ليليان خوري 

غادر الحبر الأعظم ربوع لبنان بعد أن مكث فيه ثلاثة أيام أغدق عليه من بركاته وإرشاداته الروحية.
جعلت زيارة البابا من لبنان مرة جديدة حالة موجودة في الضمير العالمي بعد أن بات مهدداً في كيانه ووجوده.

الزيارة الأولى للحبر الأعظم إلى لبنان أعطته جرعة مناعة وقوة دفع علّ المسؤولين لدينا يعملون بها ويوفروّن على البلد انقسامات حادة خطيرة تقودنا إلى حروب عبثية لا مكاسب منها، سوى خسارة الهوية والرسالة الفريدة الذي أكدها  القديس الراحل البابا يوحنا بولس الثاني.
بين العطش الشعبي إلى زيارة شخصية عظيمة بمستوى الحبر الأعظم والأمل في أن يساهم بما يملك من هالة مسيحية ودولية أن يجنّب البلد أتون الحروب التي يهدّد بها الكيان الإسرائيلي  قبل واثناء وبعد زيارة البابا.
زيارة البابا إلى لبنان محطة مفصلية الآن في وجود هذا البلد خصوصاً مع الأطماع التوسعيّة الإسرائيلية التي يجاهر بها العدو علناً. وتشديد البابا في كل رسائله إلى اللبنانيين بضرورة البقاء وخصوصاً إلى المسيحيين بالتجذّر أكثر فأكثر في أرضهم، ليس عرضياً بسيطاً إنما ينم عن قلقٍ كبير إيذاء تضاؤل الوجود المسيحي في سوريا والعراق وفلسطين وتركيا حتى في لبنان.
ثلاثة أيام أمضاها البابا بيننا تعرفّنا عليه كثيراً وتعرّف علينا أكثر، وتشعر في جميع محطاته إنه يختزن مشاعر محبّة وإعجاب واندهاش شديدين إلى رعايا مسيحيين يملكون كماً إيمانياً كبيراً وطوباوية راسخة لا تقلّ عن مسيحيين موجودين في البلاد الغربية. 
زيارة الحبر الأعظم إلى ضريح القديس مار شربل دلالة واضحة على الاحترام والاعتراف بالإيمان العميق للبنانيين كافة في هذا القديس الذي ادهش العالم في قداسته من خلال الأعمال  الشفائية التي طالت كل المحجّين إلى هذا الصرح. لقد أضاف البابا في هذه الزيارة قداسة فوق قداسة وبركة فوق بركة وخلوداً فوق خلود. 
زيارات البابا الأخرى جديرة بالتقدير والتنويه للناحية الإنسانية والمجتمعية خصوصاً لمستشفى راهبات الصليب فهناك من أتى ليقول: لستم وحدكم بعد اليوم خصوصاً مع تلكؤ السلطة في مساعدة المؤسسات الإنسانية.
تأكيد البابا على الوحدة بين اللبنانيين مسيحيين ومسلمين شهادة صلبة في وجه إسرائيل التي تعمل على كسر هذه الصورة الجامعة للبنان الرسالة. 
إعلان قداسته أنه سيحمل لبنان قضية في المحافل العالمية وفي كل اتصالاته الدولية رسالة مهمة إلى الفكر التوسعي الإلغائي الذي يرغب في كتابة شرق أوسط جديد يقوم على انقاض أوطان تجذرّت في الأرض شلوشاً وحلّقت في السماء شموخاً، وفاحت من ترابها القداسة. 
أوطانٌ مهما صغرت مساحتها ستبقى صامدة لن تقوى على اقتلاعها أي قوة، طبعاً إذا أحسنّا قراءة رسائل  البابا للسلام،  وتأكيده وتحديثه للإرشاد الرسولي الذي طبعه البابا لاوون الرابع عشر في زيارته لبنان. 
فهل من يتعظ ويتلقّف؟