مناجاة من الصميم
ريمون مرهج
هناك ما هو أعظم من اليشر وأرفع من أفكارنا، هناك ما هو أسمى وأجل من مشاعر الناس جمعاء، هو في أعماقي يصرخ وينده عليك تعالي يكفي غربة وبعاداً، تعالي قبل أن تهب رياح الجفاء فييبس الإحساس من مهجتي وعروقي وتغدو روحي صماء كالصنم. هلمي يا ملاكي أقبلي إليّٓ فقلبي ينعصر ألماً ويضغط الحنين على نبضات وجوده. يا سيدتي، أنت لست كباقي النساء. تعالي يا نسيم الحياة فما بيننا جنين خُلق من رحم روحنا الواحدة وأضحى على هجرانك مشلوحاً على أرصفة النسيان ويمكن أن ينتهي ويختنق إن بقيت أنفاسك بعيدة عنه.

نعم أنت تقطنين بين ضلوعي دوماً ولكن جوارحي تحتاج لسماع صوتك وهمسات حبك ولو بكلمة تجعلني أتنهد فأحيا. أفتقر الى برهة ألمح بها وجهك ولو حتى صورة لك تزين صفحاتك، أتأمل عينيك فأحتسي منهما نور الحياة والبهجة. أنا فقدت معنى السعادة والشعور بقوة مواجهة العالم بعدما فارقتني فغدا فؤادي المتفحم جمراً، ولكن بعد زمن قليل من هجرانك سيصبح رماداً تتطايره رياح القسوة والهوان. النسر لا يحيا في الأعماق وإن عجزت أجنحته عن الخفقان كالمعتاد وسقط في الوهاد حيث يعيش معظم المخلوقات عندها سيختار الموت على أن يبقى مشلولاً يتنقل على قدميه كالعاجز المتسول للحياة، بعدما كان يحلق في الفضاء ويتنشق العزة والكرامة والنبل والحرية. هكذا أنت يا جناح روحي، فغيابك إن طال ستتهاوى روحي في وادي هذا المجتمع السحيق حيث لا قيمة للمبادئ ولا للحب الطاهر ولا للإنسان، في زمن غدت فيه المادة والشهوات هي الهدف الأساس للبشر .
هناك ما هو أعظم مني ومنك يا ملاكي، رابط وُلد في ساعة لقائنا. خُلق من نسمة السماء ووهج الشمس ونما تحت ظلال السنديان. هناك مع تغاريد الصلاة ونفحة الشموع الممزوج بعطور أزهار الطبيعة، هناك في معبد روحنا مهد روحنا وُلد، نما وكَبُر.
ملاك الروح مهما اختطيت من مداد روحي كلمات ونصوصاً فلن أستطيع أن أُفرغ من كأس الوجع إلا بضع قطرات فقط. فما بيننا أسمى وأرقى من العالم أجمع. تعالي ولا تترددي يكفي عذاباً لروحك قبل روحي.
نبض