نعمت كريدلي

يكاد يذبل، يكاد يستكين،
وفجأةً يقتل كل تشرّد.
يكاد يرحل، يكاد يستعين،
وفجأةً يعتقل التودّد.
فكري مصابٌ بتشرين،
شمسه عاصفة تمطِر التمرّد!
يلتحف فصول الأنا والأنين
في ليلة يغزوها جمر التجدد!
فكري عود وتره حزين،
لغيتار عميلٍ خان التجسّد.
في قفصٍ سُجِن ذلك الثمين،
فحطمّه بأجنحةٍ من توقّد!
فكري أسطول حرب هجين
"برجومائيُّ" القصف لثوابت التعدد-
تعدد نقدٍ بمنطق الرّنين؛
يهزّ الركود برقصة التردّد.
فكري مسارٌ متشعّب التكوين
بدايته نهاية ونهايته تولّد.
فكري سكر تمر وسكين
يشقّ اليقين ويطعن التشدد!
غذاء خليتي تمرّد
دواء قضيتي تمرد
بقاء هويتي تمرّدْ!
مع كل انشطار حرفٍ جنين
مع كل اغتيال سقفٍ حنين-
حنين لحرية التجرّد!
ففكري ربيفه من نار وطين،
طيوره شهبٌ شهيّةٌ لسجين.
مجرّةٌ تلاحق التجمّد
وذرّرةٌ تعانق التورّد.
صوتٌ صداه ضوءٌ وسنين،
موتٌ مداه شوق الوتين!
فكري متاهةٌ تلتهم التوطين،
انفجارٌ كونيٌّ من حين لحين!
"برجومائي": كلمة ابتكرتها نعمت كريدلي واستخدمتها لأول مرة في قصيدة "فكر برجومائي".
المعنى الحرفي: شيء أو كائن مرتبط بتعددية المكان: البر والبحر/ الماء والجو، مثل الكائنات المجهرية التي يمكنها الانتقال بين هذه البيئات، وليس العيش الفعلي المتكامل فيها كلها والذرّات التي يمكنها أن تتواجد في أي بيئة بسهولة.

المعنى المجازي: القدرة على التكيّف مع المتغيّرات والمعوقات في بيئات مختلفة وتطوير مهارات وإمكانات تتناسب مع حاجات المكان الجديد. بمعنى آخر، إظهار مرونة وجودية وقدرة فائقة على تقبّل الآخر الموجود في الموطن الأصلي والتعايش مع الإختلاف برقيّ وحضارة من دون السعي إلى إلغاء الكائنات الأصلية الموجودة في مكان ما انتقل إليه "البرجومائي".
من الناحية الفلسفية: "البرجومائية" هي تيار فكري إنساني يشجع على إمتلاك مهارات معرفية ونفسية تمكّن الفرد من الإندماج دون الإنصهار في بيئات مختلفة، وتجنبّه الإلغائية والتعصّب ليكتسب بذلك صفات فريدة من نوعها مستمدة من التناقضات الصحية للبيئات المختلفة. "البرجومائية" حالة وجودية تحفّز الإرتباط بكل شيء في الكون بحيث يشعر الموجود كأنه جزء من كل، وهذا الشعور يولّد لديه إحساس بالمسؤولية حيال سلامة هذا الكل ويجعله أكثر تقبّلاً للإختلافات الطبيعية في جميع الموجودات.
من الناحية السياسية: نظام "البرجومائية" في الدولة يرتكز الى تدريب الشعب والحكام على مهارات الإنتقال السلس من مسار سياسي/إقتصادي/ إجتماعي إلى آخر دون حدوث خضّات أمنية تستنزف المجتمع والدولة. يعتمد هذا التدريب على تعددية المسارات السياسية والعسكرية والإقتصادية والقانونية بحيث لا تتكئ الدولة على نظام معيّن كل الوقت. على سبيل المثال، في الإقتصاد وفي إطار تطبيق "البرجومائية" تجتهد الدولة للإستثمار في الإقتصاد الإنتاجي والإستهلاكي معاً داخل أراضيها وخارجها ضمن إتفاقات معيّنة. وفي السياسة تعتمد على أنظمة حكم مختلفة ومتغيّرة من حين لآخر حسب المتغيّرات العالمية بما يتناسب مع مصلحة الدولة والشعب.
"البرجومائية" هي القدرة على التكيّف الذكي والإنتقال السلس من مكان إلى مكان و/أو من حالة إلى حالة من دون المساس بالأخلاق والضمير الإنساني للحصول على صفات بيئية مميزة من دون ممارسة الإلغائية.