إعادة الهيكلة بين المصارف والمركزي والمالية

منبر 23-11-2025 | 13:10

إعادة الهيكلة بين المصارف والمركزي والمالية

لاشك فيه أن اصدار الحكومة المراسيم التطبيقية لقانون اعادة هيكلة القطاع المصرفي بات أمراً ملحاً وضرورياً...
إعادة الهيكلة بين المصارف والمركزي والمالية
مصرف لبنان (مواقع).
Smaller Bigger

عماد جودية

 

يسجل المدير العام لبنك عودة خليل الدبس لحاكم مصرف لبنان كريم سعيد جرأته في مقاربته لموضوع منع التحويلات المالية في أي دعوى تقام ضد المصارف في الخارج عبر التعميم الذي أصدره مصرف لبنان بهذا الصدد بعدما زادت الدعاوى ضد المصارف اللبنانية المقامة أمام بعض المحاكم الغربية. واعتبر أن جرأة سعيد في تعميمه كانت بمثابة وضع الاصبع على الجرح في الذهاب للبدء بمعالجة أزمة الودائع عبر إقرار قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي للتوصل إلى حلول نهائية تحفظ اموال المودعين. 

 

لاشك فيه أن اصدار الحكومة المراسيم التطبيقية لقانون اعادة هيكلة القطاع المصرفي بات أمراً ملحاً وضروريا يجب ان تتوصل اليه بوقت سريع لانهاء الازمة والدخول في معالجة القضايا العالقة حولها واهمها الودائع وكيفية اعادتها لاصحابها.

 

القانون بحد ذاته تنطوي مواده على كمية جافة من التعابير القانونية، وعلى اسلوب التعامل والتصرف تجاه القطاع، خصوصا لجهة تعيين واختيار لجنة خاصة تقوم بدراسة وضع كل مصرف على حدة، لتحديد حجم خسائره والمبالغ المطلوبة من مساهميه لردم فجوته المالية، والتي ستحدد حكما المصرف القادر على الاستمرارية والبقاء او المصرف الآيل للدمج مع مصرف آخر أو المصرف الذي يجب شطبه من لائحة المصارف العاملة.

 

تطبيق هذا القانون يعتمد على معطيات يجب البت بها وإيجاد حلول ناجحة لمعضلاتها قبل الأخذ به. ومنها على سبيل المثال:                                                                   
1- تحديد الجهة المسؤولة عن اعادة الودائع او بالأحرى إعادة الاموال التي اختفت من القطاع المصرفي ومعرفة سبب اختفائها وكيفية استعمالها وهي في هذه الحالة الدولة اللبنانية وحكوماتها المتعاقبة خصوصا منذ عام ٢٠١٠ وحتى تاريخنا هذا. واعتراف الدولة بالدين المطلوب سداده منها سيكون المدخل الاساسي والوحيد لبداية الحلول .
2 - عند اعتراف المدين بدينه الذي يعجز عن سداده وهي حالة دولتنا للاسف يتم تحديد اسلوب السداد وامتداد زمنه وقيمته وطرق التسديد.                               
3 - تحديد حجم الخسارة الناتجة، وتأثيرها وقيمتها الكلية، وكذلك توزيعها على الدائنين لكل مصرف على حدة. 
4- يعالج عند تحديد الخسارة اسلوب انتهاج مبدأ البقاء او الدمج او الزوال لكل مصرف على حدة.   

 

                          
لذلك ان اقرار القانون ومراسيمه التطبيقية لا يعني بدء القدرة على تنفيذه. 

 

بالمختصر وبغض النظر عما اوردناه فان تحديد حجم الخسائر لا يجب ان يعني استقطاعها من أموال المودعين، وبالتالي كل الخطط التي وضعت من بداية الأزمة وحتى اليوم تعتمد كلها على "هيركات" معين لحجم الودائع وهذا الاستقطاع في مجموعه سيشكل حجم الاموال اللازم ضخها لاعادة هيكلة القطاع تضاف اليه زيادة حجم اموال المصارف الخاصة لتعزيزها بعد انهيار سعر صرف الليرة وتحديد حجم مسؤولية كل جهة عن هدر الودائع وسوء تصرف كل منها مما أدى إلى تحقيق خسائر أكيدة ولو كانت على أنماط وأشكال مختلفة . من هنا علينا أن نكون على الحياد واعطاء الراي بكل تجرد وموضوعية:   

