لبنان بين مطرقة الانهيار وسندان السلاح

منبر 05-11-2025 | 11:07

لبنان بين مطرقة الانهيار وسندان السلاح

لم يعد الوضع في لبنان يتحمّل مزيداً من التحليلات الإنشائية أو الوعود الإصلاحية الفارغة، فالدولة الصغيرة التي كانت يوماً منارة للثقافة والحرية، باتت اليوم أسيرة مرض عضال ينهش جسدها السياسي والاقتصادي والاجتماعي
لبنان بين مطرقة الانهيار وسندان السلاح
"السلاح قاتل الدولة" (تصميم النهار)
Smaller Bigger

د. عاصم عبد الرحمن

 

 

لم يعد الوضع في لبنان يتحمّل مزيداً من التحليلات الإنشائية أو الوعود الإصلاحية الفارغة، فالدولة الصغيرة التي كانت يوماً منارة للثقافة والحرية، باتت اليوم أسيرة مرض عضال ينهش جسدها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويدفع ما تبقى من سيادتها نحو الهاوية. يقف لبنان على حافة الانهيار الكامل، لا بسبب الفساد وحده، بل نتيجة هيمنة قوة مسلحة تعمل كدولة داخل الدولة، وتتلقى أوامرها من خارج الحدود.
تُجمع التقارير الدولية على أن لبنان يعيش أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث. فقدت الليرة أكثر من 98% من قيمتها، وتآكلت مدخرات المواطنين، فيما يعيش أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر. المشهد المالي المأسوي يترافق مع شلل سياسي مستحكم، إذ تعجز الحكومة والبرلمان عن اتخاذ أي قرار إصلاحي جوهري في ظل توازنات هشة وصراعات محلية ذات امتدادات إقليمية. وقد وصف المبعوث الأميركي السابق ديفيد هيل الوضع اللبناني بأنه "انهيار شامل في جميع القطاعات"، وهي عبارة تختصر حجم المأساة.

غير أن جوهر الأزمة لا يكمن في الفساد وسوء الإدارة فحسب، بل في وجود سلاح غير شرعي حوّل لبنان إلى ساحة صراع إقليمي. سلاح "حزب الله" الذي يُقدَّم تحت شعار "المقاومة"، أصبح أداة لفرض الإرادة السياسية بقوة الأمر الواقع، ولخدمة أجندة نظام الملالي في طهران. فالترسانة العسكرية للحزب التي تفوق في قدراتها الجيش اللبناني، جعلت قرار الحرب والسلم خارج مؤسسات الدولة، وأبقت لبنان رهينة في لعبة النفوذ الإيراني.
العلاقة بين حزب الله والنظام الإيراني ليست تحالفاً عابرا!، بل تبعية عضوية تمتد منذ تأسيس الحزب على يد الحرس الثوري الإيراني في ثمانينات القرن الماضي. تشير التقديرات إلى أن طهران تقدم سنوياً الى الحزب ما بين 700 مليون إلى مليار دولار، دعماً مالياً وعسكرياً ولوجستياً. وهذا الدعم ليس بدافع "مقاومة إسرائيل" كما يُروَّج، بل لتوسيع النفوذ الإيراني في المنطقة، واستخدام لبنان ورقة ضغط ومساومة في الملفات الإقليمية.
ولم تعد طهران تخفي هذه التبعية، إذ يتحدث مسؤولون إيرانيون صراحة عن دور الحزب في "العمق الدفاعي لإيران"، في استخفاف واضح بسيادة لبنان واستقلال قراره الوطني. هذه الوقائع تضع الدولة اللبنانية أمام مفترق مصيري: إما استعادة سيادتها الكاملة عبر حصر السلاح بيد الجيش، وإما استمرار الانهيار والانزلاق نحو المجهول.
إن المجتمع الدولي يملك اليوم فرصة تاريخية لإثبات جديته في دعم لبنان، ليس عبر المساعدات المالية فحسب، بل من خلال فرض تنفيذ القرارين الدوليين 1559 و1701 اللذين ينصان على حلّ جميع الميليشيات ونزع السلاح غير الشرعي. فمن دون هذه الخطوة، ستبقى كل خطط الإنقاذ الاقتصادي والسياسي مجرد مسكنات موقتة.
لا يمكن للبنان أن يتعافى ما دام سلاحه في يد غيره، ولا يمكن لدولته أن تنهض ما دامت قراراتها مرهونة برغبات نظام الملالي في طهران. إن استعادة السيادة الوطنية وبسط سلطة الدولة على الأراضي اللبنانية كاملة هو الشرط الأول لأي استقرار سياسي أو نهوض اقتصادي.

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/4/2025 6:56:00 PM
شقيق الضحية: "كان زوجها يمسك دبوسا ويغزها في فمها ولسانها كي لا تتمكن من تناول الطعام".
ثقافة 11/2/2025 10:46:00 AM
"والدي هو السبب في اكتشاف المقبرة، وكان عمره وقتها 12 عاماً فقط سنة 1922."
لبنان 11/3/2025 11:23:00 PM
الفيديو أثار ضجة وغضباً بين الناشطين، حيث اعتبر كثيرون أن استخدام الهواتف والإضاءة الساطعة داخل هذا المعلم السياحي يؤثر على السياح هناك.
لبنان 11/4/2025 8:47:00 AM
دعت هيئة قضاء جبيل القوى الأمنية المختصة إلى التحرّك الفوري واتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة الفاعلين