حاكم الشارقة وقع أحدث مؤلفاته... معرض مسقط الدولي للكتاب يطلق نسخته الـ29

لم تقف الأجواء الحارة عائقاً أمام توافد عشاق المطالعة ومحبي المعرفة إلى معرض مسقط الدولي للكتاب الذي انطلقت فعاليات نسخته الـ 29 (24 نيسان/ أبريل حتى 3 أيار/مايو) في مركز عمان الدولي للمؤتمرات والمعارض، إذ ازدحمت الأروقة والقاعات بالزوار، ليتغلب شغف القراءة والثقافة على لهيب الطقس.
وقال مدير المعرض أحمد بن سعود الرواحي لـ"النهار" إن المعرض يسعى هذا العام إلى تعزيز التواصل الثقافي والانفتاح على الآخر عبر استقطاب رموز ثقافية وإبداعية بهدف الاطلاع على الهوية والحضارة العمانيتين، والتفاعل المباشر مع الجمهور، والعنوان الأبرز هو "التنوع الثقافي إثراء للحضارات"، مشيراً إلى أن هذه الدورة تحتضن أياماً ثقافية سعودية؛ احتفاءً بها وتتويجاً لتنامي العلاقات المتميزة بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية.
وأضاف الرواحي: "تحل محافظة شمال الشرقية ضيف شرف على المعرض، ضمن تقليد راسخ دأبت عليه اللجنة المنظمة خلال الدورات السابقة، للاحتفاء بالحواضر والمحافظات العمانية، ولتسليط الضوء على المقومات الثقافية والتنموية والحضارية لهذه المدن، كما نحتفي بالمثقفين العمانيين، إذ خصص المعرض لهم "ردهة الفنون" التي تضم معارض فنية عدة للتعريف بالشخصيات والفن العماني بكل تجلياته وأنواعه، إلى جانب فعاليات تسلط الضوء على أبرز الشخصيات الفنية والإبداعية".
ويُقام المعرض تحت رعاية رئيس جامعة السلطان قابوس الدكتور فهد بن الجلندي آل سعيد، وحضر افتتاحه وزير الإعلام رئيس اللجنة الرئيسية المنظمة الدكتور عبدا لله بن ناصر الحراصي.
وشهد المعرض مشاركة لافتة لحاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي الذي حضر مراسم الافتتاح، ووقع أحدث إصداراته تحت عنوان "البرتغاليون في بحر عمان.. أحداث في حوليات من 1497 إلى 1757"، الصادر عن "منشورات القاسمي". وقال الرواحي: "تشرفنا بزيارة صاحب السمو الشيخ حاكم الشارقة ونشكره على هذا التقدير، وتوقيع إصداره ضمن هذه النسخة من المعرض، وهي إضافة كبيرة تعكس أهمية معرض مسقط ومكانته بين أبرز معارض الكتاب العربية".
مواكبة التكنولوجيا
ويمكن للزائر أن يلمس حسن التنظيم من اللحظة الأولى لدخوله المعرض، ليس بثراء الفعاليات والنشاطات فحسب، خصوصاً للأطفال، بل بتوزيع الأجنحة ووجود خريطة تفاعلية وإرشادات تسهل حركة الجمهور وتطبيق الكتروني للمعرض لتتبع الفعاليات ومواقع دور النشر وإمكان الاطلاع على أسعار الكتب قبل شرائها.
وهو ما أكده خلفان بن محمد العبري مدير شؤون معارض الكتاب في وزارة الثقافة والرياضة والشباب ومقرر لجنة معرض مسقط الدولي للكتاب لـ "النهار" قائلا :"نسخة المعرض هذا العام متميزة على كل الصعد، سواء لجهة المشاركين أم لجهة الفعاليات المتنوعة أم التوجهات المستقبلية أم مشاركة العديد من دور النشر العمانية والدولية، وتبلغ 674 دار نشر من 35 دولة، مع ما يزيد عن 50,000 إصدار جديد هذا العام، ما يشكل إضافة قيّمة للمهتمين بالمعرفة والعلوم، فالمعرض متجدد في نشاطاته عاماً بعد عام، وثمة برنامج ثقافي متكامل يضم حوالى 235 فعالية ثقافية، خصصت 135 منها للأطفال".
