ثقافة 24-04-2025 | 16:38

معرض الرباط الدولي للكتاب يكرّسها عاصمة للثقافة والشارقة ضيف شرف... لماذا لم تصل الكتب المصرية؟

معرض الرباط الدولي للكتاب في ذروته، والشارقة ضيفُه المُكرّم
معرض الرباط الدولي للكتاب يكرّسها عاصمة للثقافة والشارقة ضيف شرف... لماذا لم تصل الكتب المصرية؟
ملصق الدورة الحالية من معرض الرباط للكتاب.
Smaller Bigger

للعام الثالث على التوالي يُنظّمُ معرض الكتاب الدولي للنشر والكتاب المغربي في العاصمة المغربية الرباط، ما يضمن لها صفة العاصمة الثقافية التي اكتسبتها أخيراً، إلى جانب مدينة الأنوار وهي تعرف نهضة عمرانية كبرى، وتتحول إلى مركز إشعاع ومنتدى ديبلوماسي دولي. خلال أسبوع (من 17 إلى 27 نيسان/ أبريل) جسّدت مناسبة المعرض عرساً ثقافياً بأيام مشهودة من إقبال الجمهور (قرابة مئة ألف في الأيام الثلاثة الأولى) وسبعمئة عارض أغلبهم من دور النشر المغربية ومن الأقطار العربية كلها تنافسوا على تقديم الإصدارات الجديدة مع قليل من السابق عليه بناءً على طلب قراء متنوعّي الاهتمام يبحثون عن الجديد.

ويتزامن انعقاد المعرض مع صدور التقرير السنوي الذي تُعدّه مؤسسة الملك عبد العزيز بن سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية في الدار البيضاء، بل هي تسبق المعرض وتمهِّد له بإصدارها الموسوم بـ" تقرير عن وضعية النشر والكتاب في المغرب في مجالات الآدب والعلوم الإنسانية والاجتماعية" برسم سنتي 2022/ 2023، ويقدم بيانات وإحصائيات بيوميترية عن الكتب الصادرة للمغاربة في الداخل والخارج، يهتم فيها بالمنتوج الفكري والأدبي فقط، لا بالسوق والمعاملات والمبيعات. ومن المهم تسجيل أن حصيلة النشر في مجال الأدب والعلوم الإنسانية خلال السنتين المذكورتين وصلت إلى 3725 عنواناً بمعدل إنتاج سنوي يناهز 1863عنواناً، وبزيادة بنحو 7%. تتوزع الحصيلة الإجمالية بين المطبوعات الورقية (3,391) من الكتب والمجلات، بنسبة 91,03% في المجالات المعرفية المشمولة في التقرير، بينما بلغت حصيلة الإلكترونية 334 نصّاً رقميّاً بنسبة بلغت 8,97%.

 

ملصق الدورة الحالية من معرض الرباط للكتاب.
ملصق الدورة الحالية من معرض الرباط للكتاب.

 

وإذا كان معلوماً أن اللغات التعليمية والتثقيفية والإدارية الأكثر رسوخاً وتداولاً في المغرب، هما اللغة العربية الوطنية، وتليها أو بجانبها الفرنسية، بحكم خضوع المملكة سابقاً للاستعمار الفرنسي(1912ـ 1956)، فإن التقرير يفيدنا برقم لافتِ حقاً، لكنه لا يفاجئنا، هو أن المنشورات باللغة العربية من كتب ومجلات تُقدّر نسبتها بـ 80% في حين لا تزيد الإصدارات بالفرنسية عن 16,86%رغم الدعم الذي تناله من الخارج وفرضها لغةَ تعليم لمواد كانت تُدرّس بالعربية، ومنشورات بالإنكليزية بنسبة 1,83%. ولا تتجاوز نسبة التأليف بالأمازيغية من مجموع الكتب الورقية 78 ,1أغلبها إبداع أدبي، علماً بإقرار الأمازيغية لغة وطنية رسمية دستورياً.

هاتان الثنائية والازدواجية اللغويتان تجلتا أوضح ما يكون في توزيع النشاطات الثقافية الموازية وبلغ تعدادها ثلاثمئة ندوة من تنظيم وزارة الثقافة، دعت إليها وأشركت فيها دارسين وأدباء من المغرب وخارجه طيلة أيام المعرض العشرة، وشغلت مواضيع الإبداع الأدبي والفني وقضايا العلوم الإنسانية ومباحث تراثية، ومعضلات جيوسياسية عربية ودولية، ترسُم مجتمعةً صورة شمولية عن جُل ما يشغل الفكر العربي المعاصر وخريطة الإبداع الأدبي العربي.

