
ليليان يمين
صحيح، منطق الأقوياء ومَن يخوض الحروب غالبًا ما يكون مختلفًا، لأنه مبني على المصالح وسوء استخدام القوة فبالنسبة لهؤلاء الواقع لا "يصرخ" بل يُعاد تشكيله وفقًا لميزان القوى. لكن مهما كانت القوة، يبقى هناك صوت آخر، صوت الحقيقة والإنسانية، الذي قد لا يُسمع في لحظته، لكنه لا يختفي، يظلّ شاهدًا على ما جرى، ويُكتب التاريخ بدم الضحايا لا بأفواه المنتصرين.
تمهلّي،
كي املأ فراغك بقصيدة،
أيتها الغيمة.
ورقة،
تلوَ ورقة،
تبكي الاشجار.
كل هذا المطر،
لا يكفي
لغسل وجه الارض.
من أنتِ يا أنا؟ تلك التي ترى الجمال والإنسانية كقيم لا يمكن تجاوزها في حين أنّ هناك مَن يضع ال الإيديولوجيا فوق الإنسان، فالمشهد بالنسبة له مجرّد معركة بين وجهات نظر، وليس وجعًا حقيقيًا يستحق التوقف عنده. وربما تكون هذه البرودة نوعًا من الهروب، لأنّ الاعتراف بحجم الألم قد يكون مرهقًا للنفس.
لا شيء يمكن أن يبرّر الوحشية، لا أفكار ولا سياسات ولا أيديولوجيات. الألم الإنساني لا يخضع للمساومة، ولا يمكن حجبه بالنقاشات الباردة. من يرى العذاب ولا يتأثر، أو يحاول تبريره بأي شكل، فقد خسر شيئًا جوهريًا في روحه.
يا أنتَ، هل تبكي ؟ لا أعرف
لماذا تتمسّك بالشجرة ؟ لا أعرف
هل تشعر بالجوع؟ لا أعرف
ألديك أهل وأولاد؟ لا أعرف
ما اسمك؟ لا أعرف
هل هذا الركام بيتك؟ نعم .
هناك حدّ لا يمكن تجاوزه، حيث يصبح الألم أكبر من أي تفسير أو تحليل. عند نقطة معينة، لا يعود للنقاش معنى، لأن الواقع نفسه يصرخ. بعض الأشياء لا تحتمل الجدل، بل تستوجب فقط الشعور والإنسانية. يكفي أن نفتح أعيننا وننصت. عندما يصل الألم إلى ذروته، لا يعود بحاجة إلى كلمات، بل يصبح هو نفسه صوتًا يصعب تجاهله.
الشجرة التي سمعت صراخ النعجة لم يرفّ لها غصن.
والغيمة التي عبرت سريعاً لم ترمِ بظلالها على النعجة الهامدة.
النعجة التي ألقت بنظرتها الاخيرة على الشجرة اكتنزت أخضرها. أخضر عينيها وجعي.
مَن أنتِ يا أنا ؟حالمةٌ تقتني الحجارة الصغيرة في بيتها كأنها تجمع أجزاء من الزمن، أو تحتفظ بشيء ثابت وسط التغيرات لأنها ليست مجرّد أشياء، بل لحظات ملموسة جمعتها دون تخطيط، حيث كل حجر يحمل إحساسًا معينًا، عطرا محددا.
لعلّ القلب يا سادة كما الأرض، نصفه عتمة ونصفه ضوء، لن يكتمل.