"َأحَبَّني وَبَذَلَ نَفسَهُ عَنّي"

منبر 04-11-2025 | 10:27

"َأحَبَّني وَبَذَلَ نَفسَهُ عَنّي"

يقول باسيليوس الكبير: "الخبزالذي تحفظه في المخبأ هو مُلكُ للجائعين، والذهب الذي تدفنه هو مُلكٌ للمحتاجين. 
"َأحَبَّني وَبَذَلَ نَفسَهُ عَنّي"
قمح
Smaller Bigger

الاب ايلي قنبر 

 

 

 

مَن سارقُ الجماعة؟
يقول باسيليوس الكبير: "الخبزالذي تحفظه في المخبأ هو مُلكُ للجائعين،
 والذهب الذي تدفنه هو مُلكٌ للمحتاجين. فأنت مُجْحفٌ بحق الذين تستطيع أن تسدَّ حاجتهم ولا تفعل". ما أقوى هذا الإنذار الذي يُوَجِّهُه هذا النبيّ العظيم في وَجه مَن سمّاهم مثَل "الغنيّ ولَعازَر" مَن "َيَتَنَعَّمُ كُلَّ يَومٍ تَنَعُّماً فاخِراً" و"ينال كلّ يوم الخيرات" غير آبِهٍ بـ"مِسكينٌ ٱسمُهُ لَعازَرَ، مَطروحاً عِندَ بابِهِ مُصاباً بِٱلقُروح. وَكانَ يَشتَهي أَن يَشبَعَ مِنَ ٱلفُتاتِ ٱلَّذي يَسقُطُ مِن مائِدَته".

 

في المقابل، وتحت سِتار "حماية البيئة وحفظ الأسعار عالميّاً، أميركا تُلقي بالقمح في المحيط وأوستراليا تَقتل الإبل بالرصاص بدلاً من تصديرها إلى"الدول الإفريقية الفقيرة، والتي في حاجة إلى الغذاء واللُّحوم والبْرُوتين". هذا ما أكَّده هاورد فرانتش الذي اعترف عن الغرب المُستَعمِر: "القوى الإمبريالية لم تسرق التحف الفنية والآثار من أفريقيا فحسب، بل سلبتها مستقبلها أيضاً"... الأمر الذي تحدَّث عنه باسيليوس: "يا مَن تدَعُ قمحك طعاماً للفساد ولا تُطعِم الجائعين!"
من هو سارقُ الجماعة إذن؟ أليس من يخصُّ نفسه بما هو للجميع؟ "أنت يا مَن تلتهم كلّ شيءٍ، يَصرخ باسيليوس، أتظنُّ أنك لا ترتكب إجحافاً بحقّ أحد، عندما تَحرم الضروريّ عن هذا العدد الكبير من المحتاجين؟".
"ألا تكون سارقاً للجماعة أنت الذي تحتفظ لنفسك بما أُعطِيتَه لتُوزّعه على الآخرين؟"، يُمكننا أن نستَعين بعُيون باسيليوس للتعرُّف إلى سارقنا / سارقينا "هنا والآن"؟
تلك "حال الأغنياء، يُضيف باني "مدُن المحبّة": يعتبرون الخيرات العامَّة مُلْكاً خاصّاً لهم، لأنّهم استَولَوا عليها قَبل الآخَرين"، ويستَدرك أيضاً: "لو كان كلّ إنسان يأخذ من أمواله ما يكفي لسَدِّ حاجاته، ويترك الفائض عنه لمَن ينقصه الضروريّ، لمَا بقيَ على الأرض غنيّ أو فقير". هذا الكلام قيل قبل أكثر من الف وخمسمئة سنة يبقى آنيّا.