 

                    
أولا: المسؤولية الاساسية هي مسؤولية المدين تجاه دائنه، اي مسؤولية الدولة وحكوماتها، منذ أكثر من ٣٠عاما من الانفاق واطفاء العجز في الموازنات السنوية ، وتمويل الهدر في مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة.                                     
ثانيا : مسؤولية الدائن الاول للدولة اي مصرف لبنان على تلبيته طلبات الدولة المالية وتامين القروض لها ولو كانت استنادا للمادة 91 من قانون النقد والتسليف . فقد بلغت ديون مصرف لبنان للدولة حدود  70 مليار دولار، من أصله حوالي 45 مليار دولار، استعملتها الحكومات المتعاقبة لدعم مؤسسة كهرباء لبنان. ولأن مصرف لبنان لا يستطيع تأمين هذا الحجم من الدين بواسطة أمواله الخاصة عمد إلى استدراج الاموال من القطاع الخاص كالمصارف والشركات المالية.                                                              
ثالثا: المصارف هي الفريق الثالث في تحمل المسؤولية تجاه المودعين، ومسؤوليتها هنا (هذا ليس دفاعا عنها) تقع في بند "ثقتها" بمصرف لبنان (هي محقة في ذلك)  أكثر من مسؤوليتها المالية ، فهي قد اودعته كما هائلا من الاموال على شكل شهادات ودائع وحسابات مختلفة واحتياطي الزامي مفروض قانونا عليها، من دون تنبهها لمخاطر هذا الامر، لانها ايداعات عالية الخطورة، لكونها اقرضتها لجهة واحدة فقط ، مع علمها ان مصرف لبنان يقرضها بدوره للدولة، وهنا الاهمال الاول الذي وقعت فيه والاهمال الآخر هو توظيفها الكبير في سندات الدولة المباشرة (اليوروبوند) بمبالغ وصلت إلى 34 مليار دولار والتي قيمتها السوقية اليوم باحسن الاحوال لا تتعدى 6 مليارات دولار .     

                                                                                                                                                      لن تستطيع الحكومة الحالية الخروج بخطة لاسترجاع الودائع ودفعها لاصحابها الا بالتفاوض المباشر مع أصحاب الاموال الاساسيين وهم المصارف العاملة في القطاع. ولان هذا القطاع منظم و منتظم، يصبح التفاوض المباشر اسهل واهين وهذا ما يحتم على الدولة مشاركة الجمعية في ايجاد الحلول ووضع الخطط الناجحة للخروج من هذه الازمة. ولكي تكون الحلول مفيدة فان مشاركة الجميع في التفاوض على اسس متينة وواضحة ستؤدي حتما للوصول إلى "حل واقعي وسليم" يرضي اولا المودعين على اختلاف شرائحهم، وثانيا القطاع المصرفي، وثالثا الدولة التي تنهي بذلك ازمتها المالية حول هذا الموضوع الوطني الذي يهم كل اللبنانيين من مواطنين إلى اصحاب مؤسسات تجارية وصناعية وسياحية ونقابات مهن حرة وصولا إلى شريحة واسعة أيضا من المودعين العرب.                                                           

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 12/3/2025 12:22:00 PM
لا بد من تفكيك شبكات التمكين الإسلامية داخل الجيش السوداني، وعزل قادته الموالين للإخوان... فهذا شرط أساسي لأي دعم دولي لعملية السلام.
المشرق-العربي 12/3/2025 12:18:00 PM
ياكواف كاتس، وهو أحد مؤسسي منتدى السياسة MEAD، والباحث البارز في JPPI، ورئيس تحرير السابق لصحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، يجيب عن هذه الأسئلة في مقال له، ويشير إلى الفوارق بين الماضي والحاضر.
المشرق-العربي 12/3/2025 2:17:00 AM
يطالب القرار إسرائيل بالانسحاب الكامل من الجولان
اقتصاد وأعمال 12/4/2025 3:38:00 PM
تشير مصادر مصرفية لـ"النهار"  إلى أن "مصرف لبنان أصدر التعميم يوم الجمعة الماضي، تلته عطلة زيارة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان، ما أخر إنجاز فتح الحسابات للمستفيدين من التعميمين