فرض الوصاية على المجتمع ليس دور الدولة، ومن لا يعجبه محتوى معين يمكنه ببساطة تجاهله أو إغلاقه بنفسه"، مشددة على أن دور الدولة ينبغي أن يتركز في تنظيم المجال الرقمي عبر تحصيل الضرائب المستحقة على الأرباح، لا اللجوء إلى المنع أو الحجب، مضيفة: "حتى في حال الإغلاق، ثمة بدائل تقنية، والحجب لم يعد مجدياً في عالم مفتوح".

 

صورة تعبيرية لرجل يشاهد فيديو على تيك توك. (النهار)
صورة تعبيرية لرجل يشاهد فيديو على تيك توك. (النهار)

 

ويؤكد فاروق كذلك، بوصفه صانع محتوى، أن الحظر لا يعد حلًأ، فثمة سبل سهلة للتغلب على الحجب، وتقع المسؤولية على مستخدم التطبيق إذا وجد محتوى غير مناسب، فالاختيار بيده، ويمكنه عدم المشاهدة.

تباينت ردود الفعل بين الترحيب والرفض لتلك القرارات، وتجدد النقاش حول حدود الحرية الشخصية وازدواجية المعايير المجتمعية، ومحاولة استخدام الخطاب الأخلاقي؛ لتقييد حرية التعبير رقمياً. كما أثار المخاوف من فتح الباب أمام تقييد مزيد من المنصات في مصر. وأبدت النائبة مها عبد الناصر، تخوفها من أن يشكل حجب "تيك توك" سابقة تمتد لاحقاً إلى منصات أخرى، وهو ما وصفته بأنه "أمر غير مقبول".

الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز أوضح لـ"النهار" أن محتوى "تيك توك" وديناميات التفاعل معه أصبحت شأناً عالمياً وليس مصرياً أو شرقياً فقط، فكثير من البلدان رأت أنه يمثل أخطاراً جزئية أو كلية، وبعض دول العالم الحر اتخذت قرارات تجاه محتواه، بينما حظرته دول عربية من دون إعلان ذلك.

وأضاف عبد العزيز: “حرية الرأي والتعبير تمثل قيمة أساسية ومصلحة إنسانية عامة ومصلحة للدولة، لكن هناك بعض أنماط تعبير تخرج عن هذا الإطار، وتندرج في أبواب أخرى منها الكراهية والتمييز وإشاعة الأخبار الكاذبة، أو الاصطدام بالقيم الحيوية المُعرفة في كل دولة، مثلا المحتوى الإباحي مُعرف أنه يتصادم مع قيم للمجتمعات الشرق أوسطية؛ لذا غير مسموح به. والطعن في الأديان مُعرف في بعض بلدان الشرق بأنه ازدراء، ومعاداة السامية في بعض الدول الغربية مُعرفة كمخالفة قانونية. فبالتالي حرية الرأي والتعبير قيمة مصانة يجب الدفاع عنها، وهي ضرورة إنسانية ومجتمعية لكن لوحظ بعض أنماط محتوى عبر تيك توك تجاوزت مفهوم حرية الرأي والتعبير، وتحولت إلى أحد أشكال الجريمة التي يحظرها القانون المصري. وأخيراً، أعلن تيك توك نفسه عن حذف ملايين الفيديوات في دول عربية منها مصر؛ لعدم توافقها مع القواعد المجتمعية التي يتبعها. وبالتالي فإن الأزمة الجارية لها ذرائع موضوعية".

 

التيكتوكر 'مداهم' واحد من الموقوفين. (وسائل التواصل)
التيكتوكر 'مداهم' واحد من الموقوفين. (وسائل التواصل)

 

ثقافة سطحية أم مرآة صادقة للواقع؟
يعكس "تيك توك" واقعاً اجتماعياً حقيقياً، وبات منصة تنتج ثقافة خاصة بها، ربما تكون ضحلة وسطحية وعشوائية في أحيان كثيرة، لكنها تعبّر عن واقع بلا رتوش أو تجميل لفئات تنتمي إلى لطبقة الدنيا لم يعرف المجتمع عنها شيء واكتشفها عبر تلك المنصات، كما تحول التطبيق إلى ساحة للجيل الجديد، الذي لجأ إلى كاميرا هاتفه ليقول ما لا يُقال على المنابر التقليدية، وصناعة شهرة ومكاسب.
كما أضحى مصدر دخل رئيسياً لعدد من المستخدمين الذين وجدوه مصدر ربح يساعدهم في الهروب من واقع اقتصادي ضاغط عبر صناعة أي محتوى، حتى وإن كان مبتذلًاً.

ويرى عبد العزيز أن "الجانب الإيجابي للقصة هو أن يكون تيك توك صوت من لا صوت له، لكنه أن يصبح وسيلة لإشاعة مفاهيم لا يقبلها المجتمع والحصول على أرباح بطرق غير مشروعة، والانخراط في عمليات إجرامية مثل غسل الأموال التي أوردتها الاتهامات الرسمية. فهنا يغدو المجتمع مطالباً بإحداث التوازن بين مزايا الإتاحة التي يوفرها وغيره من المنصات، وبين التكاليف الباهظة لأنماط المحتوى الرديئة المقدمة من خلاله".

تيك توك ليس المتهم الوحيد
المفارقة الأبرز في "تيك توك" هي تناقض قطاع كبير من المجتمع المصري تجاهه. ففي الوقت الذي يتصاعد فيه الغضب من فيديواته، يحقق محتواه أرقام مشاهدة ضخمة. وهو ما يسلط الضوء على أزمة أكثر عمقاً في بنية المجتمع بين الجهر بالفضيلة ورفضه علناً ومشاهدة محتوى يراه مبتذلاً سراً.

وهو ما يؤيده عبد العزيز قائلا: "تيك توك ليس المتهم الوحيد، فثمة حالة انفصام لدى قطاعات من الجمهور التي تمارس الاحتيال عبر مهاجمة أنماط المحتوى الرديئة والمنفلتة، وفي الواقع تروج هذا المحتوى وتكافئ نجومه، وتعزز استمراريته، وتلك مسألة تتعلق بغياب ثقافة "التربية الإعلامية" التي تًعد فريضة غائبة في الثقافة والإعلام العربيين.

 

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/12/2025 1:32:00 AM
نقلت وكالة "رويترز" عن مصدرين أمنيين، أن 3 دبلوماسيين قطريين توفوا بحادث في مدينة شرم الشيخ في مصر
المشرق-العربي 10/11/2025 1:12:00 PM
على الرغم من السرّية الشديدة التي تُحيط بمخبأ الأسد الخفي، تمكّن فريق الصحيفة الألمانية من دخول المبنى نفسه والتقوا هناك بوكيلة عقارات محلية عرّفت عن نفسها باسم مستعار هو ناتاشا.
دوليات 10/12/2025 6:57:00 PM
في مقطع فيديو نشره على منصة "إكس"، خاطب غيلر ترامب بالقول: "أرجوك يا دونالد، لا تذهب إلى شرم الشيخ. لديّ شعور قوي بأن حياتك في خطر".