
”قل لها إنني أحبّها“ لرومان بورانجيه.
من بين الأفلام التي لم تُقنعني في دورة هذا العام من مهرجان كانّ السينمائي (13 - 24 أيار)، يبرز فيلم "قل لها إنني أحبّها" للممثّلة والمخرجة الفرنسية رومان بورانجيه، المشارك في "العروض الخاصة". يبدأ الفيلم من لحظة تكتشف فيها بورانجيه، التي تلعب نفسها، عبر شاشة التلفزيون، أن ابنة الممثّلة الراحلة دومينيك لافان (1952 - 1985)، وتُدعى كلمانتين أوتان (تلعب نفسها)، تشارك في برنامج حواري للحديث عن والدتها، التي توفيت حين كانت كلمانتين في الثانية عشرة. الابنة ألّفت كتاباً عن والدتها، استوحت عنوانه من فيلم كانت الأم قد شاركت فيه: "قل لها إنني أحبّها". فيلم شهير لكلود ميلر.
هذه المصادفة تعيد بورانجيه إلى جرحها القديم: تجربة خسارة والدتها التي تخلّت عنها وهي لا تزال في شهرها التاسع. في لحظة ما، تنكسر المسافة بين السيدتين، وتدخلان في علاقة يعززها الشعور المشترك بالفقد. نراهما تكرران مراراً عبارات مثل: "وأنا أيضاً"، كلّما روت إحداهما تفصيلاً عن معاناتها. لكن، مهلاً، فالفيلم ليس مجرد لقاء عاطفي بين شخصين جمعتهما المصادفة والخسارة، بل هو مشروع سينمائي يتداخل فيه الواقعي بالتمثيلي، حيث تعلن بورانجيه نيّتها تحويل قصّة كلمانتين إلى فيلم سينمائي.
فيلم مستلهم من سيرة بورانجيه الذاتية.
عملية التحضير والتصوير التي تنطلق لاحقاً، بكلّ ما تحمله من اصطناع وتكرار واستعادة، تصبح مناسبة لكشف معنى الجرح الذي لا يندمل. هكذا يتشكّل الفيلم حول شخصين تربطهما معاناة واحدة، وتفاصيل متشابهة، وإن تكن المقاربة السينمائية التي اختارتها بورانجيه تشوبها أحياناً لمسة من الافتعال، ممّا يضعف تأثير الفيلم ويُبقيه، على الرغم من صدقه الظاهري، في منطقة شعورية سطحية إلى حد ما.
ليست هذه المرة الأولى التي تتطرق فيها رومان بورانجيه، ابنة الممثّل الفرنسي الشهير ريشار بورانجيه (83 عاماً)، في عمل مستلهم من سيرتها الذاتية. في فيلمها السابق "الحبّ المغبّش" (2018)، تناولت علاقتها بزوجها السابق، الذي رغم الانفصال عنه، بقيت تعيش معه ومع أولادهما تحت سقف واحد. مع جديدها، تواصل بورانجيه مساءلة العلاقات العائلية، وطرح السؤال المؤلم: ماذا يعني أن نفقد مَن يُفترض أنهم مصدر سعادتنا العائلية؟
في "قل لها إنني أحبّها"، يُطرح أيضاً حق الطفولة في امتلاك أم، والتمعّن في تفاصيل غيابها، لكن الفيلم يمنح في المقابل الأم حقّها في أن تحيا خارج القوالب الاجتماعية، بعيداً من صورة المرأة المضحية علي الدوام. غير أن هذه الأفكار تتجلّى ضمن بيئة اجتماعية معينة، تنتمي إلى طبقة تتيح لأفرادها رفاهية كسر القواعد والعيش وفق شروطهم الخاصة. فالأم، دومينيك، كانت ممثّلة شهيرة، عاشت حياتها بحرية، قبل أن تموت بطريقة تراجيدية. رحيلها يضيف إلى الفيلم طيفاً من الحزن المبطّن.
مرةً أخرى، نجد أنفسنا أمام حكاية سيدتين تضعان نفسيهما وجهاً لوجه مع ذاكرة عائلية معقّدة. هنا، تسعى الابنة، عبر الرواية والتمثيل، إلى فتح طريق للمصالحة مع الأم، لأن خيار الغفران يبدو، في النهاية، الخيار الوحيد الممكن لمواجهة ألم الذاكرة، والعبور إلى ضفة جديدة.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
العالم العربي
9/15/2025 8:43:00 PM
خلف الحبتور: في موقف يعكس غطرسة لا حدود لها، يخرج رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليأمر سكان غزة بإخلاء مدينتهم، وكأنها ملك له يوزع أهلها كما يشاء
المشرق-العربي
9/12/2025 12:25:00 PM
إقفال منتجع "إكس بيتش" في منطقة وادي قنديل في محافظة اللاذقية.
شمال إفريقيا
9/15/2025 11:56:00 AM
محاكمة سيدة متهمة بقتل زوجها وأطفاله الستة في قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس بمحافظة المنيا
لبنان
9/14/2025 2:53:00 PM
تغيير مسار طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط المتجهة من بيروت إلى مطار هيثرو في لندن بسبب عارض صحي أصاب أحد الأطفال