 

أحمد المديني وروايته الجديدة 'لعبة الكراسي'.
أحمد المديني وروايته الجديدة 'لعبة الكراسي'.

 

تنافست العربية والفرنسية في هذه الحلبة، وحازت الأخيرة حصةً إضافيةً من البرنامج الثقافي بتخصيص جزء من نشاطات المعرض لاستضافة الكتاب المغاربة في المهجر، ضمن من يُسمون رسميًا اليوم بـ" مغاربة العالم" تمييزًا لهم عن مواطنيهم في الداخل، ممن يكتبون بلغات أجنبية، أغلبهم بالفرنسية. وهكذا، على غرار ما شهدته المشاركة المغربية كضيف شرف في مهرجان الكتاب السنوي الأخير في باريس، احتفلت مديرية الجالية المغربية بالتنسيق مع وزارة الثقافة بكاتبين رائدين بالفرنسية: ادريس الشرايبي(1026ـ2007) وإدمون عمران المالح اليهودي المغربي (1917ـ 2010).

في الباقي الأغلب كان للثقافة والإبداعات حضورها الوافر في ندوات وحوارات أرست هذا المحفل السنوي، على غرار العام الماضي، جامعةً مفتوحةً بثقافات ولغات وأصوات متعددة ومشاربَ فكرية وأدبية متجاورة ومتحاورة، لعل أهم ما يميزها هو إشباع فضول القراء للتعرف إلى كتابهم والحصول على توقيعات للكتب الجديدة الصادرة، عبر توقيعات بالعشرات شهدتها أروقة دور النشر، وتحولت إلى حلقات احتفالية حاشدة وطارئة على الوسط المغربي الذي عُرف في ماضيه بالتواضع والكتمان، ويظهر فيه جيلٌ جديدٌ ميّالٌ إلى العلن والانتشار.

 

جانب من معرض الرباط الدولي للكتاب.
جانب من معرض الرباط الدولي للكتاب.

 

ولا يفوتنا في هذا السياق التنبيه إلى أن الكتاب المغاربة أصبحوا يُغذون دور النشر العربية المشرقية بانتظام ـ ترحب بأعمالهم وتجدها متطورة محتوى ومنهجيات ومشبعة بإبداعية بكرـ ومرجع هذا إلى محدودية سوق النشر الوطنية، ولما يتيحه النشر خارج المحلي، من تعريف بأعمالهم وبهم، وتأهيلهم أيضاً للفوز بالجوائز الرائجة اليوم.

في المساحات الشاسعة التي امتدت فيها أروقة دور النشر والمؤسسات الوطنية والدولية والجمعيات الثقافية يمكن للملاحظ أن يتفاءل مع وجود مصالحة حقيقية بين القارئ العربي والكتاب، وينتبه إلى الإشراف العائلي على التوجيه للقراءة رغم المصاعب المادية، وينتبه إلى ظاهرة أن الإناث هنّ الأكثرُ إقبالًا على الاقتناء وفضول المعرفة. ولولا عارضٌ طارئٌ لعددنا معرض الرباط من أفضلها، تمثل في نكسة أليمة مُنيت بها دور النشر المصرية التي بقيت 35 من أروقتها تقريباً برفوف فارغة بسبب أزمة تسبب فيها متعهد الشحن المصري فلم تصل شحناتهم البحرية والجوية المقدرة بعشرين ألف كتاب في الوقت المناسب.

 

 

ومما لا شك فيه أن المعرض الدولي للنشر والكتاب الرباطي ازدان هذا العام بحلول إمارة الشارقة ضيف شرف بامتياز، بجناح واسع وباهر بمحتوياته التراثية، وشهد طيلة أيام المعرض ندوات وجلسات شعرية منتظمة بلغت خمسين ندوة، وأسهمت فيها ثماني عشرة مؤسسة إماراتية. من حسناتها أن نُظِّم اكثرُها بتشارك بين أدباء ودارسين إماراتيين وأشقائهم المغاربة، فكان الجناح فضاءً رحباً للقاء وحوار فكريْن وإبداعَين، عمّق الصلات المتينة بين البلدين، وشكل امتداداً مباشراً لحضور المغرب ضيف شرف في معرض الكتاب الأخير المنعقد في الشارقة (تشرين الثاني/ نوفمبر 2024).

 

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/6/2025 7:23:00 AM
فرض طوق أمني بالمنطقة ونقل الجثتين إلى المشرحة.
النهار تتحقق 10/6/2025 11:04:00 AM
ابتسامات عريضة أضاءت القسمات. فيديو للشيخ أحمد الأسير والمغني فضل شاكر انتشر في وسائل التواصل خلال الساعات الماضية، وتقصّت "النّهار" صحّته. 
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".