‏اقترب العيد

منبر 18-12-2025 | 12:31

‏اقترب العيد

‏اقترب العيد وسعيد إبن القرية ليس سعيداً، فراتبه الشهري لا يكفي لسدّ حاجيات أسرته وكيف الحال في قدوم العيد.
‏اقترب العيد
زينة الميلاد في أسواق بيروت التجارية (نبيل إسماعيل)
Smaller Bigger

‏ريمون مرهج

 

 


‏اقترب العيد وسعيد إبن القرية ليس سعيداً، فراتبه الشهري لا يكفي لسدّ حاجيات أسرته وكيف الحال في قدوم العيد. هو يحمد الله ويشكره ولا يكترث للمظاهر والترف، ولكن همه الوحيد أولاده فلا يشعرون بالحرمان من أبسط متطلبات العيش الكريم وكيف إن أتى موسم الأعياد والناس جميعاً يتحضرون للاحتفال، يشترون الثياب الجديدة ويزينون منازلهم بالأضواء الملونة ويبدأون في تحضير الحلويات بينما أسرته تعيش في عوز وعسر فيرى الدموع المسجونة في عيون أطفاله وهم ينظرون إلى رفاق لهم يرتدون ثياباً جديدة ويمرحون في ألعاب جلبها لهم ذويهم كما يشتهون مائدتهم حينما يزورونهم في منازلهم فتخنق الغصة حلقهم بصمت موجع لا يشعر بها إلا أمهم وأبوهم سعيد حينما يراهم مطأطئين رؤسهم فيدخلون غرفة النوم ويتوارون عن الأنظار محبطين. يتنهد سعيد طويلاً ويتأمل مسيرة حياته متسائلاً  مستعلماً بدهشة محدثاً ذاته كالمجنون: "كيف لغيره أن يحيا ببحبوحة بينما هو فقير معدم بالرغم من المثابرة في عمله من الفجر حتى الغروب

أين العدل في هذا العالم ولم هناك فقراء وأغنياء ينعمون بالخيرات بينما الفقراء الكادحون يحيون في البؤس وينامون كل ليلة جائعين؟ أنا إنسان نظيف الكف يا الله وأؤمن بك وبرحمتك وعظمتك فلم لا ترأف بحال أسرتي وتعطف على أولادي فتبعث الفرح والراحة في قلوبهم؟". يتصبر سعيد كصنم مصقول بيد نحات بارع لا يتحرك ولا يتكلم ولكن في قلبه بركان من الوجع يتفجر سراً ويمزق أحشاءه لبرهة من الزمن ثم يقف منتفضاً رافعاً يديه نحو السماء مردداً: "إرحمني يا الله ولا تتركني" ثم يهرول مسرعاً إلى خارج دارته يجمع الحطب من الحقل ويذرف الدموع في الخفاء فهناك لا يراه أحد ولا يشعر أبناؤه بضعفه فيجب أن يبقى قوياً أمام أنظارهم كي يشعرون بالأمان والسلام في وجوده بينهم. يعود بعد حين إلى بيته حاملاً غمراً من الحطب بعد أن حلّ الظلام فيشعل المدفأة ويسود الدفء بين أسرته في ليلة باردة ثم يمضي إلى فراشه ويستسلم للرقاد بعد تعب نهار طويل. 
‏في صباح يوم جديد بينما هو ذاهب إلى عمله سيراً على الأقدام تتوقف سيارة بقربه ويلقي سائقها عليه السلام ثم يسأله: أين هو منزل سعيد الراضي؟. فيجيبه: نعم أنا هو، ماذا تريد منه؟ فيترجل السائق ويقترب منه مبتسماً  صارخاً: يا سعيد هناك من أرسل لك ولأسرتك حصة غذائية ومتاعاً والحمدلله أنني إلتقيت بك فتفضل واستلم هذه الأمانة مني لو سمحت. فتح السائق صندوق السيارة وناوله الاحصة الغذائية والأكياس. وقف سعيد مندهشاً حائراً ثم أردف قائلاً من الذي أرسلها لي؟. فأجابه: فاعل خير. 
‏ركب السائق سيارته وعاد أدراجه. فتح سعيد الصندوق ورأى فيه المعلبات الغذائية والحلويات والحبوب وفي الأكياس ثياب له ولأسرته وألعاب لأطفاله.  فجثا على ركبتيه وصرخ من شدة الفرح: ما أعظم رحمتك يا إلهي وكم أنك حنون. أشكرك وأقدم قلبي لك يا سيدي الحبيب. 
‏عاد سعيد إلى بيته وهو يصيح مبتهجاً: يا أولادي كم أن ربنا رحيم غفور وها هو العيد آت إلينا بغبطة وسرور تعالوا إلي، تعالوا إلي.



العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/16/2025 3:18:00 PM
الرئيس اليمني حمّل حركة "حماس" مسؤولية استمرار الغارات الإسرائيلية والمجازر بحق الشعب الفلسطيني
المشرق-العربي 12/16/2025 5:26:00 PM
ترى باريس أن "حزب الله" يسيء فهم اتفاق وقف إطلاق النار ، مدعياً  أنه يتضمن نزع سلاحه في جنوب الليطاني فقط، في حين أنه يقوم الاتفاق على نزع سلاح الحزب في كل لبنان، وهذا مكتوب "أسود على أبيض" في الاتفاق
الولايات المتحدة 12/17/2025 8:59:00 AM
أوضحت جامعة MIT أن لوريرو كان أستاذاً في قسم العلوم والهندسة النووية وقسم الفيزياء، كما شغل منصب مدير مركز علوم البلازما والاندماج التابع للمعهد