سوف يصفّق في الظلام لنفسه وسوف نصفّق له دعوني أخرج لأصافح المعزّين، قال الشاعر جاد الحاج

ثقافة 17-12-2024 | 19:04

سوف يصفّق في الظلام لنفسه وسوف نصفّق له دعوني أخرج لأصافح المعزّين، قال الشاعر جاد الحاج

"دعوني أخرج. دعوني أعدّ الأبواب المغلقة وأصافح الأيدي المتدلّية كثمار الكسوف" (جاد الحاج). 
سوف يصفّق في الظلام لنفسه وسوف نصفّق له دعوني أخرج لأصافح المعزّين، قال الشاعر جاد الحاج
جاد الحاج
Smaller Bigger

"دعوني أخرج. دعوني أعدّ الأبواب المغلقة وأصافح الأيدي المتدلّية كثمار الكسوف" (جاد الحاج). 

إنّنا قد خسرنا للتوّ، الشاعر جاد الحاج (1946-2024). "قطار الصدفة" (عنوان أحد دواوينه)، ها هو يحطّ في رحابنا الكليلة ليقلّ إلى غير رجوع، شاعر الترحال والمنافي والحبّ والسخريّة العابثة والمرارات والانكسارات، الشاعر والروائيّ والصحافيّ والناقد والصديق جاد الحاج. 

الآتي من قيتولي (من أعمال جزّين، لبنان الجنوبيّ) إلى بيروت، سندبادًا إلى أراضي المعمورة، بعيدها والقريب، سيدني وملبورن بأوستراليا، لندن، أثينا، قبرص، فسواها، ثمّ في سرعل، من أعمال لبنان الشماليّ، ولا ييأس من كونه يائسًا مملوءًا بالأمل، صاحب صورةٍ ورؤية، طريفًا، عابثًا، ساخرًا، قريبًا، بعيدًا، عاشقًا، حرًّا، متملّصًا من القيود، لا يهاب المرض المشؤوم، ولا الموت، وإنّما حتّى الثمالة، على شغفٍ مضنٍ بالحياة والعيش والضحكة والمغامرة والمقامرة والتمرّد والمشاكسة والعناد والاعتراض والاحتجاج، ضدّ العالم، "مع كلّ ما هو ضدّ، وضدّ كلّ ما هو مع"، قريبًا لأنسي الحاج، صديقًا لسركون بولص ووديع سعادة وصلاح فائق، ولجملةٍ من آخرين، وله في كلّ محطّةٍ عنوانٌ وبيتٌ وإرثٌ ومنزلة، منغمسًا في القصيدة، في القصّة، في الرواية، في الصحافة، في النقد، في الريبورتاج، في الترجمة، في الأسئلة، ليكتب ما يريد أنْ يكتبه، ويوصي بما يريد أنْ يوصي به، ويبذّر، ويهرق، ويقامر بالعيش، ولا حساب.

فهو شاعرُ حياةٍ أوّلًا وأخيرًا، وشاعر ترحالٍ ومنافٍ، ولا مكان، كما هو شاعرُ أرضٍ وطبيعةٍ في الآن نفسه، ومقهى، وتربة، وشجر، وريف، وحبّ، على طريقته، وبأسلوبه. وليس هو شاعر صنعة، وقد أقول شاعرًا على حدة، وعلى شيءٍ من "هوشلة" و"براءة"، وله في القصيدة "قطار الصدفة"، "26 قصيدة"، "الكتاب الثالث"، "واحد من هؤلاء" و"عندما وأخواتها". 

وله في الرواية والقصّة والحكاية، "الأخضر واليابس"، "عذراء الصخور"، "ثلاثون حكاية"، "مهرجان"، و"شجرة الآس" (بالانكليزية). وكم يصعب أنْ تخسر شاعرًا، في كلّ وقتٍ ومكان، فكيف إذا كان من طينة جاد الحاج، الذي، هازلًا، حوّل مأساة المرض إلى أضحوكة، وملهاة، ووليمة، يلتهمها، ويتجرّع، ويُقدِم، عارفًا أنّه ينتصر بالقوّة الروحيّة، على رغم هزيمته المنكرة، وهو الكاتب مرّةً: "خذي وقتكِ واعطني أن آخذ وقتي مهزومان متساويان في الهزيمة".

ها هنا شاعرٌ يقول عن نفسه "تركتُ بيتنا كزانية تترك بيتها، فلا بيتها لها ولا بيوت الطريق". وها هو يغادر، بعد أن أنتظر كعاشق في البرد على الزاوية، وهو لسوف يصفّق في الظلام لنفسه، ولسوف يصافح المعزّين واحدًا واحدًا. وأنا منهم.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 11/22/2025 12:24:00 PM
حرّر محضر بالواقعة وتولّت النيابة العامة التحقيق.
اقتصاد وأعمال 11/20/2025 10:55:00 PM
الجديد في القرار أنه سيتيح للمستفيد من التعميم 158 الحصول على 800 دولار نقداً إضافة إلى 200 دولار عبر بطاقة الائتمان...
سياسة 11/20/2025 6:12:00 PM
الجيش اللبناني يوقف نوح زعيتر أحد أخطر تجّار المخدرات في لبنان
سياسة 11/22/2025 12:00:00 AM
نوّه عون بالدور المميّز الذي يقوم به الجيش المنتشر في الجنوب عموماً وفي قطاع جنوب الليطاني خصوصاً، محيّياً ذكرى العسكريين الشهداء الذين سقطوا منذ بدء تنفيذ الخطّة الأمنية والذين بلغ عددهم 12 شهيداً.