لبنان... حين اصبح الموت جزءاً من الحياة

منبر 29-10-2025 | 10:23

لبنان... حين اصبح الموت جزءاً من الحياة

في بلدٍ يتنفس الخوف، لم يعد الموت حدثاً استثنائياً بل أصبح خبراً يتكرر يومياً حتى فقد الناس إحساسهم بوقعه. 
لبنان... حين اصبح الموت جزءاً من الحياة
فريق الإغاثة والطوارئ خلال سحب الجثة (النهار)
Smaller Bigger

فرانسيسكا موسى

 

 

في بلدٍ يتنفس الخوف، لم يعد الموت حدثاً استثنائياً بل أصبح خبراً يتكرر يومياً حتى فقد الناس إحساسهم بوقعه. في لبنان، تتسلّل رائحة الخوف مع كل نسمة هواء، تسكن الشوارع والبيوت والقلوب، كأنها جزء من تفاصيل الحياة اليومية. الليل لم يعد للراحة، والنهار فقد طمأنينته، في وطنٍ كان يُعرف بصموده، لكنه ينهار اليوم بصمت تحت وطأة الفلتان الأمني.
كل يوم، يستيقظ اللبنانيون على جريمة جديدة: شاب يُقتل بدمٍ بارد بسبب خلافٍ عابر، أمّ تنتظر عودة ابنها فلا يعود، وجارٌ يفتح عينيه على صوت رصاصٍ يخترق جدار الليل. لم يعد السؤال من القاتل، بل من التالي؟ فالجريمة لم تعد استثناءً، بل تحوّلت إلى مشهدٍ مألوفٍ في بلدٍ يتقاسم فيه الناس الخوف بدل الأمان. الوحشية لم تعد مجرّد فعلٍ إجرامي، بل أصبحت انعكاساً لغضبٍ اجتماعيٍّ متراكم. فالفقر والجوع والبطالة وانعدام العدالة تحوّلت إلى بارودٍ ينتظر شرارة، والشرارة تشتعل يومياً في وجه مجتمعٍ أنهكته الأزمات الاقتصادية والسياسية، حتى صار العنف وسيلة تعبيرٍ عن وجعٍ لم يجد من يسمعه. يُجمع خبراء الأمن والاجتماع على أنّ تآكل سلطة الدولة وغياب المحاسبة فتحا الباب واسعاً أمام ثقافة العنف لتتجذّر في المجتمع. فبينما تغرق القوى السياسية في دوّامة الاتهامات المتبادلة، يجد المواطن اللبناني نفسه أسير الخوف والعجز، يدفع يومياً ثمن سقوط المؤسسات وضياع العدالة وانكسار الثقة بالقضاء والأمن. في ظل هذا الانهيار، تتفشّى حوادث إطلاق النار والنزاعات المسلحة كما لو أنّ الدم أصبح لغة الاعتراض الوحيدة، بلا رادعٍ يوقفها ولا قضاءٍ يُنصف الضحايا. العدالة باتت غريبة عن مسرح الجريمة، والرصاصة صارت أسرع من القانون.

لبنان اليوم لا يحتاج إلى "خطة أمنية" تُسكِت الرصاص موقتاً، بل إلى مشروع وطني يُعيد بناء فكرة الدولة من جذورها، ويستعيد هيبة القانون وقيمة الإنسان. يحتاج إلى من يرمّم قلبه المرهق، ويمنح الخائفين حقّهم في الطمأنينة. فالوطن الذي يعتاد الدم، لا يموت من نزيف جسده فحسب… بل من فقدان روحه وإنسانيته أيضاً.
إلى متى يبقى اللبناني يعيش بين خوف الأمس وقلق الغد، بلا دولة تحميه ولا عدالة تُنصفه، وهل يمكن لوطنٍ اعتاد صوت الرصاص أن يستعيد يوماً نبض الحياة؟

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/25/2025 1:09:00 PM
تأتي هذه الخطوة في وقت تعاني فيه العديد من المدارس السورية نقصاً حاداً في المقاعد الدراسية
اقتصاد وأعمال 10/28/2025 10:49:00 AM
يعطي المدعي العام المالي القاضي ماهر شعيتو عناية خاصة لملف المبالغ المستعادة ومتابعة كل تفاصيله.
النهار تتحقق 10/28/2025 1:58:00 PM
أثارت الصورة تساؤلات عن صحتها، خصوصاً انه ليس من المألوف ظهور رئيس البرلمان اللبناني بالدشداشة والشبشب. 
لبنان 10/27/2025 8:02:00 PM
أثار خبر مقتل الشاب إيليو أبو حنا برصاص فلسطيني في مخيم شاتيلا عضباً لبنانياً كبيراً.