العراق بين مطرقة السيادة وسندان الولاية
د. عاصم عبد الرحمن
لم يكن نشر قرار تجميد أصول حزب الله والحوثيين ثم التراجع عنه سريعاً مجرد خطأ إداري، بل مؤشر على هشاشة القرار السيادي في العراق. فالارتباك الذي أصاب مؤسسات الدولة يعكس ارتجاجاً أعمق مصدره طهران، التي تحاول تصدير أزماتها الاقتصادية والاجتماعية إلى الجوار لتخفيف الضغط الداخلي المتصاعد عليها.
قرار فجّر حقيقة الانقسام داخل الدولة
إدراج حزب الله والحوثيين في قائمة تجميد الأصول كشف حجم الصراع داخل السلطة العراقية. فالقوى الموالية لإيران سارعت لفرض تراجع مذل، بينما أعلن مكتب السوداني أن القرار "خطأ غير مقصود" ونفت رئاسة الجمهورية علمها به. هذه التطورات تؤكد وجود دولتين داخل الدولة:
دولة تسعى لإثبات السيادة والالتزام بالمعايير الدولية.
ودولة ظل تديرها أذرع الولي الفقيه، تجهض أي قرار يتعارض مع مصالح طهران.
النفوذ الإيراني لم يعد تدخلاً سياسياً، بل بنية موازية كاملة تتحكم بالقرار الأمني والاقتصادي، وتحول العراق إلى ساحة خلفية تستخدم في تمويل وتسليح وإدارة صراعات النظام الإيراني.
السيادة العراقية… معركة لا تُحسم دون تغيير في طهران
ما جرى يؤكد حقيقة أثبتتها التجارب: لا يمكن للعراق أن يستعيد سيادته طالما بقي نظام ولاية الفقيه قائماً. فالنظام بات عاجزاً داخلياً، ويعتمد على وكلائه في المنطقة لتمديد عمره وإخفاء شروخه. ومحاولة الموازنة بين سيادة وطنية وتبعية إقليمية هي معادلة مستحيلة.

الحل يكمن في "الخيار الثالث" الذي تطرحه المقاومة الإيرانية: دعم نضال الشعب الإيراني وقواه المنظمة لإسقاط نظام الملالي وإقامة جمهورية ديمقراطية. فاستقرار إيران هو المفتاح لاستقرار العراق والمنطقة، وتحرير بغداد يبدأ من طهران أكثر مما يبدأ من داخل حدود العراق.
نبض