بين الحقيقة والخيال
ماريا السكاف
عاشت وكبرت، منذ نعومة أظافرها،
متكئةً على مخيلتها،
تلك التي تقود خطاها إلى الأمان،
حيث الحلم مسكن، والخيال رفيق دوام
كانت تغيب عن واقع رمادي،
تحلق في فضاءٍ حر،
تنسج من الأمنيات مجداً،
ومن الأحلامِ سلّماً للنجاح
ثم كبرت…
نضجت…
إلا أن خيالها المسكين،
لم يعد قادراً على خطفها من أنياب اليقين.
فأصبحت الأحلام أضخم،
والطموحاتُ أفق لا يُحدّ،
أما النجاحُ فلم يعد زينة، بل ضروري للاستمرار،
في عالم خبيثٍ، لا يعرف سوى الضرر..

ما عادت طفلة تختبئ وراء ألعابها،
وتطلب الفرار من يوم دراسي،
بل صارت صبيةً تنازع للبقاء،
تؤاسي نفسها… وتبني طريقها بنفسها
تتمنّى… وتتمنى... وتتمنى.…
لكنّها تعلم أنّ التمنّي لا يجدي نفعاً،
وصعب أن يطفئ لهب الألم
كبرت، نعم،
لكن في أعماقها طفلةٌ ضائعة،
سُرقت منها أفراحُها،
واقتُلعت من رحم الحُلمِ أمنياتُها،
وزُرعت بدلاً منها أوجاعٌ لا دواء لها،
حتى أن الزمن لا يقدر أن يمحوها
هي طفلة… وستظل طفلة،
تعشق الحياة رغم صعوباتها،
وتُحارب الحزن في أوج العواصف،
حتى آخر نسَمة، لآخر نسمة لها على الأرض
فالخيالُ هو وطنها،
أما الحقيقة…
فهي جحيمها الخانق.
نبض