وأشار العبري إلى أن المعرض يقدم تسهيلات تقنية حديثة الى عملية السداد الإلكتروني لجميع الزوار لتيسير شراء الكتب من مختلف دور النشر، بالتنسيق مع المؤسسات المصرفية في السلطنة. كما وفر فهرساً متحركاً يتيح للزائر معرفة أسعار الكتب التي يريد اقتنائها وأماكن الأجنحة بسهولة، وهناك مجموعة من الشباب المتطوعين لمساعدة الزوار في البحث عن المصادر الفكرية وتوجيههم داخل القاعات المختلفة.
أهمية المعرض في المشهد الثقافي
ومعرض مسقط الدولي للكتاب هو أحد أهم التظاهرات الثقافية في سلطنة عمان، وكان لافتاً خلال جولة "النهار" أنه يحظى باهتمام واسع من مختلف شرائح المجتمع العماني، إلى جانب النخب العمانية والثقافية والإعلامية، وهو يعد أحد الأوجه الحضارية والثقافية للسلطنة بما يضمه من حضور رموز أدبية وثقافية بارزة وفتح منصات للتفاعل الثقافي، فهو ليس مجرد سوق للكتب، بل ساحة فكرية وإنسانية. وكان لافتاً أيضاً الحضور الكثيف للأطفال والنشء وكثافة الرحلات المدرسية.
وعن أهمية المعرض في المشهد الثقافي العماني، قال الرواحي إن المعرض يعد أبرز الفعاليات الثقافية وأكبرها في السلطنة، مشيراً إلى قدرته على جمع أطياف المجتمع كافة، من أطفال وطلبة ومحبين للقراءة، إلى جانب النخب الثقافية، سواء داخل السلطنة أم خارجها. وأضاف: "يُعد المعرض نقطة فاصلة وبارزة في المشهد الثقافي العُماني، وفضاءً مهماً للحوار وتبادل الخبرات يجتمع فيه العديد من المثقفين والمبدعين ويقيمون جسور التواصل سواء مع النخب الثقافية أم مع الجمهور العام".
كما أكد خلفان بن محمد العبري، أهمية المعرض في المشهد الثقافي العماني، موضحاً أن المعرض لم يعد لاقتناء الإصدارات فحسب، بل منصة متكاملة للندوات والمحاضرات واللقاءات بين المثقفين والمهتمين والكتاب والباحثين عن المعارف الجديدة. كما أنه فرصة لتعزيز قيم القراءة والمعرفة، خصوصاً لدى النشء، إذ يستقطب أعداداً كبيرة من طلبة المدارس، ما سينعكس بشكل إيجابي مستقبلاً، من خلال ارتباطهم الوثيق بالكتب، إذ تمثل الأجنحة المخصصة للأطفال طفرة كبيرة بتركيزها على الذكاء الاصطناعي، وتقديم مفردات ثقافية تواكب التكنولوجيا الحديثة لجذب النشء.
وأكدت المديرة العامة المنتدبة للإعلام الخارجي في وزارة الإعلام شيخة المحروقية، مدى تأثير المعرض على المشهد الثقافي العماني، قائلة لـ "النهار": "يُعد معرض مسقط للكتاب إحدى التظاهرات الثقافية الكبرى في عُمان، تُجهز له الجهات المعنية مبكراً، لأهميته في إبراز الصورة المشرقة للسلطنة، خصوصاً في الجوانب الثقافية والفكرية، وأيضا لدوره في تعزيز المشهد الثقافي عبر توفير أفضل المصادر المعرفية لجمهور المعرض، ويصاحب ذلك برنامج ثقافي زاخر بالعديد من الشخصيات المرموقة صاحبة الإسهامات الثقافية الكبيرة التي تقدم تجاربها وخبراتها في مجالات مختلفة، إضافة إلى مشاركة نخب فكرية ومثقفة من داخل الوطن العربي وخارجه ضمن البرنامج الثقافي للمعرض".
وأضافت: "تبرز أهمية معرض مسقط الدولي للكتاب من كونه تظاهرة ثقافيه وحضارية وفكريه وإنسانية في المقام الأول، إذ تجتمع الثقافات والأفكار والأزمنة المختلفة، فالفكر غير مقيد بحدود، ولا ينتهي بانتهاء زمان معين لكنه مستمر، هذه الاستمرارية تجعل معرض مسقط خصوصاً أو معارض الكتب عموماً ساحة للتفاعل الإنساني وفهم الحياة ومسار البشرية عموماً، فالقيمة الحقيقية للإنسان تقاس بأفكاره لا بمظهره أو ماله أو مكانته، فكلما أثريت العالم والحياه بفكر جديد يبقى هذا الإرث مستمراً تتناقله الأجيال".