سعد نسيب عطاالله
لا أستطيع أن أتواصل مع صديق وألتقيه في مقهى حتى أكسر روتين البقاء وحيداً في المنزل!
لا أستطيع أن أملأ خزان سيارتي وقوداً وأفسّح عن نفسي على طرقات الجوار وأبقي على مهارة القيادة والانتباه!

لا أستطيع أن أشتري ثياباً شتوية حتى أكافح برد الشتاء، وإمكانية منع الإصابة بأمراضه!
لا أستطيع أن أبتاع حذاء يحجب المطر عن قدمي!
لا أستطيع شراء وقود لتدفئة غرفتي خلال جلوسي ليلا ساعات طوالاً في غرفتي الباردة!
لا أستطيع أن أشتري نبيذاً أحمر يبعث الدفء في جسدي قبل الخلود إلى النوم!
لا أستطيع أن أحصل على أبسط أمور السلوى والترفيه!
لا قدرة عندي على القيام بكل ما أتيت على ذكره آنفاً، وأمور كثيرة لا أريد ذكرها واستهلاك وقت القارئ الكريم بها، لأنني مودع أموالي في المصارف، التي أُعطى منها اليسير القليل، وليس لدي مصدر مالي آخر، مثال معاش تقاعدي، حرمت منه ظلماً، بالرغم من عملي عقوداً من الزمن في القطاع العام، والتعليم الجامعي خاصة!
لكنني
أستطيع أن أشتري الخضار والفواكه الرخيصة الثمن، وأبسط ضرورات استمرارية العيش البشري الكريم!
أستطيع أن أذهب بنزهة الى الحقول والغابات البعيدة، أو السير ساعات على الطريق العام الملوثة بانبعاثات الآليات العابرة!
أستطيع أن أجلس على شرفة منزلي أراقب العابرين سيراً على الأقدام، وفي سياراتهم الفارهة، كشاهد زور على حياة عابرة لا معنى لها عندي ولا قيمة!
أستطيع أن أقوم بأفعال يقوم بها العجزة والكهول وكبار السن البسطاء!
تعبر على حلولي للتخلص من هذا الواقع المر، تصورات سوداوية قاسية، تدفعني إلى ارتكاب جرائم ما فكرت يوماً أنني سوف أنهي حياتي بها!
تصورات غريبة عجيبة تفرغ غضبي وتنهي حياتي مع حياة آخرين متورطين في المأساة اليومية الأليمة التي تقضّ جسدي وروحي ووجودي الكريم الشريف!
أطلب من ربي تقوية عزيمتي ومناعتي على التحمل والصبر، كوني لا زلت منتظراً على شفير هاوية سحيقة، وآملا بالخلاص من جور المصارف!
رحماك ربي ومخلصي!
نبض