ريبال الياس سميا

فقال لهم الملاك: "لا تخافوا؛ فها أنا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب ... المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لوقا 2: 10 -14).
كانون الأول شهر ميلاد مخلص العالم، الشهر الذي فيه ننهي عاما مضى ونستعد لاستقبال عام جديد، معبدين طريقه بالدعوات والتمنيات بالصحة، والبحبوحة، وراحة البال. شهر نستذكر فيه كل من غادرنا إلى الأخدار السماوية، وفيه نغربل كل "التنذكر وتنعاد"، مروراً بالتي "تنذكر والله لا يردا". شهر السلام والعائلة والفرح والهدايا.
كانون الأول هذه السنة شهر أبيض مبارك بامتياز؛ يبشر بسنة خير بإذن الله، فهو أطل مصطحباً معه هديتين سماويتين، كان وطننا بأمس الحاجة إليهما: الأولى زائر سماوي أبيض يحمل خريطة طريق سلامية، أنسانا على مدى ثلاثة أيام كل ما يدور حولنا وعندنا من مشاكل، والثانية زائر سنوي أبيض، رفيق جبالنا، ثلجنا الذي قصر زيارته السنة الفائتة.

هو شهر ينتظره عدد كبير من اللبنانيين، فآخر العنقود هو من الأشهر السنوية التي تعتمد عليها عجلة الاقتصاد اللبناني الداخلية بشكل أساسي؛ فهو يشكل ذروة الحركة الاقتصادية الشتوية، بما يحمل من تأثير مباشر على عدة قطاعات اقتصادية مثل قطاع السياحة من مطاعم، وأوتيلات، وبيوت ضيافة... وقطاع التجارة وغيرها من القطاعات الكثيرة. وعدد كبير من اللبنانيين يعول على هذه الفترة من السنة لتنفس الصعداء، كل بحسب تطلعاته، فالمواطن يريد أن ينسى المشاكل اليومية المحيطة به، من تهديدات بالحرب وضيق اقتصادي، ويريد أن ينعم براحة البال والبركة مع العائلة والأصدقاء.
وأصحاب المصالح التجارية على اختلافها، بالإضافة إلى ما سبق، يريدون أيضا موسماً تجارياً ناجحاً يكون فيه المواطن مرتاح البال، وحالاًّ صرته! والدعوات تبقى للإستقرار الأمني، والنفسي، والاقتصادي، ومحركاتها كلها يديرها وقود السلام وحده.
مراقبا الأحداث بأدق تفاصيلها، ينهمك بابا نويل اللبناني الذي خسر كرشه، وأصبح يعمل بوظيفتين كي يستطيع أن يؤمن عيشة لائقة لعائلته، بمتابعة أحداث "كانونه" بأدق تفاصيلها، وهو يجهز عربته، وغزلانه متأملاً بموسم أعياد هادئ، وحافل هذه السنة. فهو بالإضافة إلى متابعته ألأخبار السياسية المحلية والإقليمية، عينه على السياسة السياحية الداخلية، فالعدد الكبير من البلديات والجمعيات التي تحاول جاهدة كل على حسب طاقتها، إضفاء الأجواء الإيجابية، قد لبست حلة العيد، وهي تقيم نشاطات ميلادية متنوعة، لتستقطب عددا كبيراً من القاطنين والسياح إلى مناطقها. السياسة السياحية الداخلية نالت إعجاب بابا نويل اللبناني، وتبقى تضرعاته لأصحاب القرارت الجيوسياسية، كي لا "يحلى" لحم الغزلان بعينه.
كانون الأول شهر ميلاد الرب يسوع. كانون الأول هو شهر التواضع، والسلام والمحبة. عسى أن ينير الميلاد ليل الرعاة الجالسين في هجعة الليل، الذين تبقى لهم وحدهم إيجاد صيغة السلام الملائمة.
كانون الأول عندنا، الثلج عندنا، وبابا نويل اللبناني يصلي مع بابا روما: "طوبى لصانعي السلام".
ولد المسيح هللويا.