جوانا طنّوس
أيا شرقاً مَنْ بِشَمسهِ نوراً للعالمِ أشرقَ
أيا بحراً مضى وسافرَ في كلّ المدى
ثمَّ عادَ إليكَ يا شرقُ بحراً أبيضَ
تاركاً وراءَهُ كَوْناً باردا
إذْ مثلكَ في الآفاقِ ما وجدَ
أيا شرقاً فيكَ الأردنُّ للهِ غَمَرَ
و أرزُ لبنانَ اختارَهُ اللهُ مِنكَ مَعبدا
أيا شرقاً كَتَبَ بأُرجوانِهِ أحرُفا
أيا شرقاً عَزَفَ بأوتارِه آلهة
أيا شرقاً فِرعَونُه ما قَبِلَ
أن يموتَ يوماً و يَرحلَ
أيا شرقاً حَلَفَ صُموداً ومُقاومة
أيا شرقاً مِن زَيْتهِ طَيَّبَ الجِراحَ وصانَها
كَتَبْتَ في تاريخكَ حبّاً و فلسفة
ما بالكَ يا شرقُ دَفَنتَ قلبكَ و وعودكَ؟

تركتَ شعبكَ في الأرضِ مُبعثرا
يا شرقُ من بكى الأنبياءُ من أجلكَ
أبْكَيْتَ مَن أتاكَ ربُّك مِنَ العلى ساجِدا
حرقتَ كلماتٍ، بدماءٍ استَبدلتَها
افتخرتَ بدينٍ و دِنْتَ مُتَعسِّفا
وامرأة أعطَتْكَ حياةً، حياتها منها سَلبتَها
وقتلتَ أمّاً على يدِها طِفلها
أباً كَسرتَهُ وابنهُ حمَّلتَهُ
أملاً كان لنا، سرقتَهُ من منازلنا
فكراً كان ينبضُ حبّاً و حكمةَ
طَعنتَه مئة مرةٍ بقوسِكَ ورصاصِكَ
أأبكيكَ أمْ أبكي على نفسي من قَسوَتكَ؟
أأرحلُ أم يرحلُ جسدي من أرضِكَ
تاركاً روحَه في شوارعِكَ؟
وطعمُ قهوةٍ على رصيفِ بحرِكَ؟
وأحاديثٌ تناثرتْ على صخرتِكَ؟
ورائحةُ صباحِكَ و لَوْنُ مسائِكَ؟
أأكتبُ بقَلمي عن وعودِكَ؟
أم أَمْحو من صَفحاتي ضلالكَ و خداعكَ؟
هل أعودُ يوماً لأرى جُثَثا
انتَظرَتْني وأنا انتَظرتُها؟
أم أعِدُهم بعودةٍ مثلكَ كاذبة؟
هل طُرطِّبُ دموعي جفافَ عُنفكَ،
أم تجفُّ الدّموعُ في صحرائِكَ عَبثا؟
أيا شرقاً ظنَّ نَفسَه منتصرا
أيا شرقاً قالَ إنّه للموتِ لنْ يقبلا
ماتَ وعدكَ
ماتَ شعبكَ
مات فكركَ
ماتَ قلبكَ
وانتَ تظنُّ نفسكَ صامدا؟
كنْ شجاعاً يا شرقُ
و متْ كمحاربٍ باسِلا
واعترفْ بخسارتِكَ
و ما تبقّى ممّا ظننتَه شرفكَ
إذْ صارَ الموتُ لنِفاقِكَ
أرفعُ عزّةً من حقيقتِكَ!
نبض