مدير التواصل في "إم بي سي" لـ"النهار": "معاوية" سيرة شخص وليس توثيقاً لمرحلة... وحدودنا السماء

ردّ مدير التواصل المؤسسي والإعلام والعلاقات العامة في مجموعة "إم بي سي" بسام البريكان على كثير من الانتقادات الموجهة إلى أعمالها، وخصوصاً إلى مسلسل "معاوية" الذي أثار الكثير من الجدل. وكشف البريكان في حوار مع "النهار" عن الخطط المستقبلية للمجموعة.
*مسلسل "معاوية" تعرّض لانتقادات حادة في الشكل والمضمون، كيف تردّ على ذلك؟
- يتطرق "معاوية" إلى حقبة تاريخية شديدة التعقيد والجدل، وحرصنا في "إم بي سي" على كتابته بدقة، آخذين في الاعتبار مختلف الآراء الدينية والتاريخية، وخضع النص لمراجعات أساتذة في التاريخ ومرجعيات دينية من مختلف المذاهب، لضمان التوازن في الطرح، وقُدّمت وجهتا نظر سيدنا علي ومعاوية من دون انحياز خلال الحلقة العاشرة، فالتاريخ ليس مطلقاً، والبشر يخطئون ويصيبون، وينبغي التحلي بالجرأة في تقديمه، مع تأكيد أننا شركة إنتاج درامي ولسنا جهة سياسية، ونتفهّم ونحترم كل الآراء الناقدة بخصوص الخلاف التاريخي بين علي ومعاوية، فهدفنا تقديم سرد درامي والحكم للتاريخ.
أما بخصوص الانتقادات بأن المسلسل مرَّ مرور الكرام على أحداث مهمة، فذلك لتناوله سيرة معاوية نفسه، وليس كل تفاصيل الحقبة الزمنية. بعض الأحداث، رغم أهميتها، لم يكن له دور مؤثر فيها. وأعتقد أن كثيراً من الانتقادات لم تكن في محلها، لأن العمل لم يكن توثيقاً لحقبة كاملة بل سيرة شخصية محددة.
أما عن الديكورات، فقد درست بعناية شديدة، والمعالجة الدرامية تتطلب أحياناً إضافة لمسات فنية، لذا حرصنا على الاستعانة بأهل الاختصاص في كل منطقة، سواء في تصميم ديكورات المدينة المنورة أو دمشق، ونُفذت على أيدي سوريين، إذ كانت دمشق آنذاك متقدمة في الفنون الخشبية.
* لماذا اختيار الكاتب خالد صلاح، وهو صحافي ليست له سابقة كتابة أعمال في الدراما التاريخية؟
- قدم خالد صلاح كتابة جيدة، وهو كاتب له قدره، لكن العمل ليس من تأليفه وحده، فهناك 4 آخرون اشتركوا في الكتابة وبينهم أشخاص يعدون من أفضل المتخصصين في تاريخ الجزيرة العربية، ونرحّب بأي شخص يشكل إضافة وليس لدينا غضاضة في كونها التجربة الأولى له درامياً فدائماً ما نمنح الفرصة ونكتشف المواهب.
* ماذا عن الخلاف مع المخرج طارق العريان؟
- طارق مخرج كبير نقدّره ونفخر بالتعاون معه، وبدأنا العمل مقابل 3 سنوات وبسبب ضخامته حدثت توقفات؛ فاتفق الطرفان على عدم استمراره وتخارجنا بحل ودي، وجاء مخرج آخر وأعاد كل شيء وفقاً لرؤيته وأعاد تصوير العمل من البداية.
*ما ردّك على الآراء التي تربط توقيت عرض "معاوية" بأحداث سياسية جارية في المنطقة، وإعلان بعض الدول عدم عرضه؟
- "إم بي سي" مختصة في إنتاج المحتوى الفني والترفيهي، ولا تربطنا أي أجندات، فالعمل درامي بحت، وسبب تأخير انطلاقه هو امتداد تصويره خلال ثلاث سنوات حرصاً على الجودة والخروج بالشكل اللائق. ومنذ البداية أعلنا عرضه على "إم بي سي1" ومنصة "شاهد" فقط، ولم يكن مخططاً عرضه على أي شاشة أخرى، لذا أي بيانات لمنع بثه نحترمها لكن لم تؤثر على عرضه.
*ماذا عن الانتقادات التي صدرت في مصر عن مؤسسات دينية، بينها الأزهر، تعارض تجسيد الصحابة؟
- هذه فتوى قديمة تعود إلى زمن مسلسل "عمر"، لكنها أثيرت هذه الأيام، والأزهر مرجعية نحترمها ونقدرها ونتفهم موقفه لكن دورنا ينحصر في الدراما ولا نتدخل في الدين.
*لم يواجه العمل اعتراض السلطات الدينية السعودية، هل أضحت المملكة أكثر انفتاحاً من دول أخرى؟
- نحن شركة تنتج أعمالاً درامية، ولا نتدخل في المسائل الدينية أو السياسية، وتلك حدودنا لا نتعداها، نرحّب بكل الآراء والانتقادات ونبحثها. "معاوية" انتهى بعد 21 حلقة فقط، وسيعقبه فيلم وثائقي عن مراحل إنتاجه؛ كي لا يتم ترويج أنه تم إيقافه.
* سرت توقعات باحتمال وقف المسلسل في السعودية على غرار ما حدث لأعمال في السابق. هل استمرار عرضه يحمل دلالات متعلقة بحرية الإبداع وإمكانية تكرار التجربة؟
- بالتأكيد، لن تكون التجربة الوحيدة ونحن منفتحون على أفكار ومشاريع كثيرة قيد المراجعة حالياً لأعمال درامية تاريخية قادمة، والمملكة باتت مركزاً للإبداع في ظل التغيير الذي تشهده خلال السنوات الأخيرة، ووفقاً لتوجه المملكة فإن سقف الإبداع غير محدود، فحدودنا السماء وحرية الإبداع مكفولة ومفتوحة.
