هوليوود في عهد ترامب: كيف تعكس أفلام مهرجان برلين التحولات السياسية؟

بين المقاومة أو التجاهل أو الاستسلام، تواجه هوليوود التي لطالما شكّلت ملاذاً للأصوات التقدمية، خيارات صعبة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب... وقد حضرت التغييرات الجذرية في الولايات المتحدة بقوة في النقاشات الدائرة خلال مهرجان برلين السينمائي هذا الأسبوع.
وقد حضر طيف ترامب في الحدث السينمائي العريق، وأدى ذلك إلى مقاربة عدد من الأفلام المعروضة في المهرجان من منظور سياسي جديد حتّمته عودة الملياردير الأميركي إلى البيت الأبيض أخيراً.
اتّخذ أحدث فيلم للمخرج الكوري الجنوبي الشهير بونغ جون هو لوناً مختلفاً في ضوء الأحداث الجارية، إذ تمحور العمل حول ملياردير مولع بالفضاء، ما اعتُبر محاكاة ساخرة لشخصيتي دونالد ترامب وإيلون ماسك.
كما تطرّق فيلم "دريمز" للمخرج المكسيكي ميشيل فرانكو وبطولة جيسيكا تشاستين، إلى الهجرة، وتمحورت القصة حول راقص باليه مكسيكي لا يملك أوراقاً قانونية، يعبر إلى الولايات المتحدة ليكون مع حبيبته الغنية.
وقالت تشاستين للصحافيين إنّ القصة "سياسية بشكل مذهل، (جزئيّاً) بسبب ما يحدث الآن... ليس فقط في الولايات المتحدة، بل في جميع أنحاء العالم".
السؤال المطروح أمام صنّاع الأفلام والاستوديوهات والممثلين هو ما إذا كانوا سيقاومون علانية شعار ترامب "أميركا أولاً"، سواء من خلال عملهم على الشاشة أو تصريحاتهم العامة.
وقال المخرج الأميركي المستقلّ تود هاينز الذي يرأس لجنة التحكيم في مهرجان برلين، لوكالة "فرانس برس": "ليس لدي أيّ مشكلة في تسمية دونالد ترامب وإيلون ماسك والحزب الجمهوري بأكمله وإدانتهم على ما يحدث الآن".
وأضاف المخرج (64 عاماً): "إنها لحظة مروعة نعيشها الآن، وسوف تتطلّب كلّ ذرّة من الطاقة لمقاومتها والعودة إلى نظام اعتبرناه أمراً مفروغاً منه كأميركيّين، على الرغم من عيوبه".
"هروب من الواقع"
غير أن آخرين اتخذوا مواقف أكثر خجلاً. وعندما سُئل عن صعود الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة، لم يذكر النجم تيموتيه شالاميه الذي حضر العرض الأول لفيلمه عن حياة بوب ديلان "إيه كومبليت أنّون" في برلين، ترامب بالاسم، لكنه حذر من شخصيات تدعي لعب دور "المنقذ".
تدخّل أحد المذيعين لتحويل السؤال إلى موضوع الفيلم، بعيداً عن "الشخصانية السياسية". وتجنّب الممثل البريطاني روبرت باتينسون سؤالاً عن ترامب، بينما نفى بونغ أن يكون مستوحى من قطب نيويورك لشخصية السياسي الملياردير، قائلاً إنّه كان يفكّر في دكتاتوريين من الماضي.
وعندما سُئل عمّا إذا كان ينبغي للمخرجين تناول المزيد من الموضوعات السياسية، قال المخرج الأميركي المرشح لجائزة الـ"أوسكار" ريتشارد لينكليتر إنّ "الأفلام كانت دائماً وسيلة للهروب من الواقع".
وتدور أحداث أحدث أفلامه "بلو مون" في عام 1943 ويتضمّن مناقشة على الشاشة حول الطريقة التي يريد الجمهور من خلالها تشتيت الانتباه عن أهوال الحرب العالمية الثانية.
وقال الممثل البريطاني بنديكت كومبرباتش إنّ السينما تعكس "المخاوف الجماعية" في لحظة معينة في التاريخ، لكن السينمائيين يجب أن يتوخوا الحذر من الإدلاء بتصريحات غير دقيقة.
"استسلام"
تبقى معرفة إلى أي مدى سيضغط ترامب على استوديوهات هوليوود لتتماشى مع أجندته ضدّ الهجرة أو حقوق المتحولين جنسيّاً أو برامج التنوع العرقي والجندري، على سبيل المثال.
في وقت سابق من هذا الشهر، استبدل ترامب مجلس إدارة مركز كينيدي للفنون المسرحية، وهي مؤسسة ثقافية في واشنطن، ونشر على الإنترنت أنّه سيفتتح "العصر الذهبي للفنون والثقافة الأميركية". وكان أحد أهدافه ضمان عدم وجود المزيد من "الدعاية المعادية لأميركا".
وفي الأسبوع الماضي، حذت شركة "ديزني" التي سخر منها ترامب في مناسبات سابقة، حذو شركات أميركية كبرى أخرى بالتخلي عن أهداف التنوع ضمن "عوامل الأداء". وواجه فيلم "ذي أبرنتيس" المرشح لجائزة الـ"أوسكار"، والذي يصوّر ترامب في سنواته الأولى كمطور عقاري، صعوبة في إيجاد توزيع سينمائي أميركي العام الماضي، ولم يتمكّن بعد من إبرام صفقة لطرحه عبر خدمة للبث التدفقي.
وتشمل القضايا الأخرى التي تواجه هوليوود، تساؤلات عمّا إذا كانت ستستمر في التصوير في الخارج، إذ يجري تصوير الكثير من الأفلام في المكسيك لأسباب تتعلق بالتكلفة، في وقت يضغط ترامب على الشركات الأميركية لإرساء أنشطتها في الداخل.
وقال هاينز لـ"فرانس برس": "نشهد بالفعل للأسف، ليس بالضرورة في هوليوود، ولكن في العديد من الأماكن الأخرى التي تتعامل مع قوة الشركات الضخمة، استسلاماً لهذه الإدارة الجديدة وهو أمر صادم".