خاض الفنان المصري آسر ياسين منافسات موسم رمضان الجاري بمسلسل "قلبي ومفتاحه"، وشاركه البطولة مي عز الدين وأشرف عبد الباقي. والمسلسل من تأليف تامر محسن ومها الوزير، ومن إخراج تامر محسن، وتدور أحداثه حول امرأة مطلقة تريد العودة إلى زوجها من أجل طفلها عبر إيجاد رجل يقوم بدور المُحلل، ثم تلتقي مصادفة سائقاً عبر أحد تطبيقات النقل الخاص، فتعرض عليه الزواج لحلّ أزمتها.

يعود ياسين من خلال المسلسل إلى الدراما الرومانسية بعد غياب، مجسداً دور محمد عزت، وهو شخصية مثالية حازت إعجاب الجمهور. حول هذا الدور وكواليس العمل، أجرت "النهار" هذا الحوار مع آسر ياسين:

* هل توقعت النجاح الذي حققه "قلبي ومفتاحه"؟
- لقد غمرتني السعادة بسبب ردود الفعل الإيجابية التي تلقيتها. وبالفعل، قبل خوض غمار هذا العمل توقعت نجاحه وفقاً لمؤشرات وعناصر عدة أبرزها كونه من تأليف تامر محسن وإخراجه، ومن إنتاج محمد السعدي (ميديا هب)، الأبطال الذين يخوضون التمثيل معي، وبسبب فكرته المختلفة، وهو بالنسبة إلي يماثل المسلسلات التي كنت أشاهدها في صغري، مثل "المال والبنون" و"الوسية" و"الراية البيضاء"، التي توثق شكل المرحلة التي تدور الأحداث خلالها؛ كل تلك الأسباب مثلت مؤشرات تشي بأننا في صدد عمل مهم، وسيُكلل بالنجاح. لكنه فاق توقعاتي محققاً نجاحاً كاسحاً، مما اعتبره توفيقاً من الله.

* يحمل "قلبي ومفتاحه" طابعاً رومانسياً، وهذه النوعية تتوارى، خصوصاً في رمضان، فما الذي دفعك لاختيار هذه القصة؟
- كنت متشوقاً لخوض تجربة رومانسية، بخاصة مع غياب هذه النوعية من الأعمال خلال السنوات الأخيرة في ظل هيمنة "الأكشن" والغموض والإثارة لفترة طويلة، كما استشعرت أن الجمهور يفتقد هذا اللون الدرامي، فالرومانسية منسية، ولا أحد يناقش العلاقات الرومانسية باستفاضة وعمق؛ لذا قررت المشاركة في هذا العمل الذي يبدو بسيطاً لكنه يحتوي تعقيدات. ورغم أن المشاركة في موسم رمضان 2025 لم تكن ضمن خططي ورفضت أكثر من مشروع، لكنني عندما عرض علي المخرج تامر محسن "قلبي ومفتاحه"، وهو "لايت رومانسي" مكون من 15 حلقة، تحمست للغاية، إذ لم أكن قادراً على خوض تجربة تراجيدية بعد مسلسل "بدون سابق إنذار" العام الماضي؛ فاجتمعت كل العناصر التي بحثت عنها، وأدركت أنني وجدت ضالتي إلى جانب رغبتي في التعاون مع محسن، فكانت فرصة لا تُفوَّت.

ملصق المسلسل الرمضاني

* كيف كانت كواليس العمل مع الفنانة مي عز الدين في أول تعاون بينكما، خصوصاً مع حالتها النفسية السيئة عقب وفاة والدته التي تزامنت مع تصوير المسلسل؟
- هي شخصية رائعة على المستوى الشخصي والمهني، وإنسانة متواضعة ومحترفة ومخلصة لعملها للغاية، وأحييها على خوض هذا التجربة في ظل تلك الظروف؛ لأن ذلك يتطلب شجاعة وقوة نفسية وعصبية وذهنية، وقد حاولت تخطي حزنها من أجل العمل، وربما كان التمثيل بالنسبة إليها وسيلة للتعافي، لكن هذا أمر يعود إليها، ولا أستطيع الحديث بالنيابة عنها. لكنني استمتعت بالعمل معها، وأتمنى تكرار التعاون معها. أما حالة التناغم التي ظهرت بيننا على الشاشة فجاءت بسبب بناء الشخصيات بعناية، وإجراء بروفات كثيرة.

* يتنناول المسلسل خطاً درامياً قد يبدو غير منطقي، ففكرة أن تتقدم سيدة بطلب الزواج من رجل غير منتشرة، ولا تتماشى مع مجتمعاتنا المتحفظة... كيف تعاملتم مع هذا الطرح؟
- بنيت فكرة العمل على هذا المشهد، وتلك طبيعة تامر محسن وأسلوبه دائماً، إذ يضع شخصياته في ظروف عبثية، ومنها تتولد تصرفاتهم وقراراتهم، وأولينا هذا المشهد تركيزاً كبيراً، لكونه غير كوميدي لذا توجب توضيح خلفيات الشخصيات ومبرراتها ودوافعها كي يظهر بواقعية، خصوصاً شخصية البطل محمد عزت. فهو لا يود الزواج رغبة في الاستقرار وبناء أسرة، بل من أجل الزواج بحد ذاته، لأنه لا يمتلك الإمكانيات؛ لذا كان ضرورياً استدعاء ظروف كلتا الشخصيتين والصعوبات التي تواجههما حتى تكون الفكرة والمشهد مقنعين للجمهور.