* بعد هذا الجدل، أترى أن الدراما العربية أصبحت مؤهلة لعرض قضايا التاريخ الجدلية؟
- ينبغي توافر الشجاعة، فتلك أحداث وقعت قبل 1400 سنة ولا تزال تثير الجدل، لكن ما المانع من أن نلقي الضوء عليها، و"إم بي سي" لا حدود لها، وهناك خطط لإنتاج مزيد من الأعمال التاريخية سيُكشف عنها لاحقاً.
* برنامج "رامز إيلون" مصر قدّم جائزة مالية بقيمة جائزة برنامج محمد رمضان نفسها، فهل ذلك بسبب المنافسة؟
- يحقق برنامج رامز أعلى نسب المشاهدة في السوق المصري منذ سنوات، وله تاريخ من النجاح المتواصل. من اللافت أن بعضهم ينتقده، لكنهم في الوقت ذاته يقبلون على مشاهدته، ويظل متصدراً المشاهدات، وهذا ما يهمنا في "إم بي سي"، تقديم أعمال ناجحة تدر أرباحاً، وبرنامج رامز يحقق أرقاماً خيالية، لذا من الطبيعي استمرار عرضه.
* برأيك هل يعود جذب "إم بي سي" كبار المذيعين والنجوم إلى الإنفاق السخيّ وارتفاع الأجور أم إلى ارتفاع نسب المشاهدة؟
- يمتد تاريخ "إم بي سي" على مدار 30 عاماً، فهي موجودة في كل بيت عربي، إذ تتصدر المشاهدات ويتجاوز عدد مشاهديها 150 مليون مشاهد يومياً، وأعتقد أن طموح أي شخص في مجال الإعلام الظهور على شاشتها، ونحن حريصون على استقطاب أبرز النجوم المرموقين، فهو نجاح ومكسب للطرفين.
*كيف تتعاملون مع منافسة المنصّات الجديدة التي تستحوذ على حصّة من السوق العربي؟
- منصتنا "شاهد" كانت وما زالت الأولى سعودياً وعربياً، وتميزها يعود إلى تنوّع محتواها، والاختيار الدقيق للنصوص، والإنتاج السخيّ. لا شك في أن السوق يتسع للجميع، لكن "شاهد" تظل عسيرة المنافسة؛ لمراعاتها مختلف الأذواق والجنسيات والحدود الجغرافية، مقدمةً محتوى درامياً يشمل الإنتاجات الخليجية، والمصرية والسورية والمغاربية.
ونحن نحرص على رصد ردود الفعل يومياً عبر مركز أبحاث متخصص يقوم بتحليلها لاتخاذ القرارات الاستراتيجية المستقبلية بناءً على دراسات دقيقة. فالمنافسة لم تعد تُقاس فقط بنسب المشاهدة، بل أصبح التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي عنصراً أساسياً في التقييم.
ونحن من أوائل المؤسسات التي تبنّت الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، سواء في مجال الإنتاج أو في رصد التفاعل الجماهيري. وجمهورنا لا يقتصر على العواصم العربية والمدن الكبرى، بل يمتد إلى القرى والمناطق الريفية والحدودية، حيث ما زال التلفزيون التقليدي يشكل المصدر الأساسي للمشاهدة، وهو ما نأخذه في الاعتبار عند التخطيط لمحتوانا.
*ما هي خططكم في لبنان الفترة المقبلة؟
- لدينا العديد من المشاريع الدرامية، جزء منها إنتاج مسلسلات لبنانية، نظراً إلى ما تتمتع به الدراما اللبنانية من تاريخ وتجربة تستحق التقدير. لقد خضنا تجارب ناجحة ومتميزة، وسنواصل العمل في السوق اللبناني، وسنكون حاضرين بمشاريع جديدة خلال الفترة المقبلة.
*هل هناك توجه نحو "سعودة" الإنتاج الدرامي والترفيهي؟
- بالتأكيد، أطلقنا "إم بي سي أكاديمي" المهتمة بتهيئة الشباب والفتيات السعوديات لسوق العمل، سواء في الكتابة أو في الإخراج والتمثيل وكل فنون الصناعة، لخلق جيل من الموهوبين، وهناك "إم بي سي تالنت" المعنية بإدارة أعمال الفنانين السعوديين، كما ينصبّ تركيزنا على التوسّع في إنتاج الدراما السعودية، وأبرزها أخيراً مسلسل "شارع الأعشى" الذي يتصدر المشاهدات في السعودية والخليح، ويناقش حقبة من تاريخ المملكة في سياق اجتماعي. وأنصح بمشاهدته إذ اهتم بأدق التفاصيل.
*ما الخطط المستقبلية لمجموعة إم بي سي؟
- افتتحنا استوديوهات "النرجس" في السعودية وهي الأضخم عربياً، وتضم أحدث التكنولوجيا في العالم ولا أبالغ حين أقول إن ثمة استديوهات عالمية لا تتوافر فيها تلك التكنولوجيا.
وثمة توسّع في برامج المواهب التي سيعلن عنها بقوة خلال الفترة المقبلة، وسينطلق عقب العيد برنامج مغامرات تقديم الفنان السعودي محمد الشهري ويضم متسابقين والفائز يُتوّج بجائزة كبرى تفوق المليون ريال. بينما ستطلق "إم بي سي ستوديوز" قريباً فيلماً عالمياً هو أحدث إنتاجاتها.