‏‏ريمون مرهج

‏
‏حينما تغمرنا الرتابة في أوقات الفراغ، نشعر بالخمول، وتضمحل الطاقة، ويصاب الفكر بالشلل الموقت، فنغدو صامتين لا نستذكر أي نشاط لنقوم به، ولا نود فعل أي أمر، فيصاب العقل بالكسل، وتجتاحنا مشاعر الملل والفتور، فتهب في أعماقنا أحاسيس غريبة، تأخذنا نحو اليأس والتراخي، وتُشعل هشيم الشهوة السهلة والرخيصة، فننجذب إلى اللذة على الصعد كافة. 

ولولا أن القيم لا تنبّه الذهن وتردعنا عن الذهاب نحو الخطأ، لكنا غرقنا في أمور شتى في مجملها أفعال رخيصة خاطئة، ومن الممكن أن تسجننا في عالمها ومن أهم هذه الأفعال: المخدرات، الشهوة الجنسية، الإدمان على الكحول وعلى مواقع التواصل في الهواتف فنصبح  مرهقين متقاعسين لا تهمنا الحياة ولا يعنينا المستقبل والأمل أبداً. يتبنّج جسمنا ويتخدر عقلنا فنصبح بلا مقاومة لأي أمر ممكن أن يؤذينا. يصبح التفاؤل وهماً والإيمان نظرية قديمة حتى نصل أحياناً إلى أننا لا نهاب الموت إن أتانا، بل لا يعنينا، وكأننا غدونا خارج كياننا، وكأننا مخلوقات جديدة غريبة عن المجتمع الذي ننتمي إليه. كم أن الملل والروتين خطر حينما تعصف في أعماقنا مشاعر الخمول، فتحجب عن فكرنا أي فعل ممكن أن ننجزه، أي أمر يتطلب منا الحركة والنشاط، فيصيبنا إحساس بالقناعة وأن ليس هناك أي شيء لنفعله، فننسى مثلاً القيام برياضة بدنية او السير في الطبيعة والتأمل بجمالها أو ان نقرأ ونتصفح الكتب لنغذي فكرنا بالمعلومات المفيدة والثقافية أو أن نتحدث مع الخالق ونصلي بشغف وإيمان أو حتى أن نقوم بزيارة عجوز أو مريض، فنتنشق جمال الإنسانية وروعة مشاعر الامتنان بما قمنا به. 
‏الروتين والملل هما حالة تصيب الجميع، ولكن نتخطاها بقوة إرادتنا للحياة ولا نجعلها تستمر لوقت طويل كي لا تكسر قيمة الحياة في أعماقنا. الملل هو شباك الشر الذي نصبه في دروب أيامنا ليصطاد منا الفرح والأمل والإيمان بذاتنا وبالخالق، وبعدها يقضي على روحنا فنغدو خسيسين مرضى والنفس فينا تصارع الوجود. والتخلص من هذه الشباك والمشاعر الرخيصة هو أن تنتفض على ذاتك وتتحرك فتخرج من غرفتك نحو الشمس وأن تنظر للسماء ثم تحدث ربك وتشكره وأن تنظم يومياتك ببرنامج تشغل فيه كل ما هو مفيد وجميل ومريح لقلبك فنحن أبناء النور والرجاء وشعلة الخير في هذه الأرض.
‏
‏
‏