* محمد عزت... شخص هادىء وراق وصاحب أخلاق ومثل عليا بدرجة أقرب إلى المثالية، فما الذي جذبك إلى أداء هذا الدور؟ 
- هي شخصية صعبة، وتمثل تحدياً، لأنه قد يتبادر إلى الذهن أنه رجل ساذج، لكنه ليس كذلك، وهو ما يتجلى خلال الحلقات الأخيرة. تكمن الصعوبة في الحفاظ على تماسك الشخصية التي نصنعها كي لا تكون مملّة وباهتة، خصوصاً أن تلك الصفات أصبحت غير مألوفة في زمننا.
متطلبات عزت بسيطة، إذ  يسعى إلى العمل في مجال دراسته والزواج وتكوين أسرة، وهي تطلعات عادية للطبقة المتوسطة التي لم نعد نراها بالشكل نفسه، إذ أصبحت  الطموحات والتطلعات تفوق إمكانات الواقع. لكن عزت كان متصالحاً مع هذه الحقيقة، فرغم كونه جامعياً ومالكاً سابقاً لشركة أجهزة طبية تعرضت للخسارة عقب تفشّي وباء كورونا، لم يستسلم، واضطر للعمل سائق أجرة عبر أحد تطبيقات النقل الذكي، وتقبل هذا بشجاعة شديدة، ولم يكن سلبياً؛ وهي مهنة قد يرى البعض أنها تقلل من قدره، وهذا غير حقيقي، فما يقلل من قيمة الإنسان ليس نوع العمل، بل التخلي عن السعي والكفاح. والمسلسل يحمل رسالة إلى كل شخصية تواجه ظروفاً مماثلة ألا تكون سلبية وألا تفقد مبادئها.

وخلال الحلقات الأخيرة يتضح أنه اختار أن يكون محترماً، وعندما اضطر إلى المواجهة واجه بشجاعة مع تمسكه بمبادئه واحترامه.

* كيف استعددت لأداء هذه الشخصية؟
كان المرجع المهم في تجسيد الشخصية هو أبي وجدّي لأنهما امتلكا سمات وطبائع قريبة من شخصية بطل "قلبي ومفتاحه"؛ فهذا الجيل تمتع بمبادئ وعزة نفس راسخة لا حدود لها، وهي صفات وقيم ينبغي أن نبدأ بإبرازها وإحيائها.

آسر ياسين في حفل جوائز جوي أووردز

والفضل يعود أيضاً إلى تامر محسن، وهو مخرج كبير ومؤلف قوي، إذ صاغ الحالة وموضوع المسلسل وبناء الشخصيات بشكل حقيقي ونابض بالحياة، ولم نخلق "كاراكتر" غير موجود في المجتمع، بل هو نموذج حقيقي موجود حولنا من دون ادّعاء. قد تبدو قصة العمل غريبة وغير مألوفة (سيدة تسعى للزواج برجل ليكون محللًا بعد طلاقها المتكرر) لكن الشخصيات تعاملت مع هذا الظرف الاستثنائي بواقعية، مما أتاح لنا مناقشة أبعاده الأعمق.

كذلك حرصنا على أن يكون الطابع الشكلي لعزت بسيطاً وغير لافت، سواء في المظهر أم في الملابس، ليعكس طبيعته كشخص عادي لا يلفت الانتباه أو يستجلب النظر.

* ركز هذا المسلسل على الطبقة المتوسطة... لماذا؟
-  يتمحور العمل حول "الطبقة المتوسطة"، وهي الشريحة التي أكن لها احتراماً كبيراً. لكنها لم تعد تحظى بالاهتمام في الدراما ولا تُناقش أبعادها بشكل كاف منذ فترة، بينما تستحق هذه الطبقة الاهتمام بها، إذ تعد الفئة المؤثرة والقوة الحقيقية لأي مجتمع، وتسهم في استقراره، كما أنها تنتج الفن والثقافة. وهذه الطبقة لا تنحسر لكن لا يسلط عليها الضوء في الأعمال الدرامية بشكل كاف، فالتركيز ينصب على فئة الأحياء الشعبية أو سكان الكمباوندات (المجمعات السكنية الفاخرة).

يمثل عزت الطبقة بصدقية، فهو شخصية عادية، ليس ثرياً ولا ينتمي إلى الطبقات الشعبية. هو أكاديمي ينتمي إلى الطبقة المتوسطة، وعصفت به تقلبات الحياة، فاضطر للعمل سائقاً على سيارته. ولأنه تربى على مبادئ أن الرجل لا يصح أن يعيش بلا عمل، وهذا النموذج في الحياة احترمه وتربيت عليه، ورأيت نماذج كثيرة حولي من النمط نفسه، فنحن نحتاج كمجتمع إلى شخصية عزت الذي اختار أن يكون محترماً؛ وهذا لا يعني أنه ساذج، وأعتقد أن تلك رسالة إلى كل أمثال عزت في المجتمع أن اصمدوا فالمجتمع بحاجة لهذا النموذج.

* ثمة موقف طريف أصبح ترينداً على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو احتفاء والدتك مع صديقاتها بنجاحك... كيف حدث ذلك؟
- بالتأكيد، غمرتني السعادة بتلك الاحتفالية في منزلنا القديم، وقامت به احتفاءً بنجاح العمل بينما لم أكن موجود أساساً، فهذه الأشياء العفوية تكون مهمة للغاية وتأثيرها يفوق الحملات الدعائية والإعلانية المدفوعة، لصدقيتها وعفويتها.