"فَإِن عُدتُ أَبني ما قَد هَدَمتُ، جَعَلتُ نَفسي مُتَعَدِّيا"
نعم، الانسان الصالح يختار البِرَّ طَوعاً لأنّه كائنٌ بنّاء. هذا ما كانه يسوع الناصريّ في حياته وسيرته ويُشهَد له أن لم يُمسِك احدٌ عليه خطيئة. لقد جاء "ليَشهدَ للحقّ" على ما صرَّح أمام بيلاطُس. لا بل كان هو "الحقّ".
في العُموم، يُقال:"جُلَّ مَن ؿ لا يخطئ". ولكن في السياسة هل من إنسانٍ لا يُخطئؿ؟ في معرِض طرح السؤال:"هل امتِهان الكذب في السياسة قدَرٌ محتوم؟" و"هل الصِدق في السياسة أمرٌ غير واقعي والأخلاقيّات السياسيّة ضربٌ من الخيال؟"، أجاب الكاتب أن "من الصعب جدّاً مُحاكَمة سياسيّ في موقعٍ عامّ فقط لأنّه كذَب. في بعض المرّات يُحاسبه الرأي العام. لكن الكذِب في السياسة ليس جريمة... بِنيامين نِتِنياهو الّذي وُجّهت إليه اتّهامات بالفساد، حوكم في قضايا فساد تتعلَّق بـ"الكذِب والتضليل" كما جاء في الإتّهام". ويُشير سمير قسطنطين في مطرحٍ من المقالة الى أن "أعتقد أنّه من الصعب جداً التعاطي المباشر بالشأن السياسيّ والبقاء نقيّاً".
في هذا الإطار، وفي مؤتَمَر شهير برلين 1884-1885، "قسَّمت القِوى الإمبريالية الكبرى القارَّة الأفريقيّة لتَحقيق غايات لا ترتبط بالعبوديّة التي كانت في طريقها إلى الزوال، بل لفَرض سيطرتها السياسيّة، والاستِحواذ على الموارد، وإنشاء أسواق للسلع المتدفّقة من اقتصاداتها التي أصبحت صناعيّة لِلتَوّ بطريقة تصُبّ في مصلحتها". هكذا "تعرّضت (أفريقيا) لهَجمَة ديموغرافيّة مدمِّرة حين كان العالم مُنشغِلاً بدَمج كامل أجزائه للمرّة الأولى في تاريخه"، وبتَواطؤ من السلطات الدِّينيّة غالباً.
لقد مَرت 108 سنوات على وَعدٍ كافِر، وَعد بِلفور. في حين هناك بلد مستقلّ لليهود قام في 1928 ويُعرَف بجمهوريّة أوبلاست أو بيروبيدجان أوBirobidzhan) -) تقع جنوب شرق روسيا - لا يُريد الصهاينة ولا أيٌّ من حُلفائهم الاستعماريِّين الحديث عنها. وهو يُشكِّل الحل العَبقري للقضية الفلسطينية كما ترى السيّدة ميشيل رينوف. تأسست بدعم وتشجيع من يهود أميركا و"تُمثِّل الوطن الأول لليهود في العالم". وقد ظلت كذلك إلى أن "ظهرت الفكرة الصهيونيّة بتَوطين اليهود في فلسطين...". من هُنا دعوة السيّدة رينوف "الدول الـ 191 الأعضاء في الأُمم المتّحدة الى أن تختار هذا الحلّ، وتدعمه من دون خوف من أيِّ اتّهامات بمُعاداة الساميّة".

إبنُ الله "أَحَبَّني وَبَذَلَ نَفسَهُ عَنّي"
"أَنا حَيٌّ، لا أَنا بَعدُ، بَل إِنَّما ٱلمَسيحُ حَيٌّ فِيَّ". حاول يسوع أن يُبيِّن لنا الجوهريّ في حياتنا... أي عبادة الإلَه "بالروح والحقّ" لا المال. هذا يعني أنّ كلّ ما لدَينا من مواهب ومؤهَّلات هي لنا وللآخَر/ى. هي أمانة من أجل "جسَد المسيح"-جميع الناس. في "وليمة الحمَل"نتقاسم الخبز والخمر ونتشارك بهما في وَحدة في ما بيننا في المسيح يسوع الذي تناولناه، لِنُصبِح كنيسة"... كلَّ شيءٍ موجودٌ في إنجيل الفقراء..."، يُشير الأب جان كُوربُون.
في وقتٍ تتضاعَف فيه الفروق الاجتماعيّة وتزداد رُسوخاً، هل يستطيع أخي/أختي أن يرى فيّ مَن "أَحَبَّني وَبَذَلَ نَفسَهُ عَنّي"؟

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

كتاب النهار 11/3/2025 5:40:00 AM
يكفي الفلسطينيين إساءة الى لبنان الذي حضنهم، وإساءة الى اللبنانيين على مختالف فئاتهم ومكوناتهم
ثقافة 11/2/2025 10:46:00 AM
"والدي هو السبب في اكتشاف المقبرة، وكان عمره وقتها 12 عاماً فقط سنة 1922."
النهار تتحقق 11/3/2025 10:29:00 AM
تظهر المشاهد الرئيس عون في قاعة كبيرة، وسط أشخاص. وفي المزاعم، "كان يزور "معرض أرضي" في الضاحية". هل هذا صحيح؟ 
وُلدت دواجي في هيوستن بولاية تكساس لأسرة سورية، وقضت طفولتها بين الخليج والولايات المتحدة بعد انتقال عائلتها إلى دبي وهي في التاسعة من عمرها.