هل يمكن الذّكاء الاصطناعي أن يخدم اللغة العربيّة؟
صورة تعبيرية
Smaller Bigger

هل الذكاء الاصطناعي يفيد لغتنا العربية أم يضرّها؟ وهل يُمكن هذه التقنيات الحديثة أن تصنع أدباً عربياً جيداً؟ 

 

في يوم اللغة العربية، أردنا أن نرى موقع لغتنا وسط كلّ ما يحدث في عالمنا، فطرحنا مثل هذه الأسئلة وغيرها على الكاتب والمترجم المصري د. أحمد سمير سعيد، فأجاب: "علاقة الذكاء الاصطناعي مع اللغة قد تتجاوز استخداماتنا الحالية ببون شاسع! وأنا أمارس الترجمة، قد يتعذر عليّ أحياناً فهم عبارة ما فهماً كاملاً، فصرتُ أطلب من الذكاء الاصطناعي أن يشرحها لي في اللغة الأصلية وأراه يبرع في ذلك". ويضيف: "يمكن الذكاء الاصطناعي حالياً أن يمارس تعليم اللغة أيضاً، وهو تعليم تفاعلي كأنك مع أستاذ لا يكل ولا يمل ومتاح في أي وقت ويعد مناهجه الدراسية بحسب كل شخص ومستواه وقدراته".

 

يعتقد أحمد سمير أن هناك طفرة كبيرة ستحدث في مجال تعلم اللغات والتقارب بينها، وهو يرى أنّ "الذكاء الاصطناعي قد يسهم في تطوير اللغة نفسها، وقد يتمكن في المستقبل من ابتكار تعبيرات ومجازات جديدة أو يقترح تعديلات لبناء الجملة في طريقة أسهل وأيسر". 

 

ولأن أحمد سمير سعد يملك خلفية علمية تمكنه من متابعة ما يجري في العالم، فهو شديد الاقتناع بأن الذكاء الاصطناعي سوف يحدث ثورات جذرية في اللغة والتفكير والإبداع. ما يفرض سؤالًاً حول مستقبل العلاقة بينه وبين الأدباء والمبدعين عموماً. 

الأدب العربي والتكنولوجيا


وعن مستقبل الذكاء الاصطناعي في تأليف الأدب العربي تحديداً، يجيب الكاتب سيد ضيف الله: "المقارنة بين دور الذكاء الاصطناعي في تأليف الروايات باللغة العربية و باللغة الإنكليزية تكشف أن العربية ستشهد مساحة أكبر واستفادات أكبر من أدوات الذكاء الاصطناعي في تأليف الروايات وأنواع الأدب الأخرى، لا سيما في محاكاة الأساليب ونسج الحبكات وجمع المعلومات اللازمة لبناء الشخصيات والعوالم الروائية ودمجها في النصوص الأدبية". 

 

ولكن يرى ضيف الله أننا ما زلنا بحاجة لاستثمارات عربية في مجال تصنيع تطبيقات وحركات بحث تعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لذلك فإن شكل اللغة العربية وقواعدها ومفرداتها ومعاجمها سوف يحدده المستشمرون والمصنعون لتقنيات الذكاء الاصطناعي التي توجه للمتعلمين الراغبين في تعلم العربية وآدابها.

 

 

قلق وريبة

أما الناقدة والكاتبة السورية فدوى العبود فتعلّق على الموضوع قائلة:

 

"قد يفتقر شعوري بعدم الارتياح إلى المرونة. أقصد هل أبدو غير عصريـًة حين أنظر بعين مرتابة للذكاء الصناعي؟ ربما يتشارك معي الكثيرون هذا الرأي. فهل يكفي أن تزوّد روبوتاً ببعض المعطيات ليعطيك حكاية؟ وماذا عن المشاعر وحرارة التجربة؟!". 

 

وتشير العبود إلى أنّ المسألة ليست متعلقة فقط بالمشاعر والحساسية والبصمة، بل هناك قضية أخلاقية قد تصل إلى "الفساد" وانعدام تكافؤ الفرص. فتتذكر أنها التقت مرة بشخص شديد الحماسة للذكاء الصناعي، ثم تبين لاحقاً أنه مدين له لكونه أعدّ له بحثاً سافر بموجبه في منحة ثقافية لباريس. المنحة ذاتها ربما تقدم لها إنسان يعمل منذ سنوات في مشروعه! وتضيف: "يظهر بوضوح أن القلق هنا نابع من فكرة أنه يلغي ما يجعلنا بشراً وأحراراً. أقصد الإبداع والتخيل، ورغم ذلك هناك من يحدثوننا بثقة وهؤلاء أكثر تفاؤلاً انطلاقاً أن أداءه سيتحسن في المستقبل القريب لكنه مهما تطور سيبقى عاجزاً عن الشعور والإحساس والقدرة على الحكم الجمالي والأخلاقي، حتى إن حدث ذلك فهو سيخضع لتوجهات المبرمج. وبعيداً عن هذا وذاك، يبدو أنه مصمم لأنصاف المواهب أو "المديوكر" بتعبير آلان دونو. أرجو ألا يقفز أحدهم ليخبرني عن قدرة الذكاء على تعديل النصوص أو تحسين الحبكة. فتعديل عمل أدبي بيد إنسان أكثر من مجرد تعديل إنه: فهم جديد ورؤية جديدة للعالم. ومع كل تغيير لنصوصنا نتغير. فماذا سيبقى للخيال إذا فعل الذكاء الصناعي هذا؟ 

 

ثم أليس من الأجدى وقبل أن نتحدث عن الذكاء الاصطناعي احترام الذكاء الإنساني، بدلاً من تحويلنا إلى روبوتات عبر تزويدنا بطريقة تفكير واحدة وجعلنا كائنات دون حدس أو حكم جمالي أو أخلاقي أو حتى ملامح أشبه بالكائنات الجديدة ومن يطلق عليهم جيل زد ومن سيليه؟".

 

الأكثر قراءة

العالم العربي 9/29/2025 5:14:00 PM
"نحن أمام مشروع ضخم بحجم الطموح وبحجم الإيمان بالطاقات"
تحقيقات 9/30/2025 4:06:00 PM
تقول سيدة فلسطينية في شهادتها: "كان عليّ مجاراته لأنني كنت خائفة"... قبل أن يُجبرها على ممارسة الجنس!
ثقافة 9/28/2025 10:01:00 PM
"كانت امرأة مذهلة وصديقة نادرة وذات أهمّية كبيرة في حياتي"
اقتصاد وأعمال 9/30/2025 9:12:00 AM
كيف أصبحت أسعار المحروقات في لبنان اليوم؟