رحلة جاد الحاج الأخيرة
غيب الموت الكاتب والناقد جاد الحاج، وكتب عنه الكاتب جورج يرق الاتي: لم أعرف الصحافي والشاعر جاد الحاج شخصيًا. عرفته من خلال قصائده ومقالاته المنشورة في الجرائد، وخصوصًا روايته "مهرجان" التي أهدتها إلي الأديبة ماري القصّيفي في الصيف الماضي، والتي لم تأخذ حقّها نقديًا وإعلاميًا مع أنها رواية ذات مستوى. وقد فارقنا أمس إلى المكان الذي لا يعود منه أحد، هو المسفار في البلدان من أجل الاكتشاف وإشباعًا لشغفه بكل جديد.

وقد نعاه الزميل (سابقا في "النهار") انطوان الحاج كاتباً:
كنت أمشي تائهاً في تلك الضاحية الواقعة في جنوب شرق لندن، حيث الشوارع والبيوت كلها متطابقة حدّ الرتابة، إلى أن اسعفني الحظ ووقع نظري على بيت زيّنت أحد جدرانه الخارجية لوحة خشبية محفورة عليها كلمة Kaytouli.
ها قد وصلت إليك أيها السندباد الذي أقامت فيه قيتولي وأقام فيها أينما حل: بريطانيا واليونان وأستراليا وسرعل في شمال لبنان وتلك الباخرة التي تسلل إليها صغيراً لتأخذه في غفلة من ربّانها إلى قبرص قبل أن تعيده إلى صور... بقيت قيتولي فيك صحافياً وشاعراً وروائياً بالعربية والإنكليزية ومصوّراً بعين النسر اللمّاح... بقيت فيك فيما كنت تزرع الأرض في سرعل وتجني محاصيلها كأنك مزارع محترف أباً عن جدّ... بقيت فيك خلال وجودك في "كانّ" سنة بعد أخرى تغطي مهرجانها السينمائي البرّاق وتستلهم منه كتابك الملحميّ "مهرجان"... وداعاً أيها الرافض المتمرّد صاحب شعار "مع كل ما هو ضدّ وضدّ كلّ ما هو مع"...
وداعاً أيها المقاتل الذي خاض معارك كثيرة ومريرة مع المرض ورفض أن يستسلم... وداعاً يا من حوّل الحلم إلى مغامرة والمغامرة إلى رحلة محفوفة بالأخطار .كانت محادثتنا "الطبيعية" الأخيرة في ربيع 2022 حين قلت لي إنك مسافر إلى لندن للقاء ناشر أحدث كتبك بالإنكليزية وستعود بعد أسبوع. لكن القدر شاء قطع التواصل وأرسلك في رحلة أخيرة لم تقوَ على الوصول في نهايتها إلا إلى قيتولي التي تستقبلك في ترابها...
وداعاً جاد الحاج. نَمْ قرير العين إلى جانب والد افتقدتَه كثيراً.
وإلى اللقاء ذاتَ يوم وذاتَ حلم وذاتَ قدر...
نبض